عاجل
الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
فن الدبلوماسية.. إتيكيت اختيار الهدايا والزهور «1»

فن الدبلوماسية.. إتيكيت اختيار الهدايا والزهور «1»

تطرَّقنا الأسبوع الماضي عن إتيكيت اختيار العطور ونِسَب مُكوِّناتها وطبيعة استعمالاتها؛ استنادًا إلى بعض الدِّراسات الإحصائيَّة من المدارس الدبلوماسيَّة المتخصِّصة بهذا المجال. واليوم نتكلَّم عن اختيار وتقديم الزهور من حيث الألوان، النَّوْع، العدَد، المناسَبة، المكان، تشكيلات الزهور، والجهة المراد تقديمها.. وغيرها من النقاط الواجب احترامها وتقديرها، بالإضافة إلى ثقافة وعادات البلد.



 

اتَّفق خبراء البروتوكول والإتيكيت على أنَّ الزهور هي لُغة من لُغات الحُب ورسول الاحترام والتقدير بَيْنَ الطرفَيْنِ، ومعبِّرة بطِيب الاشتياق، وهي عالَم واسع، ويعكس فنَّ وحضارة وثقافة شعوب، بالإضافة إلى أنَّه يعكس كاريزما الشَّخص وثقافته وبيئته. فانتقاؤها بدقَّة يعكس مدى ونسبة الحُب والاهتمام بالآخر، حيث تتبارى المدارس الدبلوماسيَّة في وضع أُسُس حديثة وراقية بفنِّ إتيكيت اختيار وتقديم الزهور وألوانها الجميلة (الأحمر، الوردي، الزهري أو الوردي، الأصفر، الأبيض، البرتقالي.. وغيرها من الألوان). المتابع لمكاتب المسؤولين في أوروبا الغربيَّة وخصوصًا نيذرلاندز والدوَل المصدِّرة للزهور نلاحظ بأنَّ مكاتبهم تحتوي على باقة زهور ذات اللون الأبيض والأحمر أو الوردي الفاتح، وأنَّ عدد الزهور محدود جدًّا موزَّعة على طاولة واحدة أو طاولتيْنِ، استنادًا إلى مفاهيم إتيكيت التَّصميم الداخلي النموذجي لذلك، لأنَّ المدارس الفرنسيَّة والإنجليزيَّة تُعَدُّ أنَّ جَماليَّة المكان ليس بكثرة الزهور وأنواعها وألوانها وتشكيلاتها الكبيرة الضَّخمة بالمكتب، ولأنَّ مكتب الموظف المسؤول هو ليس مشتلًا زراعيًّا أو بوتيكًا لبيع الزهور، بالإضافة إلى أنَّه هو مكان رسمي يُمثِّل كاريزما الشَّخص الموجود فيه. نرَى كثيرًا من البُلدان، وخصوصًا في قاعات المؤتمرات أو مكاتبهم الشخصيَّة توضع باقات زهور مختلفة الألوان على الطاولة الرئيسيَّة وبأشكال وأحجام كبيرة لافتة للنَّظر وغير متناسقة مع ألوان الأثاث والسَّتائر وبقيَّة مفردات المكان لمكاتب الموظفين وكبار الشخصيَّات، وأنَّ هذه الباقات الَّتي لا تمُتُّ بأيِّ صِلَة لإتيكيت جَماليَّة ومفردات إتيكيت التَّصميم الداخلي. على عكس ذلك نشاهد بعض مكاتب المسؤولين والموظَّفين في غاية الرُّقي والذَّوق الجميل من خلال العدد المحدود من الزهور، بالإضافة إلى شكل وتصميم الباقة البسيطة المتواضعة بعيدًا عن كثرة العدد والألوان وكأنَّ المكتب عبارة عن مشتل زراعي وحديقة منزليَّة، وبالتَّالي فإنَّ حجم تشكيلة الورد كُلَّما كانت (متريَّة، قُطريَّة) ولا يزيد ارتفاعها عن (30 سم) وعدد الزهور لا يتجاوز (15) وردةً، كانت مثاليَّة وجميلة وذات ذوق رفيع وحضري، سواء بالمكاتب أو بالمنازل، وغالبًا ما يكُونُ مكانها على الطاولات الجانبيَّة.

 

يؤدّي عدَد الزهور دَوْرًا جوهريًّا في إيصال المعنى للطَّرف الثَّاني، فتقديم وردة واحدة يعني الكثير في قاموس الحُب والعشَّاق، فالوردة الواحدة تكاد تختزل عبارات وجُملًا وكلمات كثيرة، والحُب الصَّافي لا يحتاج للكثير من الكلام. أمَّا إذا أردتَ أن تقدِّمَ باقةً من الورود، فعدَدُ الزهور يتعلَّق بعادات وجنسيَّات مَن تُقدِّم إليه الزهور. ففي أميركا يبدو من الأفضل دومًا تقديم باقة من (12) وردةً. أمَّا في أوروبا فلا يوجد أيُّ اهتمام بعدَدِ الورود، ومع ذلك فإنَّ الرقم (13) يحمل الكثير من المعاني السلبيَّة في الكثير من الثَّقافات حَوْلَ العالَم؛ لذا تجنَّبْه كُلِّيًّا، أمَّا في آسيا فإنَّ الرقم (4) يرمز إلى الحظِّ السيِّئ وإلى الموت.

 

كما أنَّ نَوْع الزهور في أوروبا تؤدِّي دَوْرًا أساسيًّا في التقديم، حيث ثقافة الزهور تدرَّس ضِمْن حلقات ودَوْرات؛ لِمَا لَها من أهمِّية في المُجتمعات المَدَنيَّة العصريَّة. ويؤكِّد خبراء الإتيكيت والبروتوكول على ضرورة إرسال الورود كعربون تهنئة إمَّا قَبل المناسبة أو حتَّى بعد انتهائها بيومَيْنِ أو ثلاثة.

 

هناك عدَّة أشكال لباقات الزهور عِند استخدامها: قَدْ تكُونُ مستوية توضع على الطاولة بحيث لا يزيد ارتفاع الزهور على (15 سم) (في توقيع الاتفاقيَّات، حضور جلسة مفاوضات رسميَّة، مناقشة رسائل الدكتوراه، الماجستير وما شابه ذلك)، باقات ورود محمولة باليد (استقبال كبار الشخصيَّات، حفل تخرُّج، خطوبة، ترقية، عيد ميلاد، ولادة أطفال، عيد الزواج ويوم الحُب وما شابه ذلك)، باقات وردة تكُونُ مرتفعة على شكل عمودي ومثبتة بقطعة إسفنج أو سلَّة أو وعاء خاصٍّ (عمليَّة جراحيَّة ناجحة، بيت جديد، منصب كبار الشخصيَّات، اعتذار وما شابه ذلك)، باقات ورود محمولة ذات لونيْنِ فقط بالمناسبات الوطنيَّة كالجندي المجهول أو على جثمان وفاة أحَد كبار الشخصيَّات، باقات ورد محدودة العدَد وبسيطة الشَّكل (دائريَّة، أو بيضويَّة توضع على الطاولة خلف أو بجانب كبار الشخصيَّات). وأخيرًا بدأت مدارس التصميم الداخلي بإدخال الزهور على كثير من المجالات، سواء ورود طبيعيَّة أو صناعيَّة كالَّتي توضع في الكيك أو تُنثر في (كوشات) الزواج.

 

دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز