عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ألسنا نحتاج رجلا كهذا ؟

ألسنا نحتاج رجلا كهذا ؟

بقلم : محمد عزوز

اتضح من الانتخابات المصرية الأخيرة أن جُل النخبة المصرية المثقفة لا تعمل لوجه الله والوطن، لعلي وأنا أتابع الناجحين في انتخابات مجلس النواب جاء إلى ذاكرتي ذلك الشيخ الذي سمعت عنه منذّ صغري وقرأت عنه الكثير والكثير إنه الشيخ محمود أبو العيون المعروف بقاهر البغاء والأعداء في مصر .



ولعل الأقدار وحدها هي التي جعلت الشيخ يولد عام 1882 وهو نفس عام احتلال مصر من قبل بريطانيا ليقضي حياته كلها مناهضاً لهذا الاحتلال ،ولد الشيخ أبو العيون بقرية دشلوط بمركز ديروط التابع لمحافظة أسيوط لأسرة أزهرية تنتسب إلى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما تعلم في مدارس ديروط  الأزهرية ثم حضر إلى القاهرة لاستكمال دراسته الأزهرية إلى أن نال الدرجة العالمية الأزهرية "تماثل الدكتوراه في الجامعات الحكومية " ،لم يكن الشيخ محمود أبو العيون شيخاً عادياً بل كان علماً من أعلام الأزهر الشريف في الدين وكانت له مقالات في مجلة الأزهر والهلال والأهرام وغيرهما ومن مؤلفاته كتاب "الجامع الأزهر" عن الأزهر وشيوخه وأعلامه .

كان الشيخ محمود أبو العيون من أوائل الذين طالبوا بتدريس المواد العلمية في الأزهر الشريف ولم يكتف الشيخ عند ذلك بل امتد نشاطه للعمل الاجتماعي أولا فشن حملة صحفية ضد البغاء"وهو إباحة بيوت الدعارة من قبل الدولة " ،وكان البغاء في مصر سياسة بريطانية للترفيه عن الجنود المغتربين من جهه وشغل الناس عن القضايا الوطنية من جهة أخرى فظل الشيخ يحارب البغاء لمدة 30 عاماً إلى أن صدر قانون تجريم البغاء عام  1949.

لم يكن الشيخ مصلحا اجتماعيا فقط فقد كان سياسياً ثائراً أيضاً ففي عام 1919 قامت الثورة المجيدة التي تزعمها سعد زغلول فكان الشيخ أبو العيون من قادتها حيثُ استقبل  القس سرجيوس في الجامع الأزهر الذي كان هو خطيبه آنذاك ،وقاد المظاهرات من الجامع الأزهر هو والقس سرجيوس وساروا في شوارع مصر المحروسة إلى أن اعتقله الانجليز .

ولم يكد الشيخ ينتهي من معركته ضد البغاء عام 1949حتى وجد أحوال البلاد والعباد في سوء كبير وأن وراء كل ذلك شاب منفلت يحكم البلاد والعباد اسمه فاروق الأول فتحدث في الجرائد عن الليالي الحمراء في القصور الملكية  التي يقيمها فاروق في نادي السيارات و عابدين.

وقد كان رحمه الله جريئاً جداً لدرجة أنه في عام 1946وذات يوم نتيجة مقالاته ضد الملك صدر قرارا باعتقاله فأعتقل بزيه  الأزهري فقام ضابط البوليس السياسي بإلقاء عمامته من فوق رأسه.. وبعد خروجه من السجن كان في حفل كبير يحضره النقراشي باشا رئيس الوزراء فضرب ضربوش النقراشي وألقى به على الأرض، فانزعج النقراشي  فقال له الشيخ محمود بصوت جهور طربوش رئيس الوزراء بعمامة الشيخ أبو العيون وقد كان النقراشي على علم بما فعله الضابط بالبوليس السياسي فقدم اعتذاره للشيخ عما بدر من سوء أخلاق من الضابط  .

ولعل من مآثر الشيخ محمود أبو العيون أنه كان يجالس الفنانين وقتها لدرجة أن الفنانة ليلى مراد أسلمت على يديه بل وكان يفتي لهم، كما بدأ حملة طالب فيها آنذاك  بإصدار قانون للاحتشام على الشواطئ العامة لكن العمر لم يمهله ففي عام 1950 وأثناء ذهابه للأزهر بالتروماي  كما اعتاد الشيخ انزلق تحته  لأسباب غير معروفه وأكد جميع المحيطين به أن وراء هذه الفعلة الملك بعدما نشر الشيخ فضائحه في نادي السيارات وفي القصر، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هل يوجد في النخبة المصرية رجلا كهذا يعمل لوجه الله والوطن بدلاً من البحث عن السمعة والصيت والمال والنفوذ السياسي أو بمعنى أخر "ألسنا نحتاج رجلاً كهذا؟!" طيب الله أيامكم وإلى لقاء.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز