عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الفارق الرئيسي .. بين قناتي مرسي والسيسي

الفارق الرئيسي .. بين قناتي مرسي والسيسي

بقلم : إيهاب الشيمي

"هو إيه بقى الفرق يا سيدي بين مشروع محور قناة السويس اللي
أعلن عنه السيسي و محور قناة السويس اللي أعلن عنه مرسي ؟  و اشمعنى كان
وحش ساعتها و حلو دلوقتي يا
أسيادنا ؟!! "




سؤال قد يبدو للوهلة
الأولى طبيعياً، و إن كنت أنت كمستمع له موقناً أن من يسأله لا يقصد منه
الاستفسار، بقدر ما يقصد به الترويج من جديد لفكرة أن مرسي و جماعته كانوا يريدون
الخير لمصر، و لكننا شعب "مش وش نعمة" !!

و غالباً عزيزي القارئ،
فستجد نفسك عاجزاً عن الإجابة، بل و يبدو أنك حصرت قدرتك على الإجابة في حقيقة أن
هناك دائماً شيئاً مشبوهاً فيما كان يفعله الإخوان و ممثلهم في القصر الرئاسي، و
انه كان علينا ان نرفض أي مقترح لهم دون أن نلهث وراء كشف المصالح الكامنة خلفه !

و لأريحك من عذابك، فأود
أن أخبرك في البداية أن المشروع ليس إخوانياً كما يروج الإخوان و مريديهم، بل و
دعني أضيف، و كارهي السيسي لسبب أو لآخر حتى و إن كانوا من كارهي الإخوان أيضاً،
فالمشروع قيد الدراسة و التحليل و التطوير منذ عقود، بل و تم طرحه في عدة أبحاث في
الجامعات و مراكز الأبحاث المصرية بصيغة المشروع القومي المنقذ للاقتصاد المصري، و
الخطة الأمثل لإعادة رسم التوزيع السكاني و الديموغرافي في اقليم القناة و شبه
جزيرة سيناء، و ما سيتبعه من دعم للأمن القومي المصري.

و يمكنك عزيز القارئ
ببساطة للتأكد مما اقول أن تعود لصفحات الجرائد المصرية يوم السادس و العشرين من
يونيو 2011 لتطالع بنفسك خبر تقديم المشروع كبحث متكامل من أستاذين في المركز
القومي للبحوث و مركز بحوث الصحراء لحكومة المهندس عصام شرف، كبداية لنهضة
الاقتصاد المصري بعد الثورة، و قبل عام كامل من إعلان مرسي عن نهضته المزعومة.

و لأبسط عليك الأمر،
فالموضوع هو أن القناة حالياً بطول 190 كيلومتر تقريباً من بورسعيد شمالاً و حتى
السويس جنوباً، بمتوسط عرض 215 متراً، و بعمق 45 قدماً فقط، و هذه القياسات تحد من
إمكانية عبور قافلتين في اتجاهين متعاكسين في نفس الوقت، فتضطر السفن القادمة من
الشمال للانتظار حتى عبور الأخرى القادمة من الجنوب و هو ما يستهلك 12 ساعة
تقريباً، كما أن العمق الحالي لا يسمح لحوالي عشرة آلاف ناقلة بترول و ثمانية آلاف
سفينة شحن من المرور، و هذا العدد يمثل تقريبا ثلث أسطول النقل البحري في العالم و
هو ما يستلزم زيادة العمق إلى ما يقرب من 66 قدماً.

و هنا يبرز سؤال آخر، و
هو كيف سيتم الإزدواج بحفر 74 كيلومتراً فقط، بينما الطول الكلي للقناة الحالية هو
191 كيلومتراً، و الإجابة ببساطة هي أن منطقة البحيرات الكبرى و التفريعات عند
البلاح و الفردان، و المنطقة شمال البلاح تمثل تقريباً ثلثي طول القناة، و سيتم
الحفر في الثلث الباقي فقط لخلق ممر جديد تماماً بطول 34 كيلومتراً من البلاح و
نزولاً إلى السويس فيما يعرف بالحفر الجاف، و كذلك تعميق الممر الحالي بطول 37
كيلومترا أخرى في مناطق اخرى.

و هكذا يمكنك ببساطة ان
تدرك كيف سيتم زيادة الدخل من رسوم العبور بما يزيد على مرتين أو ثلاث مرات الدخل
الحالي ليصل حجم الدخل المتوقع إلى أكثر من مائة مليار جنيه مصري سنوياً، و هو ما
يدفعني للفت انتباهك أن إجمالي الإيرادات في الموازنة العامة للعام الحالي هو 525
مليار جنيه (بعد استبعاد المنح الخارجية).

و لكي تتخيل نموذجاً
للتنمية المتكاملة المحيطة بالمجرى الملاحي، فدعني أضرب لك مثلاً واحداً لأحد
المشاريع المحتملة و هو ما يمكن ان أسميه انا "المشروع القومي لصناعة
السيليكون"، و دعني أداعبك قليلاً لأؤكد أني لا أعني هنا ما قد يذهب إليه عقل
البعض من السيليكون الذي تمتلئ به شاشات الفضائيات، و لكني اعني السيليكون
المستخدم في صناعة الرقائق الإليكترونية الذي تزخر به رمال سيناء، و الذي تدفع
الشركات الأمريكية تكاليف باهظة لنقله من هناك  إلى الأمريكتين، ثم
تكاليف أخرى باهظة لانتاجه
بعمالة مرتفعة الأجر هناك في الغرب، ثم إعادة شحنه عبر الأطلسي و منه
خلال القناة إلى ميناء "جبل علي" بدبي
ليتم تفريغه و إعادة شحنه من جديد إلى
وجهته النهائية. تخيل معي اننا دعونا هذه الشركات لبناء مصانعها في نفس منطقة
الرمال المطلوبة و باستخدام العمالة المصرية  التي سيتم تدريبها هنا في
مصر على أيدي خبراء
هذه الشركات، و ليتم النقل عن طريق موانئ الشحن و التفريغ في محور القناة القريب،
لتتفادى هذه الشركات في النهاية كل تلك التكاليف الباهظة للإنتاج و النقل، و
نستفيد نحن من ضخ الأموال في الاقتصاد الوطني، و تدريب العمالة الوطنية، و توفير
مئات الآلاف من فرص العمل في الصناعات الرئيسية و تلك الصغيرة المغذية
لها،  علاوة على تدعيم الأمن القومي بزيادة رقعة
التوسع العمراني و الصناعي و الزراعي داخل سيناء، و تبديل فكرة الفراغ الاستراتيجي
التي طالما مثلتها صحراءها الواسعة، و التي ثبت خطؤها الفادح فيما سبق.

و هنا بالتأكيد سيقفز
ذلك الشخص الأحمق في وجهك من جديد ليعيد نفس السؤال و لكن بصيغة أخرى: " طيب
و لما المشروع كويس كدة، عارضتوه ليه أيام الإخوان ؟!" ، و هنا أيضاً يمكنك
بسهولة أن تجيب مستخدماً تلك المعلومة الصغيرة التي لم يلق لها الكثيرين بالاً، و
هي أن  الشركة المالكة و المنفذة للمشروع
الحالي هي شركة مساهمة مصرية يمتلك أسهمها مصريين و لا يحق بيعها إلا لمصريين،
بينما كان من تقدم للحصول على حقوق الانتفاع للمشروع في عهد المعزول،
وكذلك  شراء الأرض التي سيقام عليها المشاريع المرتبطة
به، هي مجموعة "إبدأ" لرجال الأعمال المصريين بالاشتراك مع مستثمرين
اجانب.

و إذا كنت لا تجد ما يقنع
ذلك الشخص بالإجابة، فليس عليك إلا ان تهمس في أذنه أن مؤسس و رئيس مجموعة
"إبدأ" هو "حسن مالك" القيادي البارز في الإخوان المسلمين و
الذراع الإقتصادي لجناح خيرت الشاطر داخل مكتب الإرشاد، و لك أن تعرف أيضاً أن كل
هذه الترتيبات تزامنت مع الإعلان عن قرب إصدار قرار رئاسي من مرسي بنزع الملكية من
القوات المسلحة، و إتاحة تملك الأراضي في سيناء بحجة توطين البدو دون
تقييد ذلك بحظر البيع مرة أخرى للأجانب، و هو
ما كان سيتيح إمكانية بيع الأراضي بالكامل للمستثمرين الأجانب المشاركين في
التحالف، و سأترك لك في النهاية أن تستنتج أن هؤلاء المستثمرين الأجانب
لم يكونوا سوى
الصندوق السيادي لقزم الخليج التابع لأسياده في واشنطن و أنقرة، لنجد أنفسنا في
النهاية، في حال تمكن هؤلاء من البقاء في الحكم، مطالبين بأن نبحث عن "ناصر
56" ليعيد لنا قناتنا من جديد.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز