عاجل
الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
جيل الجهاد من الميدان إلى البناء

جيل الجهاد من الميدان إلى البناء

بقلم : وليد الغمرى

بعد مرور سبع سنوات على ثورة يناير العظيمة.. سيظل جيل يناير هو ذلك الجيل الذي أزاح الستار عن عورة نظام حمل بكل معانى الفساد.. وسيظل هذا الجيل ومعه أجيال سابقة ولاحقة عليه.. يدفعون فاتورة التآمر الذي عاشته مصر منذ ذلك اليوم.. وهو ما دفع بكل من حاولوا الكتابة والتأريخ عن هذا اليوم إلى الوقوع في شرك التوصيف السياسي غير المكتمل للحدث.



فمنهم من رأوها ثورة حقيقية على الظلم والفساد والاستبداد السياسي.. ومنهم من رأوها ثورة مصنوعة في دواليب غرف المخابرات الدولية لإسقاط الدولة المصرية.. ومنهم من رأوها نصف ثورة ونصف مؤامرة كما حاول البعض توصيفها.

لكن الحقيقة تكمن في أن للجميع وجهة نظره الصحيحة من زاوية الرؤية التي وقف عندها ليرصد الحدث.. ويبقى المؤكد بعد سبع سنوات من تاريخ هذا الزلزال السياسي الذي ضرب مصر.. أن هناك أرواحًا ودماءً أريقت وهي تبحث عن ثلاث قيم غائبة في بلادنا هي: "العيش والحرية والكرامة الإنسانية" ووسط رحلة البحث عن مفردات هذه الثورة، لا يمكن لأحد أن ينكر أن هناك سرطان "المتأسلمين" الذي قفز على الحدث كي ينهش ما يستطيع نهشه من أجل إعلاء مفاهيمه الخاصة، حتى ولو كان ذلك على جثة فكرة الجمهورية ذاتها.

على جانب آخر فوجئ الجميع أن معظم قيادات الحدث الشبابية التي سارت خلفها جموع الشعب.. هم أيضا كانت أياديهم ملوثة بتمويلات قذرة من كل حدب وصوب.. وهو ما دفع بالقول إنها ثورة تمت صناعتها في غرف المخابرات الغربية.. وتم تنفيذها بأيادٍ شبابية.

ووسط هذا العبث السياسي ظل المواطن المصري البسيط وحده هو من يدفع كل الفواتير.. هو وحده الذي عرف معنى سقوط أو إسقاط الأمن في شوارعه.. ومعنى أن تتوقف الحياة الاقتصادية.. ومعنى الفوضى حين تحلق فوق رأسه في ميادين المحروسة.. عرف المصريون معنى أن يقرروا في لحظة تاريخية تغيير النظام السياسي عبر الميادين الثائرة.

وربما كان أعظم ما تحقق في هذه الثورة- إن جاز لي أو لغيرى تسميتها ثورة- هو سقوط ورقة التوت التي كانت تغطى عورة التيار المتأسلم.. والذي يتخذ من الدين تجارة وسلعة.. لكى يتحكم في مقدرات الأمة.. ويعلم الله أن الإسلام منهم براء.. فقد عرف المصريون وبشكل لا يحتمل التأويل.. معنى الحكم الديني، حين يقفز على هرم السلطة.. ومعنى أن تنتهى فكرة الجمهورية، بحدودها الجغرافية ومفاهيمها المعروفة لدينا.. وكيف بحث هؤلاء عن فكرة تاريخية، سقطت دينيا، قبل أن تسقط عبر بوابات التاريخ.. وهي فكرة "دولة الخلافة".

ووسط فاتورة الدم الذي دفعها المصريون، طيلة السنوات الماضية، ولا تزال تدفع حتى يومنا هذا، استطاعت مصر بشعبها وحراسها السريون والمعلنون، أن تقفز عبر الوجع لكى تتخلص من الحكم الديني، ثم تدخل حرب الهوية والوجود، وتنتصر في عدة شهور قليلة، ثم تدشن إلى عصر جديد من البناء، وتعلن وحدها منفردة أنها تتصدى لمعركة الارهاب على أراضيها، وبمنتهى الجبروت الإنساني للشخصية المصرية، تعلن مصر والي الأبد سقوط الحكم الديني على أراضيها، وتحاول بمنتهى السلمية صناعة دولة جديدة.

ورغم هذا يظل أبناء جيل يناير هم السواد الأعظم من شعب مصر، الذين يبدو أن التاريخ سوف يقف حائرًا كثيرًا فيما تعرضوا له من ظلم، خاصة وأنا أعتبر نفسى واحدًا من أبناء هذا الجيل، الذي خرج من بيته وهو يحمل روحه مع الملايين غيره على كف يديه، لا فرق عنده بين خروج 25 يناير ولا خروج 30 يونيو، فالهدف في كل مرة كان تطهير الأرض ممن احتلوها، مرة باسم الاستبداد السياسي، ومرة أخرى باسم الاستبداد الديني.

نحن الذين لم تتلوث أيادينا في ميادين الثورة بالتمويلات الأجنبية، ولا التمويلات الداخلية، اللهم أننا كنا قد وهبنا أرواحنا من أجل هذا الوطن، وحين نادي المنادي أن الزموا بيوتكم كى لا تعم الفتنة، كنا أول من التزم.. وحين نادي المنادي حيا على الجهاد كى نبنى، شمرنا عن سواعدنا.. لنبني طرقًا، ونشق قناة، ونحفر أنفاقًا، ونبنى مصانع وبيوتًا للناس.. عسى أن تكون شفيعة لنا يوم أن يسألنا التاريخ بماذا فعلتم بمصر في أيام الحزن.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز