فرق سرعات

بقلم : جورج أنسي

عندما اتيح لنا - كمجموعة شباب صحفيين في ذلك الوقت - ان نزور في عام ١٩٩٣ احدى النقاط الحصينة علي الضفة الشرقية للقناة والتى ابدع العدو  في تجهيزها قبل اكثر من اربعة عقود ،هالنا ما رأيناه ومالم نتوقعه.

الموقع هو (تبة الشجرة) ذو التحصينات الداخلية والخارجية التى اقامها الجيش الاسرائيلى ليكون هذا المكان محصنا ومعدا بصورة جيدة للاقامة والاستعداد العالي لمواجهة قواتنا المسلحة اذا ماحدث هجوم مباغت عليهم.

ويكفى ان اقول ان المكان كان مجهزا باحدث وسائل الاتصال التي تربط الموقع بكل المواقع الحصينة بخط بارليف على طول خط المواجهة مع مصر ، كم اعد الموقع ليتحمل الضربات الجوية وقذائف المدفعية المصرية وهو ما شكل عمليا صعوبة فى ضربة ، مما اضطر القوات المصرية الى اقتحامة بالقوات البرية فى عمليه اشبه بالفدائية ليتم الاستيلاء عليه ويتحول الى مزار سياحي وشاهد للاجيال الجديدة على بسالة قواتنا فى معركة الشرف والكرامة.

اننى اتصور ان زيارتي لهذا المكان جاءت متأخرة جدا جدا ، وهو ما شكل قصوراً كبيراً لجيل كامل ظلت  خبراته ومعلوماته عن هذة الحرب الخالدة يستقيها من خمسة او ستة افلام تعاد مع ذكرى العبور كل عام ، وربما حاولت تعويض ذلك قبل هذة الزيارة الميدانية قبل تخرجى فى الجامعة بزيارة بانوراما حرب اكتوبر - على طريق صلاح سالم بالقاهرة- حيث كانت المبادرة من جانبنا - كمجموعة طلاب - لنشاهد ونفهم ونتعلم ونحن على اعتاب الحياة العملية... وهى كارثة بكل المقاييس !

لقد اسعدنى ابنى هذا الاسبوع عندما اخبرنى ان مدرسته بصدد الاعداد لرحلة لقناة السويس الجديدة - و بالمناسبة فهو تجاوز السابعة من عمره بقليل - وهو ما يعنى اننى وجيلى تأخرنا اكثر من ١٥ عاما على المعرفة!

بطبيعة الحال هو (فرق سرعات ) بين الاجيال ليبقي الامل في جيل يفهم ويستوعب ويحلل مبكراً ولا يلقن ليحفظ، والفائز فى النهاية وطن نخاف عليه ونحلم به قوياً معافاً من امراض وفدت الينا لتدمر ذاكرتنا الوطنية بحرفية عالية