عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
فلسطين .. معاناة شعب وفساد مقاومة

فلسطين .. معاناة شعب وفساد مقاومة

بقلم : إيهاب الشيمي
ابريل 2014 .. وفد من "حركة فتح" يتوجه إلى غزة لإعادة إحياء اتفاق المصالحة الفلسطينية مع "حماس" و الذي تم إبرامه في العام 2009 و أجلت الأخيرة تنفيذه لأسباب لا علاقة لها بالشان الفلسطيني حتى يمكنها تلقي المزيد من المنح والمساعدات بشكل أحادي بعيداً عن السلطة المركزية في رام الله  من جهة، وحتى يمكنهم من جهة أخرى  زيادة رقعة نفوذهم السياسي و الميداني وبالتالي امتلاك المزيد من أوراق الضغط على الساحة الفلسطينية بعد أن بزغ فجر سيطرة الإخوان المسلمين على الكثير من مجريات الأمور في مرحلة ما بعد ثورة الخامس و العشرين من يناير 2011 في مصر، وصولاً إلى قمة السلطة في يونيو 2012 بعد فوز حليفهم مرسي بالرئاسة.
 
وعلى عكس ما قد يتصوره البعض، وما روجت له قياداتهم وشبكاتهم الاجتماعية والإخبارية وما يصدقه للأسف الكثير من المصريين، فلم يكن قرار إعادة إحياء المصالحة استفاقة مفاجئة لقيادات حماس أو اكتشاف ساقته الأقدار إلى مداركهم الوطنية المخلصة أن إبرام اتفاقية المصالحة والتصديق عليها، والانخراط في حكومة وحدة وطنية مع "حركة فتح" هو السبيل الوحيد لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية ، بل إن السبب الحقيقي، كما أراه،  للتراجع  الواضح في موقف "حماس" و قبولها الانخراط في مثل هذه الحكومة مع من ظلت تروج لعمالته للولايات المتحدة وإسرائيل لما يزيد على السبعة أعوام، هو ببساطة ما كشفت عنه تصريحات قيادييها أنفسهم  بعد إبرام الاتفاق و تشكيل الحكومة في يونيو الماضي من أن "حركة فتح" انقلبت على اتفاق المصالحة برفضها دفع رواتب موظفي الحكومة المقالة التي عينتها حماس من كوادرها ومؤيديها لضمان سيطرتها على مجريات الأمور في غزة، بينما تجاهل هؤلاء أن السلطة الفلسطينية ممثلة في "حركة فتح"، هي من تدفع رواتب ومعاشات  70 ألف موظف في الحكومة في غزة، وهي من تدفع فواتير الكهرباء والغاز والتعليم والصحة  فيها دون أي التزام من حماس بذلك، اللهم إلا التزامها بدفع رواتب أجهزتها الأمنية التي تشكلها ميليشياتها التي تجوب شوارع غزة ليلاً و نهاراً لضمان ولاء الجميع طواعيةً أو كرهاً لها.
 
كيف إذن لحماس أن تستعيد بعض ، إن لم يكن كل،  ما فقدته في الآونة الأخيرة من تأييد شعبي فلسطيني، و تعاطف إقليمي شعبي عربي و إسلامي؟ و كيف لها أن تستعيد صورة حركة  المقاومة الوطنية  الإسلامية التي فقذتها إبان عهد محمد مرسي في مصر و تعهدها ،برعاية إخوانية، بوقف كل أشكال الهجمات على الكيان الصهيوني مقابل ضمان أمنها في غزة ؟ و كيف لها أن تتنصل من اتفاق المصالحة التي ظنت أنه سيخلصها من التزاماتها المالية تجاه كوادرها و عملائها في دواوين الحكومة المقالة  لتكتشف أنه لن يزيد إلا كشفاً للمستور من نفاد الأموال في تسليح ميليشياتها التي لا تحمي أحداً سوى قادتها، و لا تؤمن من الحدود سوى تلك الأنفاق التي تهرب من خلالها السلحة للجماعات التكفيرية في سيناء ؟
 
أظنكم قد بدأتم في نسج خيوط الإجابة عن كل هذه التساؤلات ... فاختطاف المستوطنين اليهود الثلاثة في الضفة الغربية و إنكار "حماس" لعلاقتها بمقتلهم في البداية، ثم هجوم قياداتها على رئيس حكومة الوفاق الوطني حين أعلن أن أي ارتباط لحماس بهذه العملية هو تقويض لاتفاق المصالحة، ثم التصعيد الخطير بإعلان "حماس" - من خلال متحدثها الرسمي-  أن خطف المستوطنين و قتلهم هو مفخرة للفلسطينيين و ليس أمراً يقوض جهود إعادة بناء السلطة و المجلس التشريعي كما يدعي "أبو مازن" الذي يريد حماية رأسه فقط، ثم بدء فصائلها العسكرية بقصف أطراف المستوطنات الإسرائيلية بصواريخ جراد رداً على حملة التمشيط في الضفة، كل ذلك يؤكد أن التصعيد الأخير هو من بنات أفكار قادة "حماس" ليمكنهم تحقيق الأهداف السابق ذكرها.
 
ما لم يقم له هؤلاء أي وزن في إطار مخططهم الدنئ، هو كل تلك الدماء الزكية التي ستسيل حين ترد إسرائيل و بعنف، كعادتها و عادة رئيس حكومتها الحالي نتنياهو، لتقتل من تقتل و تصيب من تصيب.
 
.. ما لم يقم له هؤلاء أي وزن في إطار مخططهم الدنئ ، هو كل تلك الأموال و المنح و التبرعات التي جمعها كل المتعاطفون الرسميون و الشعبيون مع الشعب الفلسطيني من جميع انحاء العالم و التي ستذهب أدراج الرياح حينما تتحول إلى مجرد ركام جراء الغارات الإسرائيلية، و لم لا و هو ما سيمكنهم من طلب المزيد من المساعدات تحت ستار إعادة البناء، لتصب في النهاية في حساباتهم البنكية.
 
.. ما لم يقم له هؤلاء أي وزن في إطار مخططهم الدنئ ، هو كل ذلك التراجع المخيف في ثقة المجتمع الدولي أن الفلسطينيين يمكنهم أن يكونوا يداً واحدة، و صوتاً واحداً، يمثل شعباً واحداً، لتحقيق هدف واحد هو إعلان الدولة الفلسطينية ذات الحدود المعترف بها دولياً على أراضي الضفة  الغربية لنهر الأردن و فوق قطاع غزة و لتكون عاصمتها القدس الشرقية .
 
.. الشئ الوحيد الذي وضعه قادة "حماس" نصب أعينهم، هو أن يستعيدوا مكاسبهم السلطوية، و أن يكرسوا لمفهوم طائفية المقاومة  وتقسيمها إلى مقاومة وطنية و أخرى إسلامية و هو ما سيمكنهم في النهاية من أن يكونوا لبنة أخرى في مشروع  إستعادة الخلافة المزعوم بالتعاون مع حلفائهم في شمال إفريقيا و هضبة الأناضول، و برعاية قزم الخليج تابع سادته في واشنطن و تل أبيب.
 
ما يجب التأكيد عليه في النهاية هنا، هو أن كل ذلك لا يمكن أن يبيح تحت اي ظرف أن نرى من يساوي بين شعب فلسطين الأعزل الساعي للحرية والكرامة وبين "حماس" ... و بين من انهار عليه سقف بيته هو و اسرته  تحت نيران القصف الإسرائيلي و بين من انهار عليه سقف النفق الذي يمرر من خلاله أسلحة و متفجرات يرهب بها شعب مصر بدلاً من أن يوجهها لمن يحتل أرضه و يقتل مواطنيه.
 
لنجعل الحد الفاصل بين كلاً منهما واضحاً للجميع، و لتظل القضية الفلسطينية دائماً هي لب قضايانا الوطنية و أولويتنا القصوى، وليبقى إيماننا دائماً أنه ليس هناك من قدم من الشهداء و الجرحى و المشردين مثلما قدمت مصر من أجل فلسطين، و ليس هناك على اختلاف الأنظمة و تعاقب الحكام، و اختلاف موازين القوى الدولية من ساند القضية الفلسطينية عسكرياً و سياسياً و اقتصادياً و فرض الضغوط و كثف المساعي و دشن المبادرات من أجل رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني مثلما فعلت مصر و شعبها منذ الحملات الصليبية و حتى يومنا هذا.
 
فلا تزعجنكم ادعاءات الكاذبين، و لا يؤرقنكم سباب من نصبوكم دائما مجاهدين عنهم بالوكالة بينما اكتفوا بالعويل و الصراخ، فستبقى مصر ابداً لفلسطين، و ليظل دوماً المجد للشهداء.



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز