عاجل
الجمعة 1 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
الأيـدى المرتعشة لا تبنى وطنا

الأيـدى المرتعشة لا تبنى وطنا

بقلم : محمد هيبة



 

 

حتى الآن، ورغم كل ما تفعله حكومة الببلاوى من إجراءات تبدو للبعض أنها حكومة قوية جاءت فى أعقاب ثورة شعبية تعبر عنها بقوة بعد إجهاض حكم الإخوان.. فإن أداءها العام وفى المجمل يبدو ضعيفا، يبدو عليها السمة الانتقالية أو صفة تسيير الأعمال أكثر منها حكومة أزمة أو حكومة حرب تدخل فى مواجهة عنيفة مع إرهاب الإخوان الذين انقلبوا ليهدموا المعبد على من فيه وتهديدهم المستمر لأمن واستقرار الوطن، وأيضا ما يتطلب ذلك من إجراءات تقوم بها الحكومة لتقويم الاقتصاد وفتح الطريق لعودة الاستثمارات والسياحة ودوران عجلة الإنتاج بجد.

 

 

هذا الكلام ربما ليس جديدا، بعد أن قاربت هذه الحكومة على أن تكمل ثلاثة أشهر فى المسئولية.. ولكنى مازلت أصر وأؤكد عليه، لأن لا أحد يسمع ولا أحد يدرك الحالة الصعبة التى تعيشها مصر حاليا.. فحتى الآن وبيد مرتعشة خائفة جدا تؤكد الحكومة استمرار حالة الطوارئ دون أن تنفذ بنودها الأساسية.. وهى منع التجمعات والمسيرات والمظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات وتعطيل الطرق والأعمال بأى وسيلة من الوسائل.. ولكن للأسف ترتعش أيدى الحكومة فى تطبيق حالة الطوارئ بكل عناصرها وتترك الأمر مسرحا مستمرا لدعاوى إرهاب الإخوان والعصيان المدنى وبث الذعر فى نفوس المواطنين، وما حدث يومىّ الجمعة والسبت الماضيين لهو خير دليل على ذلك.. الحكومة تلقى بكل العبء كاملا على كاهل القوات المسلحة والداخلية.. وتتركهما وحدهما فى مواجهة إرهاب وعصيان الإخوان ومنهما وحدهما يسقط شهداء الإرهاب.

أيضا نفس المنطق تعاملت أو تتعامل به الحكومة مع ما يسمى بالضبطية القضائية للأمن المدنى فى الجامعات، وقد قلت من قبل إن هذه الضبطية القضائية لا تسمن ولا تغنى من جوع.. وأنها منزوعة الدسم أو منزوعة الأنياب لأن الأمر داخل الجامعات أصبح أعظم من أن يواجه بهذه الوسيلة الهشة.. ولكن حتى هذه الوسيلة فوجئنا أن الجميع يتنصل منها.. نائب رئيس الوزراء ووزير التعليم العالى يقسم أنه لا يعلم عنها شيئا.. ويلقى باللوم على وزارة العدل ووزير العدل يؤكد أنه لم يصدر قرارًا بهذا القانون.. ورؤساء الجامعات ينزلون على رغبات الطلاب ويعلنون إلغاءها فى بعض الجامعات رغم أننا فى ظرف استثنائى يتطلب تفعيل هذا الأمر ورغم أننا أنذرنا وحذرنا من أن عدم تفعيل هذه الوسيلة سيعطى للإخوان الفرصة لاستغلال طلاب الجامعات فى إحداث القلق والقلاقل مع أول أسابيع الدراسة... وهذا ما حدث فى جامعات «المنصورة وعين شمس والقاهرة وحلوان والإسكندرية» وغيرها من الجامعات التى أصبحت الآن على سطح صفيح ساخن، ويكفى ما حدث من طلاب دار العلوم التى يسيطر عليها الإخوان بالهتاف ضد د. على جمعة والاعتداء عليه وكذلك شيخ الأزهر.. ورئيس الجامعة وتعطيل الدراسة.. كل هذا تأخذه بعض وسائل الإعلام المغرضة والمعادية لتنقله للعالم وتصوره على أنه ثورة ضد الجيش والشرطة وضد الانقلابيين كما يدعون، كل هذا، وإدارة الجامعات لا تستطيع أن تفعل شيئا.. وإذا تحرك أحد لمواجهة هذا الخروج والسلوك السيئ داخل حرم الجامعة.. يُعتدى عليه من الطلاب المنتمين لجماعات الإخوان.

ليس هناك أحد يعارض أن يعبر الطلاب عن رأيهم.. ولكن أن يتم ذلك وفق شروط معينة دون تعطيل الدراسة أو إحداث قلاقل وعنف داخل الجامعات، وهو ما يبغيه الإخوان.. وينفذه الطلاب الموالون لهم فى الجامعات.. لذلك نحذر من أن الجامعة ستغرق فى بحر الانقسامات والانشقاقات هى الأخرى كما يحدث الآن فى الشارع.. وأن مشهد الحرب بين الموالين للإخوان والمعارضين لهم داخل الجامعة لن يكون بعيدا.. ولذا يجب ألا تترك الأمور تصل إلى هذا الحد الذى يحدث فيه هذا الصدام وهذه الحرب داخل الجامعات.

النقطة الثالثة فى أداء الحكومة والتى هلل لها الجميع ووصفوا ما حدث منها أنها حكومة ثورة بحق.. هذه النقطة هى قرار الحد الأدنى للأجور واعتباره 0021  جنيه كأجر شامل للعامل داخل مصر، وأن هذا الأجر هو أجر أى عامل فى الجهاز الحكومى أو الإدارى.. وإن الحكومة تتفاوض حاليا مع القطاع الخاص ورجال الأعمال للوصول إلى هذا الرقم كحد أدنى للأجور.

والحقيقة أن ما فعلته الحكومة، وإن كان مطلبا شعبيا طال انتظاره، لكن هذا القرار منقوص ويفتقد بديهيات وآليات التنفيذ لأن تطبيق الحد الأدنى لن يحل مشكلة التضخم وارتفاع الأسعار المتزايد الذى يلهب جيوب المواطنين، ويجعل أى دخل يدخل جيوبهم يخرج على الفور لجيوب التجار والمستغلين والمزايدين على قوت الشعب.

ارتفاع الأسعار فى مصر دائما يلتهم أى زيادة فى رواتب وعلاوات العاملين فى الدولة، وأى كلام عن أى زيادة فى دخل المواطن ولو بعشرة فى المائة يقابله زيادة فى أسعار السلع والخدمات، بما يوازى 03٪ على الأقل.. يعنى كأنك يا أبوزيد ما غزيت.

إذن لابد لهذه الحكومة العنترية أن تعمل أولا على ضبط آليات السوق والسيطرة على الأسعار.. وأن تكون هناك رقابة حقيقية وفعلية على الأسواق والأسعار، وأن يتم تحديد هامش ربح لأي سلعة بما فيها تكلفة النقل والشحن وغيرهما.. لأنها الحجة والذريعة التى يتحجج بها التجار دائما لرفع سعر أى سلعة، مع أن سعر السولار والبنزين ثابت لم يتحرك منذ ست سنوات.. لكن الرد يجىء بأنهم يشترونه من السوق السوداء وطبعا هذا كلام والسلام لأن المبرر دائما والهدف هو رفع السعر وبأى وسيلة.. لابد للحكومة إذا ما أرادت أن تحقق هذه المعادلة الصعبة وأن يؤتى الحد الأدنى ثماره أن تضبط آليات السوق وأن تحد من التهريب والسوق السوداء وأيضا تحديد أسعار المنتجات حتى لو أدى هذا إلى التسعيرة الجبرية للعديد من السلع والمنتجات الأساسية حتى يشعر المواطن بأن قرار الحكومة لبى العديد من مطالبه وأنها حققت حلمه بالعيش الكريم.. وأنها فعلا حكومة ثورة جاءت لتحقق مطالبها وتعبر عنها.. عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.

أخيرا بعد كل ما سبق.. هل حكومة الببلاوى هى فعلا حكومة ثورية وليست حكومة أيد مرتعشة.. أم نحن فعلا فى حاجة إلى حكومة أزمة.. حكومة حرب قادرة على مواجهة تلك المرحلة الانتقالية الصعبة؟!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز