عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الحب وحده يكفى

الحب وحده يكفى

بقلم : غادة كريم

 كان عملها كمضيفة جوية يمكِّنُها من السفر إلى أماكن جديدة والتحدث إلى أشخاص جدد، ربما تنسى ما لم تستطع نسيانه بلا عمل طيلة أشهر حزينة تقاوم خلالها ذكريات رجل واحد يسكن مكان واحد.. قلبها!! نعم كان قرارها هى بالرحيل، ولكن من يملك السيطرة على قلبه وعقله معًا، يكفى أن يتخذ أحدهما القرار فيعنِّفه الآخر ويبدأ الصراع. كان عمله كمغنى شهير يجعله دائم الانشغال، ويجعل علاقتهما تبدو عابرة فى المطار أو إحدى حفلاته، وعندما يزيد القدر من سخائه يمنحهما عشاءً رومانسيًا، ولكن مع الأيام ازداد عمق إحساس كل منهما تجاه الآخر، غرقًا فى حالة هذيان عشقى لم يشعرا به من قبل، وكانت أولى خطوات النهاية. فى مطعم أنيق على العشاء نظرت إليه بعمق وقالت: "أتحبنى؟". مد يده نحوها يتحسس يدها كتائه وجد ضالته من جديد قائلا: لقد غنيت أجمل وأشهرالألحان، ولم أشعرأن قلبى ينبض بالموسيقى إلا بالقرب من عينيك. قالت: :فلنتزوج إذن".



كانت الكلملة كالصاعقة، يحبها ولكن أى حياة تلك التى يحيا فيها عصفور طليق ستحولها كلمة إلى مسئولية وأطفال وواجبات اجتماعية، مر كل شريط خلافات أصدقائه الزوجية فى عقله للحظة، ثم أجاب: حبيبتى لماذا يجب أن يختنق حبنا الجميل وسط صخب الزواج، ألم تخبرينى يومًا أن حياتك بين السحاب تبدو أجمل من كل المنازل على الأرض. قالت: نعم ولكن لم أخبرك أننى بين ذراعيك أصل إلى السحاب على الأرض، وأتمنى أن يكون من حقى احتضانك طوال الوقت. ساد الصمت للحظات، آلمها الكبرياء؛ فوقفت وغادرت المكان، لم يلحق بها، بعثت له رسالة: "كنت أتمنى لو كنت رحيمًا بقلبى؛ فخسارتك تعنى لى اختفاء سحاب السماء وهواء الأرض أيضًا.. الوداع". ظلت شهور حزينة تتألم وتنظر إلى هاتفها، ربما سيعتذر اليوم وربما سيعود إليها غدًا وربما وربما وربما، كانت الاحتمالات تزيدها بؤسًا، قررت العودة إلى السحاب فى أقرب رحلة.

فى الصباح على متن الطائرة أخبرتها صديقتها أنها تبدو شاحبة جدًا حتى بعد أجازتها الطويلة، بينما هو يستعد لأغنية جديدة مع مطربة لبنانية، وصورهما تملأ الصحف ويبدو سعيدًا، تذكرت أنه كان يتابع هذه المطربة باهتمام قائلا: إنها عصفورة شرقية، كم يتمنى الغناء بجانبها على ألحان موسيقى مختلفة تجمعهما سويًا. أكلت الغيرة قلبها حتى آخر خلية، مازالت تحبه ومازالت تغار، بعد دقائق من هبوط الطائرة أسرعت إلى منزلها، وفى الطريق كانت موسيقاها الداخلية تدندن أغنية فيروز "زعلى طول أنا وياك".. فقررت ألا تنسحب وتترك حبيبها لفتاة أخرى حتى ولو كانت عصفورة، بعثت له على الاستديو باقة كبيرة من الورود الصفراء وعلى البطاقة: "أتمنى لك رحلة موسيقية سعيدة مع عصفورتك الجديدة". كانت الباقة أجمل ما حدث منذ شهور، لم يدرك كم افتقدها، المسافات ربما تعيد ترتيب الأشياء فى قلوبنا من جديد، اشتاق إليها، أدرك كم يحتاج إليها، ولكنه لم يملك الجرأة ليهاتفها. فى الصباح الباكر، يدق جرس الباب، من الذى يقرر زيارتها فى هذه الساعة المبكرة؟ كان القدر يحمل إليها هدية كبيرة، كان هو.. أتراها تحلم؟؟..

 

قرر زيارتها فجأة، بينما هى نائمة متعبة من العمل وشاحبة من طول انتظارها لمجيئه، هرولت إلى غرفة النوم لتضع عطرها الذى يفضله؛ لعله يحتضنها فيعرف أنها لم تنسى. - أهلا.. تبدو بخير فلماذا أنت هنا فى هذه الساعة وما هذه الورود؟ - أهدتنى أمس امرأة ساحرة ورود صفراء تحمل لون الغيرة، فحملت لها اليوم ورود حمراء بنكهة أخرى. - ضحكت.. ماذا تحمل إذن ورودك من نكهات.. عصافير شرقية؟ فقبل شفتيها، كانت قبلة سريعة ولكنها عميقة، لامست آخر خلية على جدار قلبها الشغوف لتعصف به، وتحولت وجنتيها إلى لون يزيد حمرة عن وروده.. همس فى أذنها: - افتقدتك كثيرًا، وأحن إليكِ كل صباح. - لماذا لم تهاتفنى إذن طوال هذه الأشهر؟

 

- ظننتك غاضبة حبيبتى ولن تردى أبدًا بداخل عقلها تتمنى أن تقتل غرور هذا الرجل، تبًّا لهذا الغرور الأجوف، كم تتمنى المرأة لو يشعر الرجل بمشاعر امرأة غاضبة تركها أيضًا وحيدة. - لماذا أتيت إذن، فربما مازلت غاضبة؟ - جئت أحمل إليكِ هذه الورود الحمراء بنكهة الاشتياق، وهذه البطاقة، وربما بطاقات أخرى.. وضحك. فسحبت بطاقة الورود لتقرأ: "لديك خمس ساعات لنتزوج، فمعى تذاكر سفر ستحملنا لإيطاليا بلدنا المفضل لقضاء شهر العسل". لم تكن الدموع التى تساقطت من عينيها كافية للموافقة، فاحتضنته على باب شقتها لتعلن للجميع أنها قد تخلت عن كل غيمات العالم لتحتضن هذا الرجل كل مساء، إنها تحبه وتحبه وتحبه وستتزوجه. على متن الطائرة المتجهة لإيطاليا، بعد إتمام مراسم الزوا،ج كانت تنظر إليه وتحدث نفسها عن هذه السعادة التى تملأ قلب الإنسان فجأة بعد تعاسة لمدة أشهر، هل الحب وحده كافٍ أن يزيل آثار هذا الدمار العاصف وينبت أزهار وليدة داخل قلبها الممدد فى كف هذا الرجل من جديد، كانت فى الأمس تعيسة بعيدًا عنه، والآن أميرة بجانبه. الحب يسلخنا من حياة لأخرى بسرعة البرق؛ فالعشاق هم سحرة هذا الكوكب، وحده الحب يكفيهم ليسقطوا للأرض أكثر تألقًا من نجوم السماء، حاصلين على لقب "عشَّاق" ليبدأ كل هذا السحر!!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز