عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
د. سامي عبد العزيز.. راجع نفسك !

د. سامي عبد العزيز.. راجع نفسك !

بقلم : سمير محمود

يؤيد الدكتور سامي عبد العزيز ابن محافظة الشرقية القاطن بحي الزمالك في القاهرة ،أستاذ الإعلام وعميد كلية الإعلام الأسبق، ورئيس لجنة قطاع الدراسات الإعلامية بالمجلس الأعلى للجامعات، القرار العنصري للمجلس بحرمان أبناء الأقاليم من الالتحاق بكلية إعلام جامعة القاهرة، لوجود كلية مناظرة وليدة في بني سويف 2013، وأخرى في جنوب الوادي 2014، ويرى في تصريحات له أن الأولوية الأن لتطوير كليات وأقسام الإعلام الأخرى.



تطوير كليات واقسام الإعلام لا ينبع من تفريغ الكلية الأم وأقدم كلية إعلام في الشرق الأوسط من قواها الناعمة نوابغ ريف وصعيد مصر، صحيح  التفوق ليس حكراً على الريف والصعيد، لكن لكلية الإعلام خصوصية تجعلها ملتقى لنسيج المجتمع المصري كله، شرقه وغربه شماله وجنوبه ريفه وحضره، في هذه الكلية تجد مصر وتجد قادة تنويرها وإعلامها في المستقبل.

صحيح أيضاً أن نظرة سريعة على حالة إعلامنا اليوم لا تسر عدو ولا حبيب، وصحيح أن دكاكين الإعلام انتشرت في ربوع المحروسة، إلا أن اللوم ينصب دوماً على كلية الإعلام وحدها، فإذا كان هذا النقد من نصيب أعرق كلية للإعلام في الشرق الأوسط "فالمشرحة مش ناقصة قتلى" كما يقولون، والحاجة لتطوير الكلية من الداخل أجدى كثيراً من تفريغها من أهم عنصر في التطوير وهو الطالب المتفوق وهو الضلع الأهم في العملية التعليمية.

تعالي معي نتجول في كلية إعلام بني سويف الوليدة، ونتعرف على تفاصيلها وإمكانياتها وجاهزيتها للعملية التعليمية، الموقع الإلكتروني للكلية في الواقع الافتراضي عبارة عن هيكل فارغ، أيقونات لصفحات لم تنشأ بعد، وأقسام لا تجد تحتها هيئة تدريسية والأستاذ الوحيد على حد علمي في الكلية هو عميد الكلية وأستاذ الإعلام بجامعة القاهرة وابن سوهاج الخلوق المتميز، فهل أكملت الكلية أعضاء هيئة التدريس؟ هل أكملت معاملها؟ هل تجاوزت نسخ ومسخ لائحتها من كلية الإعلام الأم؟ هل أعدت خدمة تعليمية لائقة للطلاب المتفوقين على يد أساتذة وخبراء بمثل قامتك يا د سامي؟

هل أنجزت الكلية معاملها الخاصة بتدريب الصحافة والإذاعة والتليفزيون والعلاقات العامة، هل تأسس لها مطبعة وأعدت لإصدار صحيفة تدريبية أو تدشين مواقع إلكترونية أو إذاعات على الإنترنت، أو وحدة إنتاج إذاعي وتليفزيوني، أو وحدة إذاعة خارجية،؟ لن أتحدث عن مراكز للتميز بالكلية، من وحدات لضبط وضمان الجودة أو مراكز بحثية على غرار مركز التدريب والتوثيق والإنتاج الإعلامي، ومركز التراث الصحفي ومركز بحوث الرأي العام، ومركز بحوث ودراسات المرأة و الإعلام فهذه تأسست مع الزمن في كلية الإعلام جامعة القاهرة، التي أردت أنت وأمين عام المجلس الأعلى للجامعات، د. أشرف حاتم أن تساوي بها ظلماً كليتي الإعلام بجامعتي بني سويف وجنوب الوادي.

هل زرت مكتبة كلية إعلام جامعة بني سويف الوليدة؟ هل تعرف حجم الكتب والمراجع والدراسات فيها؟ وهل يفي بمتطلبات العملية التعليمية ويكون بديلاً ونداً لكلية الإعلام الأم ما دمت قد أيدت حرمان أبناء الأقاليم من الالتحاق بها، دون أن توفر لهم الحدود الدنيا من متطلبات التعليم والتعلم والتدريب والبحث والتطوير؟ لن أتحدث عن مكاتب أعضاء هيئة التدريس الآن لأن الكلية لم تكتمل بعد هيئتها التدريسية وتلك مشكلة أخرى.

أشفق على عميد الكلية ، وعلى طلبتها من ظروف بالغة الصعوبة تتم خلالها العملية التعليمية، دون الحد الأدنى من الإمكانيات ودون اتفاقيات للتعاون في التدريب مع المؤسسات الإعلامية بإقليم الصعيد، وهذا منتهى التمييز وعدم المساواة في فرص التعليم والتدريب بين طلاب إعلام بني سويف مقارنة بأقرانهم في إعلام القاهرة، وتلك مشكلة لا يتحملها عميد الكلية ولا يسأل عنها الطلاب، وانما أنت المسؤول الأول عن تطوير هذا القطاع خلفاً للراحل الخلوق د عدلي رضا.

قل لي بالله عليك كم عدد الصحف والإذاعات والفضائيات في الصعيد- الذي أهملته يد التطوير عبر عقود  وحتى الآن – لتستوعب أبناء الصعيد وكذلك الدلتا من الدارسين بكلية إعلام بني سويف؟

كنت أحسب أن تكون أول المتحيزين للمتفوقين في الثانوية العامة من أبناء الأقاليم، الراغبون في الالتحاق بكلية الإعلام، وأن تدعم استثنائهم من شرط التوزيع الجغرافي طالما ارتضينا قاعدة المجموع للالتحاق بالكليات، وطالما يشفع لهم تفوقهم، بدلاً من وأد أحلامهم البسيطة في الالتحاق بكلية هي درة تاج كليات العلوم الاجتماعية والإنسانية مع كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وهما من حق كل الطلاب المصريين.

كنت أحسب – وأنت أدرى – أن يزعجك في لجنة  قطاع الدراسات الإعلامية أنبوبة كليات التربية النوعية التي ضربت في مصر منذ أوائل التسعينيات بلا توصيف ولا تدقيق في فهم طبيعة الإعلام التربوي بها وشٌعب الإعلام في أقسام الاجتماع، خاصة وقد تخرج منها أجيال وحصلوا على درجات علمية بين الماجستير والدكتوراه، وبعضهم أصبح من الأساتذة الذين يلبون الاحتياج المتزايد لأعضاء هيئة التدريس في كليات وأقسام الإعلام الجديدة وليست كليات التربية النوعية فقط، وكذلك يلبون حاجات السوق العربية والخليجية من أساتذة الإعلام وليس الإعلام التربوي فقط، رغم ما بينهما من مسافات أنت أقدر على حسابها وإدراك تبعاتها، وبالطبع هذا ليس ذنب الدارسين بتلك الكليات ولا المتخرجين منها ولا الحاصلين على درجات علمية فيها، وإنما هي مسؤولية المسؤول الأول عن قطاع الدراسات الإعلامية بمصر على حد علمي.

كنت أحسب وأنت الأستاذ القدير والخبير الأشهر في مجالك، أنك ستعني ببرامج الإعلام باللغة الإنجليزية التي صارت موضة حتى في الكليات والأقسام الوليدة، دون أن تعد أياً من بما فيها إعلام القاهرة، أعضاء هيئة التدريس القادرون على التدريس باللغة الإنجليزية، فتشوه الهدف النبيل وتَفرغ من مضمونه تماماً، حين دأب عدد ليس بالقليل في كلية الإعلام الأم على التدريس بالعربية في الشعبة الإنجليزية، أو المزج بين العربية والإنجليزية على أحسن الأحوال، ناهيك عن عدم وجود مقررات أو إنتاج فكري أصيل بهذه اللغة لأساتذة الكلية الأم ، فهل تتصور معي حجم المأساة في الكليات والأقسام الأخرى.؟

كنت أحسب أنك ستعني كثيراً بواقع النشر الدولي وحجمه في الدراسات الإعلامية، أو إنك ستراجع حالة المدرسة الإعلامية المصرية على مستوى الأساتذة وعلى مستوى المحتوى الدراسي والمقررات واللوائح البالية التي هي نسخ ومسخ للائحة الكلية الأم، أو إنك ستسعى جاهداً لتقول لنا كم برنامج إعلامي في مصر حصل على الاعتماد الأكاديمي الدولي من مدارس إعلامية عالمية مرموقة، أحسب أنك كنت ستعني أكثر من حرمان الطلبة أبناء الأقاليم من الدراسة بإعلام القاهرة، أن تخبرني بمستوى الكلية وأساتذتها بمعايير ومؤشرات دولية أنت أعرف مني بها، أو قل على أقل تقدير بمعايير إقليمية وخليجية عربية، فلم يعد أعضاء هيئة التدريس من المدرسة المصرية للإعلام هم الرقم واحد في الجامعات العربية والخليجية وأنت أدرى بالأسباب، تراجعنا كثيراً للخلف وزملاؤك وتلاميذك في الجامعات العربية، خير شهود على ما أقول رغم أن التاريخ يشهد أنه لم ينشأ أي قسم أو كلية للإعلام بالمنطقة العربية إلا بعقل وفكر أساتذة الإعلام المصريين!

كنت أحسب أنك وأنت الأستاذ الخبير، ستعيد النظر في برنامج الإعلام الذي صار ضمن برامج التعليم المفتوح في مصر منذ 1999في وقت لا يوجد طب تعليم مفتوح ولا هندسة ولا اقتصاد وعلوم سياسية وطبعاً أنت أدرى بأسباب ومواقف هذه الكليات المرموقة من التعليم المفتوح – هذا البرنامج شَكل ضغطاً رهيباً على قدرات كلية الإعلام وأستنفد الوقت والجهد من أساتذتها وسحب طاقاتهم للألوف المؤلفة من المقبولين بالتعليم المفتوح، حتى صار سوقاً وسبوبة يتنازع عليها البعض تاركاً دوره في الإنتاج البحثي والنشر العلمي المحلي قبل الدولي جانباً، ناهيك عن الضغوط الأخرى التي فرضتها كليات ومعاهد الإعلام الخاصة بمصر، والتي دفعت الكلية لإيقاف التسجيل بدرجتي الماجستير والدكتوراه لمدة عام اعتباراً من أغسطس 2015 الجاري وحتى نهاية يوليو 2016 المقبل، بعد أن اكتشف أساتذة الكلية أن بقسم الإذاعة والتليفزيون نحو 250 رسالة مسجلة لم تناقش بعد، و 150 رسالة مسجلة في قسم الصحافة أيضاً.

كنت أحسب أنك ستقوم بثورة لتجديد المقررات،- أو دعك من لفظة ثورة فهي تزعجك كثيراً - ولنقل خطوة تصحيحية للمقررات بنظرة واعية للوائح الكلية، فأين كلية الإعلام الأم من تخصص الاتصال الجماهيري الذي ترسخت أقدامه في الجامعات الغربية المرموقة منذ عقود في وقت نكتفي بالمشاهدة أو إعادة إنتاج جهد الآخرين في هذا المجال؟ أين تخصص الإعلام الرقمي بشعبه المختلفة، والذي بات واقعاً مسيطراً على صناعة الإعلام العالمية والإقليمية والعربية على السواء، في وقت تزعجنا أصوات طلاب الكلية إذا ما تكتلوا على فضاء شبكات التواصل الاجتماعي مهددين بإزاحتنا من قلاعنا ومواقعنا؟  

قد تشعر معي بالأسى وأنت تطالع كتب التشريعات الإعلامية العقيمة وهي عاجزة عن توصيف أو تقنين أوضاع وسائل الإعلام التقليدية السائدة وواقع الأداء المهني بها، ولتأسى أكثر إلى حد الحسرة على غياب مرجع أكاديمي واحد حول التشريعات الإعلامية للإعلام الجديد ومنصاته، في وقت قطعت مدارس الإعلام الغربية والشركات والمؤسسات ذات الصلة، شوطاً كبيراً منذ عقدين من الزمان صوب حوكمة الانترنت ومنصاتها الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي عليها.

لن أتحدث عن مستوى خريجين الإعلام في الفترة الأخيرة، ولن أتحدث عن العاملين بالإعلام من غير المتخصصين، فأنت متابع جيد تقرأ وتسمع وتشاهد، وتملك قدرات فائقة للتطوير – هذا يقيني وعهدي بك – لكن أن تؤيد حرمان الطلاب المتفوقين من الدلتا والصعيد من الالتحاق بكلية إعلام القاهرة، فهذا ما لم أكن أتوقعه مطلقاً.

 

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز