عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مؤامرات إبليس (16) .. الحرب العالمية الثالثة

مؤامرات إبليس (16) .. الحرب العالمية الثالثة

بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر

توقفنا في سلسلة الحرب العالمية في الحلقة السابقة (الخامسة عشرة) عند سقوط الإخوان وإعلان 3 يوليو 2013م ، والذي أحدث دويا سياسيا عالميا وتوقعت بل وانتظرت أوروبا وإسرائيل بفارغ صبر ردود الفعل الأمريكية ، فقد لاحت الفرصة الذهبية لتنفيذ مسلسل ليبيا للمرة الثانية ولكن هذه المرة في مصر لإنقاذ الشرعية ودحر الانقلاب على حد تعبير (أوباما) ، وتروي هيلاري كلينتون في كتابها (الخيارات الصعبة) تفاصيل الساعات والأيام التي تلت إعلان عزل مرسي بكثير من المرارة وخيبة الأمل حيث فشلت قطع الأسطول الأمريكي من دخول المياه الإقليمية المصرية في البحرين الأحمر والأبيض وتقول أن أمريكا فوجئت بامتلاك مصر لتكنولوجيا وقدرات متفوقة لرصد وتتبع وضرب الأهداف البحرية سواء من البحر أو الجو أجبرت قطع الأسطول على الخروج من المياه الإقليمية وأفشلت تماما تكرار مسلسل ليبيا والمخطط لدخول مصر أو استهداف قواعد القوات المسلحة ومراكز قياداتها ولم تجد أمريكا وسيلة للتعامل مع النظام المصري حتى اليوم ، فهي لا تستطيع توجيه ضربة إستراتيجية لمصر ولا تستطيع الدخول معها في حرب طويلة الأمد ، وعلى حد تعبير هيلاري كلينتون والمبنية على تقارير البنتاجون والمخابرات الأمريكية فمصر ليست كالعراق أو سوريا أو أية دولة في الشرق الأوسط وعلاقة شعبها بالجيش علاقة تاريخية وقوية ووثيقة وداعمة وتحميها قيما اجتماعية ودينية راسخة ، ولا سبيل لاختراقها أو كسرها .



وقبل انتهاء مهلة السيسي للقوى السياسية وظهور بوادر تدخل القوات المسلحة لصالح الشعب تم عقد اجتماع عاجل للتنظيم الدولي برعاية وإشراف أجهزة مخابرات السبعة (أمريكا وبريطانيا وألمانيا وإسرائيل وتركيا وقطر وإيران) وكان المخطط هو قيام التنظيم داخل مصر بمعاونة السلفيين بإحداث حالة الانقسام السياسي في مصر لخلق ظروف مناسبة للتدخل الدولي وفرض عودة الإخوان بالقوة أو تقسيم مصر بين القوى المتصارعة ، وذلك بسرعة الحشد لعناصر الإخوان والمؤيدين لهم في ميادين مصر الكبرى ، إراقة أكبر قدر من الدماء كافية لسبغ الشرعية على التدخل الأمريكي المسلح ، ولكن بفشل الأسطول الأمريكي في مهمته على يد القوات المسلحة لم يعد متبقيا من المخطط سوى الاعتصامين في رابعة والنهضة وعليهما عقدت أطراف المؤامرة المتعددة كل آمالها لزعزعة الاستقرار والأمن وممارسة التصعيد المتزايد للمواجهات مع الشعب والشرطة والجيش وإراقة أكبر قدر من الدماء مع قيام وسائل الإعلام خاصة قناة الجزيرة ووكالات الأنباء المتعاونة في تضخيم الأحداث ونشر فكرة الانقلاب العسكري دوليا ، مع ممارسة أوروبا وأمريكا للضغط على النظام في مصر وتصعيد العمليات الإرهابية في سيناء ومختلف المحافظات لخنق الشعب وتكليفه أكبر خسائر ممكنة لتحييده قدر الإمكان ، مع الضغط الإعلامي على الحكومة المؤقتة وتضخيم سلبياتها في محاولة إفشالها خاصة وأن العناصر الماسونية الموالية للإخوان موجودة في جميع المستويات بداية من البرادعي كمساعد للرئيس المؤقت ومرورا بالوزارة الذاخرة بعناصر إخوانية فضلا عن قيادات المؤسسات والهيئات والشركات التي تم تمكينها خلال فترة حكم مرسي العياط ، وسرعان ما وصل المشهد لاعتصامين كبيرين في ميداني رابعة العدوية والنهضة ليكونا نواة وعاصمة لتقسيم مصر ومرتعا لكل موبقات تجار الدين.

وقد كان اختيار الرئيس المؤقت موفقا بدرجة كبيرة سمحت بأن تدار مصر بأقصى درجات ضبط النفس وحسن استقبال للأحداث والمفاجآت اليومية ، خاصة في ظل الصرع الإخواني للفوضى وإراقة دماء الشعب المصري عقابا له على تنحيتهم للإخوان (على حد تعبيرهم) ، وتفشت ظاهرة الجماعات الإرهابية في مختلف المحافظات والأحياء بالقاهرة الكبرى ، والمدعومة بسيول متدفقة من الأسلحة والمتفجرات والأموال القطرية والإخوانية مؤيدة بفوضى العبث المخابراتي لأكثر من عشرة دولة معادية أو مناهضة سرا على الأقل ، وكل ذلك متزامنا مع غياب واضح لأجهزة الشرطة خاصة أمن الدولة مما ألقى عبئا إضافيا كبيرا على المخابرات الحربية والعامة ، والتي أجادت إدارة المشهد ببراعة ، واستغلت سلبيات تجمع الإخوان والسلفيين والجهاديين في بؤرتين كبيرتين وجعلت منها نقطة الضعف الحاكمة في صراع تجار الدين مع الشعب ، وأصبح اعتصامي رابعة والنهضة مرتعا لجميع أجهزة الأمن والتخابر المصرية بل والدولية في ظل إفشاء المخابرات لمظاهر عجز الدولة وتزايد فشلها في التعامل مع الإعتصام حتى صدق الإخوان وتوابعهم وأسيادهم في الغرب أن الاعتصام سوف يؤتي ثماره بمرور الأيام خاصة وأن الدولة غضت الطرف تماما عن دخول وخروج وظهور القيادات الإخوانية والسلفية والجهادية ورجال القاعدة وحماس بل وبعض القيادات الإيرانية والتركية والقطرية على منصات الاعتصام ، وكأن مصر أصبحت مستباحة لكل من يريد أن يدلي بدلوه في تنامي الدولة الإسلامية الجديدة وعاصمتها رابعة العدوية ، وقد كان الاعتصام حقا أحد حلقات مسلسل الكوميديا الإخوانية السوداء والتي أثبتت بجدارة عمق الجهل الماسوني بطبيعة وقدرات المجتمع المصري ولبه الصلب المتمثل في المخابرات المصرية بجناحيها ، والتي اخترقت تماما عمق الاعتصام وقياداته ، حتى ظن الجميع أن الاعتصام لن يفض إلا بعودتهم لقصر الاتحادية ، خاصة وأنهم بالغوا كثيرا في إشاعة الفوضى والإرهاب في شوارع القاهرة وكثير من المحافظات ، واستخدموا مقرات الاعتصام كمخازن للأسلحة ومنابر للتحريض والانطلاق لتنفيذ عملياتهم الدموية في مختلف المواقع كحوادث الحرس الجمهوري وكوبري أكتوبر ومسجد الفتح والقبض والاعتداء على أفراد الشرطة والجيش ، ورغم كل هذا كان الاعتصام أرضا خصبة لتجميع أكبر قدر من المعلومات المؤكدة في أقل وقت ممكن عن كل ما يراد معرفته عن كل قيادات وتحركات ومخططات تجار الدين في مصر وقياداتهم في الخارج ، وهو ما ساهم بقوة في سرعة سقوط الاعتصام وتفشيل جميع مخططات الدمار المختلفة وسرعة تشتيت قوى تجار الدين بل ورصد جميع خيوط التواصل والاتصال المحلية والإقليمية والدولية لكل أنواع المتأسلمين في مصر ودوليا ، واستغلت الماسونية اعتصامي رابعة والنهضة لتستكمل تشويه الإسلام ، فخرجت علينا جميع وكالات الأنباء والصحف الغربية في شهر رمضان لتعلن انتشار الدعارة في شوارع القاهرة في نهار رمضان باسم الجهاد ، وقد كان هذا أحد الأهداف الكبرى للماسونية منذ زمن بعيد وساعد هذا ممارسة تجار الدين وقياداتهم بالفعل للدعارة باسم (جهاد النكاح) والذي تم ممارسته بالفعل بفتوى سلفية وهابية على أرض رابعة والنهضة واعترفت بها كثير من النساء والبنات اللاتي أجبرن على هذا في محاضر وقضايا رسمية ، كما اعترف بها رجال البلتاجي وحجازي في التحقيقات .

وباقتراب نهاية شهر رمضان ظهر واضحا أن الدولة تتجه لفض الاعتصام بالقوة وهو ما كان يخشاه المعتصمون أن يتم خلال رمضان ولكن القرار المتخذ تم تأجيله لما بعد انتهاء عيد الفطر ، وبدا واضحا أن البرادعي هو رجل الإخوان الخفي ومندوب الماسونية المشرف على الإخوان في مصر ، وهو ما لم يكن خافيا على أجهزة الأمن خاصة منذ بداية الثورة خاصة عندما تم القبض على مرسي ورفاقه عند مغادرتهم منزل البرادعي في فجر يوم 27 يناير 2011م بعد تلقيهم منه تعليمات المخابرات الأمريكية لفعاليات ثورة يناير2011م قبل جمعة الغضب بيوم واحد ، وظن البرادعي أنه يحقق نجاحا كبيرا بتأخير فض الاعتصام بل وظن أن الفض لن يتم وسيؤول قراره للتأجيل مثلما تكرر من قبل ، ولم يكن فض الاعتصام سرا فقد حرصت المخابرات والأجهزة الأمنية على إشراك وكالات الأنباء العالمية ومنظمات العمل المدني وحقوق الإنسان ليكون دليلا على الجميع خاصة وأنهم لم ولن يكونوا محايدين أو أمناء فيما يرصدون ، وبالرغم أن تأجيل فض الاعتصام كان مراعاة لحرمة شهر رمضان والأعياد ، ولكنه أيضا تم استغلال هذه المهلة خلال الأسبوعين الأخيرين لتحييد وإبطال عمل المتفجرات ومجموعة الأسلحة الثقيلة والهاونات وقواذف الصواريخ المحمولة التي كانت قد تم إدخالها لرابعة تحت سمع وبصر ومراقبة المخابرات والأجهزة الأمنية ، وبتمام تحييدها وإبطال مفعول معظمها تم تحديد موعد الفض بدقة ليكون في فجر يوم 14 أغسطس 2013م ، وهو ما كان تنفيذه بجدية مفاجأة للجميع وعلى رأسهم مندوبهم في الرئاسة ومحركهم محمد البرادعي الذي تعهد لأسياده في (لانجلي) بقدرته على إحباط التنفيذ والتأجيل مرة أخرى مثلما نجح من قبل عبر (47) يوما هي عمر الاعتصام ، ولكن تم فض الاعتصام بجهود حثيثة وحذرة من الشرطة وبحماية القوات المسلحة والمخابرات ، وسقط ضابط شرطة كأول شهيد في العملية كاملة برصاص الإخوان في إعلان وحشي عن رفضهم الخروج من الممرات الآمنة وحرصهم على تحويلها لمعركة دامية إعلاميا ، فأشعلوا النار في كل شئ حتى مسجد رابعة والمباني المحيطة به حتى أحرقوا محطة الوقود المدنية المجاورة ، واستمرت مقاومتهم بشتى أنواع الأسلحة حتى استغرق الفض أكثر من (12) ساعة لينتهي في السابعة مساء ويسجل أكثر من 650 قتيلا وهو العدد الذي سجلته منظمات حقوق الإنسان فعليا من واقع أعداد وبيانات الجثث والتي تضمنتها أكثر من (250) جثة كان الإخوان قد أعدوها وكفنوها مسبقا وخزنوها تحت منصة رابعة وفي المسجد حتى استغلالها إعلاميا فضلا عن إحصاءها ضمن ضحايا الفض وهو ما اعترفت به القيادات وعلى رأسهم باسم عودة وأسامة ياسين فيما بعد ، وبفض الاعتصام انتهت الحلقة الثالثة من مخطط تقسيم مصر بالفشل الذريع وهو ما دفع قيادات (لانجلي) لسحب محمد البرادعي فورا لعل ذلك يكون مساعدا على تفاقم الموقف وتشويه صورة النظام المصري ، فرحل البرادعي سريعا معلنا اعتراضه على عملية الفض التي وافق عليها من قبل ربما مرغما وربما كمناورة منه لتسقط عنه آخر ورقة توت كانت تستر عورته وفضيحته المدوية بعمالته وخيانته ، وهو ما أجبره على عدم الإقدام على دخول مصر مرة أخرى منذ حينها وحتى اليوم وربما لنهاية عمره ، واقتصر دوره حتى اليوم على إصداره للتويتات والنداءات والتحريض على مصر وشعبها والادعاءات بخطورة مصر على المنطقة والعالم تبعا لأوامر أسياده في المخابرات الغربية الماسونية العالمية ، وبفشل مخطط الاعتصام انتهت مراحل المواجهة المعلنة ضد الدولة المصرية وبدأت مرحلة جديدة من الصراع الجاد والحاد داخل وخارج مصر كان بطلها الأكبر هو شعب مصر بعقله الجمعي الواعي وصبره وإدراكه لأبعاد ما يدور حوله وما يحاك له من مؤامرات وكان حائط الصد الأول والدائم هو قوة هذا الشعب والمتمثلة في القوات المسلحة والشرطة وهم من عانوا وتحملوا وما زالوا يتحملون أعباء الدم في سيناء وعلى الحدود المصرية ، خاصة بعد قرار الماسونية بضرورة تهديد مصر بالإرهاب المنظم تحت مسمى الدولة الإسلامية من مختلف الاتجاهات الإستراتيجية خاصة الغربية عبر الحدود الليبية لإجهاض أية محاولات لتحقيق الاستقرار واستكمال خارطة الطريق وهو ما سوف نتابعه لاحقا .

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز