عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
على نخبك ..يا وطن

على نخبك ..يا وطن

بقلم : وفاء بوكيل

بينما سيصعد اربعة رواد فضاء ليعيشوا معزولين فوق سطح المريخ مدة عام لاختبار نفسية من سيفكر في العيش هناك يوما ترصد وكالات الاخبار على الارض اشنع صور مرّت بها انسانية الانسان منذ البدء..منذ الجرح ..سقط الحرف مني و انا اشاهد لفّة بلاستيك تضمّ فيها ام سورية ابنتها التي تهذي بالحمى و ابنها الذي مرّ من تحت اسلاك شائكة عالية ترفض شرطة الحدود الهنغارية ان ترجعه لها  و لا حتى ان تمررّها ..




كنت احتسي قهوة و قطعة كيك ..وضعتهما على جنب ..سقط مني شئ ما ..و كان من صعقني بين اكتافي بثقل ..بهمّ ..بخذلان 
الفّ حول الشاشات ..اشعر بالخزي ..بالعار و لو كان لي القدرة على درء الفضيحة و لمّ الصور و تغييرها بصور اخرى ..مثلا .. عصا سحرية تجعلني ارى اللاجئين ..معزّزين مكرّمين في بيوت عرب يرجعون لهم صاع الخير القديم ..من ارض النشامى زمان كانت الشام ترسل حنطة و خيرا وفيرا للكثيرين ...كانت الشام تفتح مدارسها و جامعاتها لتدرّس عربا كثيرين ايضا ...يضحكون علي بعض صديقاتي و يقولون لي بانك حساسة جدا كل ما يدور من حولك عادي جدا و تغييرات التاريخ و الجغرافيا و الاقتصاد تقتضي حروبا و تشريدا ..انت تهوّلين الامور فلا داعي للقلق و الضغط ..لما تبحثين بحرقة عن نص لتغنّيه لسوريا او تكتبيه ..''فرفشي '' ابتهجي ..عيشي سنّك بكل طبيعية ...''


انطوي منذ اسبوع في بيتي ..هذا الضمير الذي يعتريني و يشقيني يجعلني كالهاربة من المطرقة و السندان ..لي تورّم في ''زائدة الضمير '' منذ وعيت على دنياي ..سورية الماجدة ...مكسورة الجناحين ..تعتلي مشرحة العالم و تستغيث بعالم يزداد وقاحة ..على سواحل ليبيا يبتلع البحر العوائل المنفوخة بمياه الملح و ...الجرح و الذنوب براء من قتلها تريد مكانا على سفح المراكب لتصل الى ضفة منفرجة ف ...لم ينتبه لهم احدا ...


فجاة اقف معزولة امام نفسي ..لم تعد عروبتي التي حدّثتكم عنها تعنيني او تغويني ..مسرحية على نخبك يا وطن لدريد لحام امامي و هي منذ اكثر من ربع قرن استبقت هذا الواقع الذي يشتدّ فجورا ..و يستقرا و قرا هذا المشهد الدميم .. 


صوتي في حالة عطل ..لا استطيع ان اغنّي بنس نوتة ..كيف يغنّى الموت ؟كيف ارقص كالدراويش في حلبة الدم ؟حتى الصبا اهترء و بات منذ عقود نغمة العرب الموحدة ..نشيدهم الاوحد و يقولون لي ''طيّب غنيلنا شي '' ...


ما كنت اصنع دون مساحة البياض  هذه التي اكتبها كلّ اسبوع ..


سورية متلازمة في كفّ بغداد و عدن ..جميل  ..عدن اسم اوّل ابنائي ان راد الله ..ذكرا كان او انثى ..هذا لو ظلّ في قرطاس الاحلام العربية بعد المحن مكانا يفيض ذكورة و يرسل لي عدنا ...


'' ضيعان النشامى ..ضيعان سوريا ..ضيعان حالي '' هل لي برحلة مع وفد الناسا الى سطح كوكب اكثر امانا ..دون حروب ..دون داعش الراقصة على القبور ..عالم دون وكالات انباء او مناظر حدود و اسلاك ..او اتّفاقيات لجوء ..


يدقّ جرس هاتفي و تصلني رسالة برد و غمغمة امل ..هشام الشروقي  الشاعر البحريني الكبير  القادم من طرف جرح اخر يهديني نصّا  علّي اقدر غنائه  لتلك البنت الملفوفة في كيس بلاستيكي في حضن امها ..بعد ان كانت ترتع في مركاض بيت شامي تتوسطه نافورة و ياسمينة و تفيض منه روائح الكبّة و القهوة المهيّلة التي يقدّمها النشامى الى ضيوف الدار ''الصدورة او صدر البيت للبدورة '' اي جمع بدر و هو وجه الضيف نفسه اليوم صدوركم في الريح و لياليكم دون بدور او ضوء كاشف في زحمة مراكب  البحر الابيض التنين ...


وطني هناك 
امي هناك 
قلبي هناك 
روحي هناك 
شام الربوع ..صارت دموع 
و لحضن امّي ..ابغي الرجوع 
فيا افئدة العالم ..اغيثوني 
الى حضن امي ..اعيدوني 
الى شمس ارضي..اعيدوني 
الى دميتي ..كرتي 
و بسمة اختي 
و اجراس مدرستي 
و صوت معلمتي 
اعيدوني اليها 
الى دار ابي و عطر اخي
و صحبتي.. 
يا افئدة العالم اعيدوا الي كرامتي ..

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز