عاجل
الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
تعليم فني متميز = تنمية شاملة
بقلم
باسم بدر

تعليم فني متميز = تنمية شاملة

بقلم : باسم بدر

التعليم الفنى أساس التنمية التكنولوجية فى أي مجتمع، حيث إنه المسئول الرئيسي إن لم يكن الأوحد عن إكساب الفرد المعلومات الفنية وكذا المهارات العملية التى تمكنه من تنفيذ عمله على الوجه الأكمل.



كما إنه مسئول عن إعداد الفنى المتطور الذي يمكنه العمل في الداخل والخارج.

ولكن للأسف لدينا عدة أزمات في هذا النوع الاستراتيجي من التعليم - باعتبار التعليم الفني أمنًا قوميًا بصفته المسئول عن التقدم- تشكل خطورة على سوق العمل، وجودة المنتجات سواء الصناعية أو الفنية أو الزراعية ما يستتبع أزمة فى الاقتصاد العام، وهو ما يتضح أمامنا حاليا.

 وعلى رأس تلك الأزمات، نظرة المجتمع للتعليم الفنى على أنه تعليم من الدرجة الثانية، بالإضافة إلى ندرة المعلمين الأكفاء فى مجالات التعليم الفنى، وأيضًا تواضع مستوى المناهج التى يتلقاها الطلاب، وانفصالها عن سوق العمل داخليًا وخارجيًا، وغياب خطة واضحة للتدريب أو التعليم الفني، والنظر إلى خريج المدارس الفنية على أنه عمالة لا وجود لها، حتى أنه يمنع من استكمال دراسته الجامعية إلا بشروط جمة، ولا يتاح له إلا القليل من الكليات، وازدياد أعداد خريجي المدارس الفنية دون فرص عمل، ناهيك عن النظر للتعليم الفني بوصفه فرصة للهروب من الثانوية العامة، وللأسف غياب الرؤية القومية للاحتياجات التدريسية والتدريبية وكذا غياب خطة التدريب والتعليم الفني.

كل تلك الأزمات تتجسد أمامنا كل يوم في معاناة سوق العمل من افتقاد العمالة الماهرة وحتى شبه الماهرة.

ولعل هذه الأزمات وغيرها هي ما دفعت المشرع لكي يخصص المادة رقم (20) من الدستور الحالي الصادر في (2014) للحديث عن التعليم الفني المسئول عن التطوير الجذري في كل أركانه، وقد نصت تلك المادة على أن "تلتزم الدولة بتشجيع التعليم الفني والتقني والتدريب المهني، طبقا لمعايير الجودة العالمية، وبما يتناسب مع احتياجات سوق العمل".

وأعتقد أن الحل من وجهة نظري ليس سهلًا، ولكنه أيضا ليس مستحيلًا إذا توافرت النية لإصلاح التعليم الفني بالفعل لا بالقول، وهو ما يستتبعه تقدم تكنولوجي وصناعي وزراعي.

هذا الحل يكون بتعديل المنظومة بالكامل، لأنني أعتبر المنظومة التي تفشل لمدة 50 عاما في تخريج فني ماهر منظومة فاشلة.

وذلك بالعمل على الربط بين خريجي التعليم الفنى واحتياجات سوق العمل، وتطوير الخطط الدراسية والمناهج وطرق التدريس والتقويم، وإدخال برامج لتدريب المرأة وذوى الاحتياجات الخاصة مع الاهتمام بالحرف والصناعات التقليدية، ونشر الوعى بين أوساط المجتمع بأهمية التعليم الفني والتدريب المهني، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في التعليم الفني والتدريب المهني.

كما يمكننا استنساخ ركائز إحدى أنجح تجارب التعليم الفني، وهي التجربة الألمانية، حيث كان التعليم الفني هناك السبب الأساسي الذي نقل ألمانيا من الهزيمة الكبيرة في الحرب العالمية الثانية إلى قيادة أوروبا.

وهي التجربة الجديرة بالدراسة والنقل لنا، حيث إن تطبيق هذه التجربة هنا يمكن أن يعدل النظرة السطحية للتعليم الفني ويضعه في مكانه اللائق به على خريطة الاهتمام الشعبي والرسمي، وإحداث التنمية المنشودة.

حيث يسلك أكثر من 80% من الشباب في ألمانيا طريق التعليم المهني في المدارس والمعاهد المتوسطة في حين لا يلتحق أكثر من 15% منهم بالجامعات.

كما أصبحت الجامعات الألمانية توفر منذ سنوات إمكانية التأهل للالتحاق بها عبر ما يعرف بالطريق التعليمي الثالث وهو طريق التعليم المهني، حيث يمكن أن يعوض عن الشهادة الثانوية.

بل إن باستطاعة البعض الالتحاق بكليات قمة مثل الطب والصيدلة بهذه الطريقة أيضًا.

كما أن ٥٥٪ من طلبة الجامعات الألمانية الذين لم يحصلوا على الثانوية العامة يدرسون فى كليات القانون والاقتصاد والعلوم الاجتماعية، فى حين أن واحدا من بين كل خمسة منهم يدرسون العلوم الهندسية!

وهناك نظام تعليمي فني في مصر تم تطبيقه خلال تسعينيات القرن الماضي وهو ما يعرف بـ"مبارك - كول" ينبغي علينا تنميته وعلاج سلبياته، والتي أهمها أنها جعلت تقييم الطالب الأساسي في يد الشركة التي يتدرب فيها، وهو للأسف ما دفع البعض للتعنت مع الطلبة ومحاولة تسخيرهم أحيانا في أعمال النظافة.

وليس معنى هذا أنه نظام رديء، بل بالعكس النظام ممتاز، ولكنه يحتاج لإعادة تقييمه كل فترة للوقوف على سلبياته والعمل على تلاشيها مستقبلا.

وفي النهاية أود أؤكد أننا في حاجة ماسة لتطوير نظام التعليم الفنى ليكون هادفًا وفعالًا، يخدم السوق المحلية على الأقل، وليس تطويرًا على الورق فقط، وتغيير شكل الكتاب  من الخارج، وتفريغه حتى من مضمونه باسم التطوير!

نقطة أخيرة: المعلم هو نواة التعليم سواء العام أو الفني، فليس هناك تطوير بدون الارتقاء به، تدريبيًا وماديًا، حتى يكون الارتقاء فعليا.

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز