عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
رفقاً بولدك أبى
بقلم
رشا بكر

رفقاً بولدك أبى

بقلم : رشا بكر


شرعتُ ناهضاً من نومى فأغتصبتْ يَده وجهى، دفعتنى فعاودت النوم ورأيته بوجهه المغضن، وعينيه الباهتتين، الهواء يهزُ جسده ويدفع بجلبابه المهيب بين ساقيه




. وأنا أجلس عند الساقية ولد صغير اقرأ الكتب، أتأمل، أضحك للزرعة الخضراء أمامى فتبتسم ،وتهتز راقصةً لى .


وهممّتُ أن أقومُ من نومى تارةً أخرى، فإذا بيدهِ تداهمنى وتغتصب وجهى مرة أخرى تخدرنى وتدفعنى إلى النوم .


ولد ابن ناس مخنوقًا، مشنوقًا أبحث عن روحى، "اتركنى يا أبى، اتركنى أسافر، أغادر اتزوج بمن أسرت قلبى".


 كانت أصابعها تدخل بين أصابعى تحتضنها وتنام، يجرى الحلم فى دمى احساساً يخلعنى عن الارض فيُصعدنى إلى السماء، أقطف أشعاراً أهديها لها. وإذا بعينيه الخرزتين تُطاردنى، تخترقنى، تطلق فحيحها فى جسدى.


"سأغادر يا أبى، وأرحل إالى حب عمرى، فأعلم أننى لن أكون ابداً ولدً عاقًا ".



ركبتً العربة وبعدتُ، وتباعدت، ثم هربت تباعدت العربة، وتباعد أبى، تباعدت البنات على الترعة، الحميرعلى الجِسر، أخذ العالم يفر إلى وراء.
 
إلى حبيبتى فى الغربِ سافرت، هممت وقمت هذه المرة إصرارا، لم أستسلم ليده. وجدتُ أشياءً على سريرى (بدلة عرس، وبابيون، وحذاءً يلمع حتى رأيت وجهى فيه)


أرتديتُ هذه الاشياء ووقفت أمام المرآة الكبيرة ونظرت فلم أعرف نفسى، رجلاً كاملاً وسيمًا، وكان الواقف أمامى فى المرآة يُشبهنى، ابتسمت وكدّت أنحنِ للواقف أمامى ولكننى تبينت أننى أمام مرآة .


فقولتُ لنفسى "مبروك يا عريس"


أردت الخروج فوجدت الغرفة لا باب ولا شباك لها..!


الغرفة لا باب لها ولا شباك!  


 وضعتُ أذنى على الجدار، سمعت صوت العربات وهى تتشابك، تمرق، والضوضاء تصلنى من خلف الجدران، الضوء، العربات وهى تتلوى وتبطىء، تدور...


على أية حال "مبروك يا عريس". أنا عريس! نعم أنا عريس اليوم على لقاء بحبيبة عمرى، التى سأعيش معها وأموت مدفونًا فى مجرى نهرعبيرها، فإذا بصوت أبى يَهدرُ من السقف يطاردنى واللمبة مدلاة فوق رأسى مباشرة، وأتفصد عرقًا.


- احنا مانعرفش حاجة عن البنت دى، ولا نعرفلها اصل ولا فصل، دى موش من بلادنا.  


- رفقا يا أبى الم يقل الله تعالى "إنا خلقناكم من ذكر وأنثى لتعارفوا..." ؟ إنها فتاة جميلة،ذكية، طيبة، خلوقة، وحنونة، وأنا أحبها، أتنفسها، قلبى ينبض لاسمها.


- لو اتجوزتها مالكش عندى فلوس وما تنساش "انت ومالك لأبيك" عليك طاعتى والبر بى .


- يا أبى، أنت تُعطِ لنفسك رخصة بهذا القول لتخنق حياتى، يا ابتِ ألم يقل الرسول 


( رَحِمَ اللهُ وَالِداً أَعَانَ وَلَدَهُ عَلَى بِرِّه)؟ ءأنت تبيعنى يا أبى وتطلب منى أن أشترى رضاءك !؟


- أنت أبنى ومن حقى أن اختار لكَ من تُناسبك، وجئت لك بأجمل بنات القرية لتتزوجها.


- يا أبتِ، إنى أحب امرأة فيها جمّال النساء كله فيها الجنة وفيها سكنى. ليس النساء بجمالهن عندى بل من أحببتها هى سر حياتى، إنى أعشق روحها. الحب لحظة، إن لم أعيشها مع من أحببت سأموت.


- حب!؟  يا بنى الرجل الحقيقى لا يضعف؛ لا تعرف كلمة الحب لقلبِه طريق.


- لماذا يا أبتِ تَصبُّ إحساسك بالنقص الذى عيشته بحياتِك فى أخاديدى؟ وتبحث عن حياتك فى حياتى؟! أنا أبحثُ عن حياتى أنا. أنا أريد أن أعيش لى. أتركنى أبحث عن حياتى بنفسى.


- ألم تعلم يا ولد أننى أبيك الذى صَنعك، وجعلك عالماً، "دكتور قد الدنيا"؟


- أعلمُ يا أبى إنك جعلتنى أيقونة لحياتك، مجرد أيقونة تتباهى بيها وسط الخلق ، لكنك فى حقيقة الأمر تذّلنى تقيد عنقى، يا أبتِ إنك تقتُلنى خطأً، فاستفق يرحمك ربى.


- أنا أعلم منك بالتى تناسبك وأخترت لك بحسب خبرتى ومعرفتى بالحياة فأترك تلك الفتاة ونحها من رأسك وأعمل بقولى .



- يا أبتِ قال الله " فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُر) كيف يُخيرنى من خلقنى بين الكفروالإيمان وأنت تجبرنى على ماهو أقل، ترك من احببت ؟!


- إنها فتاة متحررة، ولا تليق بنا وليس مناسباً أن يقترن اسمها باسم عائلتنا.


- يا ابت الم يقل الله" ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ .. هل ستكون سعيداً لو تزوجتها سرا، أو إذا فعلت معها ما يفعل الرجل بامرأة بدون زواج، أم أنك ستسعد بى وأنا مجنون؟


- أنت أبنى، انت مِلكى، مِلكى أنا فقط؛ فاعلم أنك إذا تزوجت تلك الفتاة سينالك غضب قلبى ليوم الدين.


وسُدتّ الأبواب والنوافذ. ضربت الجدران بيدى، "افتح .. افتح لى ثغرة" الغرفة ضيقة كدّت أختنق


افتح.. افتح لى نافذة أهوي منها، اقتلنى، ولا تتركنى هكذا، أنا مسجون، أنا مجنون، انا ضائع...


 أريد حبيبتى، سأتأخر عن موعدنا، أتركنى، لا أريدها أن تشعر بملل الانتظار، وسادت العتمة ووجدت يده تغتصب وجهى وتغطتنى فى النوم مجددا، " نمّ" فأنام، وأقوم أضرب الجدران "افتح .. افتح ،اخرجنى، رفقا بى يا أبى "

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز