عاجل
الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
دراما رمضان
البنك الاهلي
الإعلام الدرامي.. «الحشاشين» ولبنات حصون الوعي (١)

الإعلام الدرامي.. «الحشاشين» ولبنات حصون الوعي (١)

تحولات جذرية، شهدتها الأعمال الدرامية في الثماني سنوات الأخيرة، بإنتاج أعمال ذات مضامين فكرية وسياسية، تنقلها من مربع الدراما ذات الأهداف التجارية، إلى ما يمكن أن نطلق عليه «الإعلام الدرامي».



 

فما أنتجته الشركة المُتحدة للخدمات الإعلامية على مدار ثماني سنوات، بدءًا من الجزء الأول من مسلسل «كلبش» عام 2016، وصولًا إلى مسلسل «الحشاشين»، درة تاج إنتاجها الدرامي هذا العام، مرورًا بأجزاء «الاختيار»؛ يعكس منهجية احترافية في تقديم رسائل إعلامية، ذات مضامين فكرية وسياسية معززة لحصون وعي الجمهور والتلقي الفعال للنص الدرامي.

 

فقد غلب على الأعمال الدرامية، في ذروة المواجهة مع الإرهاب، المضامين التي تعرض للجمهور المتلقي حجم البطولات والتضحيات التي قدمها رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، بمختلف المؤسسات، جيش وشرطة وأجهزة المعلومات، في سياق درامي احترافي ممزوج بمشاهد وثائقية من التاريخ الحديث المعاش.

فقد عظّم من أهمية «الاختيار»، وسابقيه في السنوات الماضية، وهذا يتضح من النقاط التالية:

أولًا: معاصرة القضية التي تناولتها تلك السلاسل الدرامية، وأهميتها، وهي حقيقة الإرهاب ومن يقف خلفه، والبطولات التي سطرها شعب مصر وجيشه وشرطته ومؤسسات الدولة، في مواجهته، والثمن الباهظ الذي دفع من دماء الشهداء لاقتلاعه من جذوره.

ثانيًا: المدى الزمني للأحداث، فقد تناولت «الدراما الإعلامية» رمضان 2016 حتى 2023، أحداث فترة زمنية معاصرة هي الأخطر في تاريخ مصر الحديث، الغالبية العظمى من المشاهدين عايشها رؤي العين، وما زال، وإن كان لم يقف على عمق تفاصيل ما لمسه من نتائج أحداث سبقت العام 2011، وبلغت ذروتها ما بعد العام 2013.

ثالثًا: التنوع ما بين تقديم سيرة «البطولة»، عبر نماذجها المشرفة الشهيد البطل «أحمد المنسي» ورفاقه نموذجًا، لبطولات وتضحيات الجيش، والشهيد البطل «محمد مبروك» نموذجًا لبطولات وتضحيات الشرطة، واختيار «الوطن» والدفاع عنه بالروح والدم، وفي المُقابل الضلال الفكري لقادة الإرهاب ومن سقط في براثنهم واختار طريقهم «هشام عشماوي»، الذي خان ونال جزاءه.

رابعًا: الشكل الدرامي المستحدث، بإبداع من القائمين على تلك الأعمال، وفي مقدمتهم المخرج المُبدع بيتر ميمي، الذي مزج بين محاكاة الممثلين للوقائع وأحداث العمل عبر سيناريو وحوار احترافي، واللقطات الأرشيفية للأحداث بأبطالها الحقيقيين، عبر مشاهد حيه لمواجهات الإرهاب في سيناء، وصولًا إلى «القرار» الذي عرض رمضان الماضي كاشفًا بمقاطع وثائقية صوتًا وصورة حقيقة قيادات تنظيم الإخوان، وما شهدته مقدمات ثورة 30 يونيو وما بعدها.

خامسًا: تلك الأعمال تحمل رسائل ضمنية سياسية داخلية فكرية واجتماعية وخارجية، لمن وقف خلف الإرهاب، ومن خدعه خطاب المظلومية والتطرف، لتبقى الرسالة الأساسية التي تكمن في تحصين المجتمع وإيقاظ وعيه العام باطلاعه تفاصيل دقيقة للأحداث، بما يعزز القناعات الوطنية، ويعزز دفاعات الوعي في مواجهة التنظيمات المتطرفة وآلتها الإعلامية.

سادسًا: تتعاظم أهمية مسلسل «الحشاشين»، كونه انتقالًا من المواجهة المُباشرة مع التاريخ المُعاصر، بأحداثه الدامية كثمرة لفكر التطرف، إلى العودة بالمشاهد إلى جذور الإرهاب وجماعة «الحشاشين»، كأحد أهم وأخطر روافده من خلال سيرة ذاتية فكرية لـ«حسن الصباح»، مدعي امتلاك مُفتاح الجنة! مؤسس فكر «الاغتيالات» والعمليات «الانتحارية»، وتوظيف الإرهاب لهدم الدول.

سابعًا: بحجم التطور التكنولوجي وثورة الاتصالات التي نعيشها، تضاعفت التحديات المهددة لحصون الوعي العام، فباتت المعارك «داخل الجمجمة»، تنفذ الرصاصات من شاشات الهاتف المحمول، حيث مواقع التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت، إلى ذهن المتلقي مباشرة، في محاولة لتبنيه مدركات تؤثر في قناعاته وسلوكه، ومن ثَمّ فإن المواجهة الدرامية أكثر فاعلية، بما تملكه من وسائل جذب وإثارة وإمتاع وتبسط ونفاذ إلى قلوب وعقول المشاهدين عبر الشاشة الفضية وغيرها من المنصات التي تعيد بثها.

ثامنًا: نظريات النقد القديمة تعلي من سلطة النص المكتوب، تكاد تلغي دور المُبدع والمتلقي معًا، وربما معتنقي تلك النظريات من يتحدثون مع كل عمل تاريخي عما يسمونه أخطاء تاريخه، أو مهارة الممثل في نطق اللغة العربية الفصحى وغيرها، لكن الحقيقة أن نظرية «التلقي الفعال»، إحدى نظريات النقد الحديث، تلغي احتكار سلطة النص، مكتوبًا كان أو مرئيًا أو مسموعًا، وتضع القارئ والمشاهد في بؤرة اهتمامها، فتحد من سلطة النص لصالح دور المُبدع مقدم العمل، والمتلقي جمهور العمل دون أن تهمل أو تلغي دور النص.

ولكل هذا نغوص معكم عبر التلقي الفعال في المضامين الفكرية والسياسية والفنية في العمل الأهم والأبرز هذا العام «الحشاشين»، في مقالنا التالي بإذن الله.  

[email protected]

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز