عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ولا جوازة الندامة
بقلم
رشا بكر

ولا جوازة الندامة

بقلم : رشا بكر


كل يوم بتيجي من شُغلها مرهقة وخلصانة، أعصابها مشدودة، كل يوم بتتعمد تصوّر للي حواليها إنها موش مهتمة وإنها قوية وكلامهم ولا بيفرق معاها، وإنها صح...




تلاقي مامتها قاعدة في الصالة مسهمة وحاطة إيدها تحت خدها عشان نفسها تطمئن عليها في بيت جوزها، وتفرح بيها قبل ما تموت. وقبل الليل مايروّح ويطلع عليها نهار جديد تروح على سريرها بتجر جسمها وراها تحاول تفش خلقها وتهرب من الواقع فى دردشات على النت وتنام وهى واخده إيدها فى حضنها وتتكور على نفسها زي الجنين، وتفتكر الكلام اللي عدى عليها خلال يومها وكل يوم والخوف من الوحدة وكلام أنصاف البني آدمين "يا عيني.. ما تجوزتش.. دي عانس .. دى بتتأمّر على الناس.. أصلها كانت مخطوبة قبل كده والله أعلم بقا حصل إيه.. دي معمول لها عمل...! ".


تحس إنها نملة بتغرق فى نقطة مية وبتقاوم بكل طاقتها عشان تطلع وما تموتش، كل ما تتعزم على فرح بقيت بتتهرب منه موش حقد على زميلاتها أو قريباتها اللي بيتجوزوا لكنّها موش عاوزة تتعرض لكلام زى السم، ويطلعلها شبح الخوف من الوحدة يرعبها ويلخبطها ما تعرفش هي صح ولا غلط، العيب فيها ولا في اللي حواليها !عانس.. عانس.. عانس... كلمة بيتردد صداها جواها، ولولا ألسنة الناس مكانش هيكون لها أي صدى ولا أثر.


تصحى الصبح تسأل نفسها هو أنا وحشة للدرجة دي؟! وقبل ما تلاقي إجابة ييجي أخوها العيل اللى فى ثالثة تجارة وهو بيبص على رأسها ويضحك بسماجة يتصورها هزار: ها ها ها في فشعرك شعرة بيضا عجزتى. تروح الشغل متأخرة نص ساعة تلاقى مديرتها مدياها البوز وقالبة وشها زى الشراب المقلوب وتقولها "مسم أٌمال لو متجوزة وعندك عيال بقى كنتى جيتى إمتى؟!" والكلمة ترشق زى الحجر المدبب فى قلبها، وما أكثر أمثال الكلمة دي من كلام، كلام عقيم بيعشش فى راسها زى الخفافيش بتتشبث بجدران جفونها وبتضرب عينيها بجناحاتها لحد ما تحول رؤيتها ظلام! تمص الدم من شراينها...


تقابل خلال يومها وكل يوم سخافات الكون... كلمات وجُمَل ملهاش أى معنى ولا سبب حقيقي، غير إنها بقت زي اللبانة في أفواه مجتمع أجوف من جواه مش لاقي اللي يملاه، أسئلة ملهاش أى إجابات "هى الرجالة عميت ولا إيه...؟! "كلام بيسحب الأكسجين اللي حواليها وتحس إنها موضع للغيرة من زميلاتها اللي بيخافوا على أزواجهم منها، هي بؤرة خوف بيبعدوا عنها، وما تعرفش تلاحق من رذالة الرجالة السخيفة، وأى عيل سيس من بتوع "ابعتيلي صورتك" أو "هاي ممكن نتعرف؟"... أو أي راجل متجوز بس عينيه زايغة وما فيش مانع أنه يلعب عليها بكلمتين ويلبشلها أفكارها، ما هي البت واقعة وتتمنى حد يحسسها بأنوثتها بقى يا دمك الساقع يا أخي طيب ليه، وعلى إيه كل ده؟! على فكرة موش كل عانس بتبقى حد عصبي أو له ماضي سيء أو معقدة ياخفيف ولا كل واحدة متجوزة هى مثال للعفة والإتزان النفسى يابو العريف، فى متجوزين وبيكونوا مصاحبين رجالة، وفى متجوزين جواهم عقد وغِلّ وحقد الدنيا فى قلوبهم. وليه نسمي ونقول "عانس" طب هو انت ولا انت تعرفوا ظروفها إيه عشان تطاردوها بكلامكم السمج؟


على فكرة؛ العانس اللى انتم بتقولوا عليها لقب "عانس" دي ممكن تكون موش عاوزة تتجوز عشان بتشتغل وبتصرف على أهلها اللي من ضمنهم عيل نطع فى فاشل دراسيًا أو عاطل، أخرتها يتريق عليها ويقولها فى شعرك شعرة بيضا، وممكن تكون بتضحي بسعادتها وبترفض تتجوزعشان خاطر والدتها المريضة بأمراض الكبد والضغط والسكر، أوعشان أبوها اللي أثرت عليه الشيخوخة ببطىء، أو أخ عاجز ومن ذوى احتياجات خاصة...


العانس دي عنّست عشان خايفة لتكون زي فلانة أو بنت فلانة المطّلقة اللي جوزها كان بيصبحها ويمسيها بعلقتين ويشتمها قدام أي حد وفي أي مكان... أو زي واحدة اطلّقت من جوزها البارد النطع عديم المسؤولية، اللي مجوعها هي وعيالها ومضيع فلوسه على دماغه ومزاجه. العانس دي أمنيتها في شخص يملأ كيانها، "راجل بجد" لو فى معوقات يذللها، يسندها، يساعدها، ينور لها طريقها، حد عيونه مليانة بالخير والفرح والتفاؤل، نظرته توحدها، تخلّيها إنسانة، واحدة فرحانة وسعيدة، ما تحسش معاه بالخوف أبدًا، راجل حقيقي موش شِبه راجل. العانس دي موش عاوزة تكون بنت نمطية.


عزيزى الشاب السطحي، الرخم؛ عزيزي الرجل غير الناضج اللي بيرذل على بنت من سن بناته، على أساس إنها ملهوفة ـ بحسب تصوره المريض ـ تسمع كلمتين حلوين، هي موش محتاجة منكم نوعية الكلام ده، ولا فى دماغها ولا نفسها. ياجماعة لازم تدركوا إننا في زمن البنت فيه هى اللي بتختار شريكها، ولى زمن الذكورية، إلا من بعض الأدمغة الظلامية. فياريت تلموا الدور بقى.


عزيزي الأب، عزيزتي الأم اللي عاوزة تجوز بنتها واللي عايز يجوز بنته لاى حد معدي فى الشارع عشان ما يتقالش عليها إنها بارت... شوف نسب الطلاق وصلت لحد فين دلوقتي "لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع" حال بنتكم الحالي أفضل بكتير من إنها تخرج من بيتكم بنت وترجع بعد أقل من سنتين طالق... بعيل أو أتنين...


حبيبتي اللي عدت الثلاثين من غير جواز، ثقي إنك موش وحشة هما اللي جواهم وحش عشان الناس بتشوف الناس بعين طبعها، اللي شايفك عانس شايفك بالشكل ده لان هو فاضي جواه، انتى موش معقدة هُما اللي معقدين وعاوزين فريسة يغرزوا أسنانهم فيها، انتى موش متعالية ولا مغرورة علشان بترفضي ناس موش مناسبين، ولاكبرتي، البنت بعد التلاتين بتكون وصلت لدرجة كافية من النضج اللي يحقق الاستقرار، انتي جميلة، عيشي حياتك وخصوصياتك واقفي قدام مرايتك واتزيني واتعطري وارقصي حسي بجمالك ونفسك، اخرجي، إنطلقي إنتي موش نمطية إنتي عارفة هدفك ومحددة مسارك، عارفة إنك لما تلاقي الشخص المُكمل ليكي موش هتتراجعى ولا هتترددى في الارتباط به، واهو تتاخرى شوية وتختارى صح ولا جوازة الندامة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز