عاجل
الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
الشعب يسأل : نِتكلم مع مين ؟!

الشعب يسأل : نِتكلم مع مين ؟!

بقلم : محمد عادل

كان صالون عم "ناصر" لِلحِلاقة - على غير العادة - غير مُزدحم ! .. رُبما لأن الناس في رمضان تكتفي بعد الإفطار بِمُشاهدة التليفزيون، ومُحاولة قص أوقاتهم لِمُشاهدة المُسلسل هذا أو البرنامج ذاك، حتى يتسنى لهُم التهام ما تستطيعه أعينهُم مِمَا يُعرض وقتها .. لم يكُن عم "ناصر" – على غير العادة – رائق الحال في هذا اليوم الذي ذهبتُ إليه فيه، وحينما سألتُه عن السبب، أخبرني بِأنه قلق جِداً على شقيقه، الذي أغلق صالونه لِلحِلاقة، وسافر مِن "السويس" لإعتصام "رابعة العدوية"، تاركاً زوجتهُ وطِفله وطِفلتُه خلفه بِدُون أي "مليم" ! .. هو مِن المؤيدين لِـ "مُرسي"، ولن يعود لِمَنزله إلا إذا عاد لِلكُرسي، قالها عم "ناصر"، وأكمل : "أنا مِش عارف الناس دي عايزة إيه ؟!" .. سأل سؤاله، في الوقت الذي أحاطت بِنا فيه دوامة الأخبار التي أصبح عم "ناصر" لا يُركز سوى عليها في التليفزيون الصغير الذي يملكه داخل المحل، غير مُهتم بِطلبات بعض الزبائن في أن يروا "حاجة تِخفف عنهُم شوية"، فما كان سوى أن يُصبر الزبائن بِقوله بأنه يُريد الإطمئنان على أخبار "رابعة" أي على شقيقه هُناك، يتفهم الزبائن، في الوقت الذي يميلُ فيه أحدهُم على كتف الآخر قائلاً : "سِمعت إن النور بقى بيقطع على غزة دِلوقتي كثير جِداً"، فما كان سوى أن رد : "ربنا يظلمها عليهُم كمان وكمان، سمعت عن المُصالحة الوطنية ؟" .



 
رد :
 
"هأو" ! .
 
؟!
 
سألتُ عم "ناصر" : "هل شقيقك مُتعلم ؟"، فأجاب : "لا ! .. ولِهذا أعذُره، لكني غير مُتفهم لِلمُتعلمين هُناك، مِنهم الأطباء، المُهندسين، وغيرهم، كيف يتم اللعب في أمخاخِهم بِهذه الطريقة ؟!" .
 
؟!
 
**
 
كان الظُهور الأول لِلمُرشد العام لِلجماعة "د. محمد بديع" على مِنصة "رابعة العدوية" مُفاجئاً لِلجميع، إلا أن ما فاجئني شخصياً، هو رؤيتي لِلمُخرج "عِز الدين دويدار" على نفس المَنصة، بِالقُرب مِن "بديع" ! .. و رغم أنني كُنتُ قد أجريتُ مع "دويدار" حِواراً بِشأن مشروع "سينما النهضة" الذي كان يدعو إليه قبل سُقوط الإخوان، وسألتُه السِر في أن يتم ربط اسم المشروع بِمَشروع الرئيس المَعزول "د. محمد مُرسي"، فقال بِتاريخ 16 فبراير 2013 في مجلة "روزاليوسف" : "تعبير النهضة نُنادي بِه، حتى مِن قبل قيام ثورة 25 يناير، فدائماً ما يُكتب أن هناك أزمة بِالسينما ونُريدُ أن ننهض بِها، والمشروع سينمائي خالص، غير مُرتبط بأي مشروع سياسي، ولا يُدافع عن موقفٍ لأي تيارٍ سياسي" ! .. وسألتُ "دويدار" وقتها ما إذا كان مُنتمياً لِجَماعة الإخوان المُسلمين، فأجاب : "أنا سينمائي، بعيداً عن أي توجه، ولا توجد لدي مُشكلة مِن أن أُعلن توجهي، لكن هذا يتم في معرض عملي السينمائي" ! .
 
تذكرتُ هذا، في الوقت الذي قرأت له بعدها تصريحاً على موقع التواصل الإجتماعي Facebook : "بِالمُناسبة خيرُ أجناد الأرض هُما اللي مُعتصمين في رابعة" ! .
 
؟!
 
**
 
كانت عِلاقتي بِالشاعر "عُمر سامح" لم تتجاوز قبل ثورة 25 يناير حِوار ضِمن مجموعة حِواراتٍ في عددٍ خاص لِمجلة "روزاليوسف" عن "الشِعر والشُعراء المِصريين الآن"، وقتها عرفتُ أن المجلة طلبت في أحد أعدادها أن يقوم الشُعراء بِمُراسلتها، لإختيار أفضل مَن يُقدم قصائد، لِنشرها في المجلة، واجراء حوارٍ معهُ، وكان المسئول عن هذا معنا الشاعر "أسامة عبد الصبور" .
 
كان انطباعي الأول عن "عُمر" أنه شاب مُهذب، انطوائي بعض الشئ، يُجيد الشِعر، ولهُ وِجهة نظر فيما يكتُبه، بعد حواري معه ونشره على صفحات المجلة لم أُقابله أبداً، فقط أصبحنا على عِلاقة بسيطة على الـ Facebook لا تتعدى "السلامات"، إلا أن آراءهُ السياسية كانت قبل ثورة 25 يناير "جنب الحيط"، اللهم سوى مِن أشعاره التي كانت تُشي بِـ "شئ ما"، لكن بعد 30 يونيو لم أكُن أتخيل أن يكتب هذا الشاب المُهذب في يومٍ ما على صفحته الخاصة :
 
"وزير الداخلية أكد أن أهالي رابعة والنهضة قاموا بِعَمل مَحاضر ضِد مُعتصمي رابعة والنهضة، وسيتم انهاء هذا الإعتصام قريباً في اطارٍ قانوني. . طب أهالى رابعة وفِهمنا، مُمكن تكونوا ستّفتوا المَحاضر مع شويّة من سُكّان المنطقة (اللي معروف إن كتير منهم ظُبّاط جيش)، لكن ماذا عن أهالي النهضة ؟! .. مفيش غير حيوانات الجنينة، بس أنهي حيوانات عملت محاضر يا ترى ؟ .. أكيد هُمّا مفيش غيرُهم .. الحُمار الوحشي أو السيسي" ! .
 
لم أستطِع وقتها تمالك نفسي، فأصابعي أخذت بِسُرعة في كتابة الإفيه الشهير رداً عليه  :
 
"وكما قال صلاح عبد المقصود : ابقى تعالى وأنا أقولك فين"
 
اعتبرتها وقتها دُعابة، فما كان مِن "عُمر" سوى أن يمسحني تماماً مِن عِند قائمة أصدقائه، فقط لِمُجرد أني قُلت "افيه" !
 
؟!
 
**
 
لم تجمعني بِـ "د. محمد حِجازي"، الطبيب المُهذب، سوى رِحلة يتيمة لِـ "حلايب وشلاتين"، في اطار تقديم المُساعدات والتغطية الصَحفية، كُنتُ وقتها لمستُ فيه الإهتمام بِالمَرضى لأقصى درجة، ومُحاولته تقديم المُساعدات على قدر ما يستطيع، كان يبتعد في حديثه معنا عن التوجه السياسي، إلا أنني لمست فيه قُربه نوعاً لِتيار "الإسلام السياسي"، وهو ما تأكد لي حينما كتب على صفحته الخاصة بِالـ Facebook ، قبل نُزول الشعب المصري في جُمعة "لا لِلإرهاب" :
 
"اليوم في ذِكري غزوة بدر 17 رمضان 1432هـ مَن مِنكم راجع سيرة الحبيب النبي صلي الله عليه وسلم في هذه الغزوة ؟ .. من منكم قرأ قول الله تعالي :(وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ۚ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ)" .
 
أيضاً يدي لم تتمالك هذه المرة سوى أن أرد عليه :
 
"غزوة إيه ؟! .. وبدر إيه يا دُكتور ؟! .. إحنا في مصر لو ماكُنتش واخد بالك" .
 
وأيضاً كنوعٍ مِن الدُعابة .. إلا أن الدُعابة جاءت إليه بِشكلٍ ما، ليرد :
 
"خلاص نِلغيها مِن التاريخ إيه رأيك ؟"
 
؟!
 
**
 
في إحدى المُقابلات مع صديق مُهندس "اخواني"، شعرتُ لِفترة بأنه لا يُمكن أن نكون قريبين مِن بعضنا في إحدى الرحلات التي جمعتنا، فوقتها جمعنا موقف نتناقش فيه حول السبيل في أن تكون مصر بلداً يتمتع فيه الجميع بِالحُرية، وقُلتُ وقتها :
 
"أن يُمسك أحدنا الآخر (ع الواحدة) في آراءه أو مُعتقداته أو غيرها لا يُمكن أبداً بِأن يُنهض أُمة"
 
فما كان مِنه إلا أن سألني :
 
"حتى لو كانت هذه المُعتقدات دينية ؟"
 
فأجبتُ :
 
"الله سبُحانه وتعالى قال : (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، فالله سيُحاسبنا، لن يُحاسب أحداً الآخر على ما يُفكر ويؤمن بِه"
 
فأجاب :
 
"هششششش"
 
و وقتها امتنع عن الحديث معي تماماً ! .
 
؟!
 
**
 
ليس لي عِلاقة مُباشرة بِـ "عبد الرحمن خالد الديب" سوى مَعرفتي بأنه طبيب وبِأنه "اخواني مِن ظهر اخواني"، وبعض المُناقشات البسيطة التي يُفسح فيها المجال لِعَرض الآراء على صفحته الخاصة على الـ Facebook ، وكان يترك لِلجميع مُطلق الحُرية في ابداء آرائهم، دون الحذف أو الإعتراض، بل فقط بِمُناقشة واعية وجميلة، لكني فوجئت – كالعادة – بأنه كتب على صفحته الخاصة  بِالـ Facebook :
 
"لا أعرف الكثير يا صديقي
لكني أعرف أن الله أهلك فرعون و هامان و جنودهُما .. 
و أعرف أن الله أهلك كُل مَن فوض فرعون بِقتل موسى وقومه  ..
و أعرف أن الحِكاية كانت على طول الخط فيها فرعون هو القوي و موسى المُستضعف .. فرعون هو من يتوعد و موسى هو من يتوكل .. فرعون هو صاحب المُلك و الجبروت و موسى صاحب اليقين وفقط  ..
لكني أعرف أن الحِكاية انتهت بِمَوسى مُنتصراً، وبِفرعونٍ يُصارع الموج ويستغيث بِمُوسى و ربه حتى غرق ..
لا أعرف يا صديقي ماذا تخبُئه لنا اﻷيام القادمة، لكني أعرف يقيناً أن النهاية لنا  ..
أنا يا صديقي لا أعرف الكثير"
 
؟!
 
**
 
تذكرتُ - في خضم هذه المَشاهد - مشهداً شهيراً مِن فيلم "الناظر" لِلراحل "علاء ولي الدين" – لِمَن لا يتذكر – هو دخول قائد "التتار" لِمَصر، وفي يده رِسالة لِلسُلطان، ليقول عِبارته الشهيرة : "طب لما أعوز أكلم الشعب المصري .. أتكلم مين ؟" .
 
فعلاً ! .. نِتكلم مع مين ؟!
 
؟!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز