عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
معرض الشارقة للكتاب.. التجربة الرائدة

معرض الشارقة للكتاب.. التجربة الرائدة

بقلم : عبدالجواد أبوكب
 
لم يكن إطلاق الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة اشارة البدء لانطلاق فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتابة في دورته ال ٣٤، مجرد ايذان ببدء معرض كتاب ككل المعارض، فمعرض الشارقة يختلف لأنه كالغيث أينما وقع نفع، ولعل المشاهد الرئيسية المختلفة بداخله كانت كل تفاصيلها تؤكد هذا القاعدة .
 
فالشارقة معرض يندر وجود مثيل له فيما يتعلق بدعم الحاكم، فالدكتور سلطان القاسمي الأديب والمثقف لا يتعامل مع المعرض باعتباره مجرد حدث ثقافي يقام تحت رعايته، لكنه يتعامل معه باعتباره رسالة عالمية لها هدف استراتيجي يعمل علي نشر الثقافة والمعرفة ومواجهة قوي الظلام ونشر مفاهيم التسامح ونبذ التعصب، ولذلك يعمل  من موقعه كصاحب قرار علي دعم حركتي النشر والترجمة بمفهوم يدعم انتشار الفكر العربي والإسلام الوسطي وينقل عن الغرب فوائده وتقدمه العلمي فقط.
 
ومن هذا المربع تحديدا ينطلق رئيس هيئة الشارقة للكتاب أحمد بن ركاض العامري لينفذ الرؤية الثقافية الاستراتيجية والواسعة الأفق لإمارة الشارقة التي تدخل صناعة النشر، وتقيم المعارض وتستضيف خبراء المعرفة دون أن تضع نصب عينها هدف الربح الذي يفسد كل المقاصد النبيلة في المعارض والفعاليات الثقافية الدولية التي ينظمها الآخرون ويطيح سيف الربح فيها بكل أعناق الأهداف النبيلة لخدمة المجتمع وعالم المعرفة.
 
ولعل معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي يستضيف في دورته الـ 43 نحو 1546 دار نشر من 64 دولة تعرض مجتمعة أكثر من 1.5 مليون عنوان ويقوم بالتغطية الإعلامية فيه 300 إعلامي من بينهم 100 إعلامي من خارج الإمارات، يتميز بكون رفعة المجتمع بمعناه الواسع هي هدفه الأول، ولذلك تجده يتفاعل مع أفراد المجتمع ككل، ويبرز في المقدمة الاهتمام بالطفل، فهو وتفاصيله أول ما يقابلك في المعرض سواء المشاركون في برنامج تحدي القراءة، أو جناح وزارة التربية والتعليم ، أو القاعة المخصصة لمكتبات الأطفال والوسائل التعليمية  من مختلف دول العالم، ونهاية بمسرح الطفل والأعمال الفنية الهادفة  ووسائل الترفيه التي تقدم لهم يوميا وتشمل كل شيء من القراءة وحتي العروض الموسيقية والكوميكس، ويركز معرض الشارقة للكتاب علي الطفل بهدف رئيسي وهو زرع حب القراءة والمعرفة بداخله بحيث يكون عندما يكبر محبا للكتاب وللثقافة والمعرفة النافعة التي تكون درعا واقية ا لأي إنسان من الأفكار الظلامية ودعاوي التطرف.
 
إضافة إلي جعل الثقافة عاملا رئيسيا يشجع علي حب الوطن وحب الآخر والتعايش معه علي اختلاف آرائه، وتشجيع التفاهم وبناء جسور بين أبناء الوطن بمعناه الشامل وبالعالم أيضا، ويأتي دعم حاكم  الشارقة للناشرين في المعرض  بأكثر من مليوني درهم إماراتي ليؤكد بوضوح هذا المعني مع أن الأمر لا يحتاج لتأكيد.
 
 
 وحتي فيما يتعلق  بالجوائز والتكريمات والفعاليات فهي مدروسة ولها قواعدها ، وإذا  ضربنا مثلا باختيار خالد الفيصل أمير مكة ومستشار الملك سلمان رجلا للعام في الثقافة، وهو اختيار جاء في محله وكان عين الصواب، فالأمير خالد الفيصل مبدع حقيقي يحرص علي انتاج دائم رغم كل المهام والمشاغل الواقعة علي عاتقه، وهو داعم حقيقي للثقافة والإعلام، ويركز في دعمه بشكل كبير علي فئة الشباب، وله تجربة رائدة في هذا المجال، واذا  تحدثنا عن تكريم  المبدع الراحل جمال الغيطاني، فهو تكريم في محله لرجل يمثل حالة خاصة في الأدب والصحافة والتأريخ، وقدم تم اختياره ليكرم وهو علي قيد الحياة تقديرا لدوره في خدمة الثقافة العربية لكن وافته المنية، وشاء القدر أن يكون معرض الشارقة للكتاب هو أول من يكرم أديب مصر الكبير بالشكل الذي يستحقه.
 
وعلي مستوي التطوير حرص المعرض علي مناقشة مستقبل النشر والترجمة، وتطوير الفكر الاداري في قطاع المكتبات ونقل الخبرات بين المشاركين من  64 دولة، بالإضافة إلي مؤتمر المكتبات الذي عقد بمشاركة 18 دولة، كما قدم تدريبا إعلاميا محترفا من خلال مؤسسة الشارقة للإعلام علي التقنيات الحديثة، وخصص مسابقة لطلاب الجامعات في الصحافة لتكون فعاليات المعرض بمثابة تدريب عملي لهم علي التغطية.
 
ولم يغب صناع الارادة عن المشهد حيث كانت الكتب بطريقة برايل حاضرة وركن التوحد وجناح إنتاج ذوي الاحتياجات الخاصة في صدارة الأماكن المخصصة للعارضين، ومن تجارب البيئة المميزة إلي ركن الترويج للمتاحف والأجنحة الوطنية التي تسوق لدولها، ومن نجوم التواصل الاجتماعي إلي مشاهير الطهي، ومن التنظيم الراقي والمنضبط إلي المركز الاعلامي الذي بذل جهدا جبارا لتوفير اللوجستيات اللازمة لانجاز مهمة الاعلاميين علي مختلف لغاتهم  ومتطلبات كل منهم من تحديد مواعيد مع ضيوف المعرض والمسئولين، وانتهاءا بالخلوق والمحترم أحمد بن ركاض العامري الذي يفهم مهام منصبه ومهمته الوطنية جيدا ويقسو علي نفسه ليخصص وقتا للجميع متابعا ومتحدثا ومشاركا ومضيفا بشوشا،  كان كل شيء  في معرض الشارقة للكتاب يمثل علامة خاصة ويؤكد أنه تجربة تستحق الاقتداء بها.
 



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز