عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
عام «التحوّل» في المملكة

عام «التحوّل» في المملكة

بقلم : محمد مصطفي أبوشامة

تنبَّأ الصحافي العالمي توماس فريدمان، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، في مقال له نُشر قبل أيام تحت عنوان «ماذا لو؟» في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية بالانهيار الوشيك للنظام العربي، كجزء من قراءته للطالع وتوقعاته للمستقبل القريب في شتى بقاع العالم.



ورغم قسوة نبوءة الكاتب الأميركي، فإن إرهاصاتها لاحت من وقت مبكر خلال الأعوام الماضية وظهرت لها «كرامات» كثيرة في كل فصول العام، وبات الشارع العربي مدركًا لها ومستشعرًا باقتراب موعدها، وربما يكون الانهيار جزئيًا قد وقع بالفعل، ونظرة خاطفة على الخريطة العربية توضح ذلك وتؤكده، فهناك دول سقطت بالفعل، وأخرى تستعد، وثالثة تقاوم، وأخيرة نجحت في الوصول إلى بر الأمان.

في هذه المرحلة المُعقَّدة من تاريخ العالم والمنطقة، تولَّى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، سُدَّة الحكم في المملكة العربية السعودية قبل عام، وسط أنواء وعواصف داخلية وخارجية ضاغطة على الجسد السعودي المحاصر، بأطلال دول ومخلفاتها من ميليشيات، وأطماع دول وأعوانها من جماعات، وترقب دولي وداخلي لمعضلة الحكم في المملكة التي تشغل الخارج، بينما الداخل السعودي مطمئن لما وضعه الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، واستكمله خلفاؤه من الملوك الستة الذين تولوا على عاتقهم خدمة الشعب السعودي وكافة المسلمين من موقع مسؤولية الحكم منذ نشأة المملكة حتى اليوم، وهو بنيان متين وقوي، وقابل للتطور وفق مستجدات العصر ومتطلباته.

وكأن المملكة كانت تنتظر رجلاً بشجاعة سلمان، ليواجه في حزم ما استدعته ضرورات اللحظة، مستندًا إلى شعبية كبيرة بين جموع الشعب السعودي، وعلاقات عميقة وأبوية مع كل أمراء بيت الحكم، ومصداقية دولية على كافة المستويات، فأدار التحول التاريخي بيسر أدهش العالم، وأثار الغل في نفوس الحاقدين، فأشاعوا كذبهم، ونشروا ضلالهم، ورغم كيدهم.. أبحرت سفينة المملكة إلى بر الأمان، رغم الزلازل الدولية والإقليمية والعربية المحاصرة لها.

وربما كان الشأن الداخلي السعودي هو الركيزة الرئيسية في إدارة التحول التاريخي الحازم للملك سلمان، ومثَّلت خطوة وضع الجيل الثالث من الأسرة الحاكمة في المملكة على طريق الحكم، قفزة تاريخية ناجحة نحو المستقبل، دعَّم ذلك ما أظهره هذا الجيل في شخص الأميرين محمد بن نايف ولي العهد، ومحمد بن سلمان ولي ولي العهد، من نجاح وكفاءة، في إدارة ملفات التحول سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، والتي تبلورت بشكل أكثر وضوحًا في «برنامج التحول الوطني» الذي يمثل خطة خماسية للمملكة انطلاقًا من عام 2015، وضعها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يترأسه الأمير محمد بن سلمان، والذي يقود المملكة نحو آفاق جديدة، تتمحور حول تطوير التعليم وحل أزمة السكان والاهتمام بدور المرأة وإطلاق حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والتنموية، وتنويع الاقتصاد ورفع المحتوى المحلي، وتحفيز الاستثمارات ودعم الصادرات غير النفطية.

وربما يكون رأي توماس فريدمان نفسه، والذي وصف في أوقات كثيرة بأشد منتقدي السعودية وأشرسهم في الكتابة عنها، هو الأكثر موضوعية حول العام الأول من حكم الملك سلمان، وقد تضمنها مقال سابق نشره في الصحيفة ذاتها الأوسع انتشارًا حول العالم بعد زيارة قام بها للمملكة في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، وبدأ قائلاً: «السعودية دولة يسهل الكتابة عنها عن بعد، حيث يتسنى لك أن تنطلق من فرضية أنها في الإسلام، أكثر النسخ تطرفًا وتقترب مما يتبناه تنظيم داعش. لكن ما يحيرني حقًا هو عندما أذهب إلى هناك وألتقي أناسًا آخرين، أرى اتجاهات معاكسة لافتة للانتباه».

ويكمل الصحافي الأميركي: «كانت هناك حاجة إلى القيادة الجاهزة لتوجيه طاقة الشباب الذين يمثلون 70 في المائة من السعوديين، وهنا يظهر نجل الملك، محمد بن سلمان ولي ولي العهد، البالغ من العمر 30 عامًا، الذي باشر مع ولي العهد المعتدل محمد بن نايف، مهمة تغيير وجه الحكم في السعودية».

ويضيف فريدمان: «لقد أمضيت أمسية مع الأمير محمد بن سلمان في مكتبه، أنهكني خلالها بحماسه في عرض خططه بالتفصيل، وتتلخص فكرته في إشراك البلد بأسره في الأداء الحكومي. ويقول الوزراء: منذ وصول الأمير محمد، أصبحت القرارات الكبرى التي كانت تستغرق عامين كاملين تصدر في غضون أسبوعين».

هذا جزء من كثير، ينتويه الملك سلمان بمعاونة «سيفيه» الـ«محمدان»، كما يحب أن يلقّبهما السعوديون، وتحمله تفاصيل برنامج التحول الوطني الطموح داخليًا، أم على الصعيد الخارجي يطول الحديث ويتشعب، فالأمر أكثر تعقيدًا من أن يورد في مقال، خاصة بعد ما قدمته المملكة وتقدمه من جهد كبير في حلفيها العربي والإسلامي لمواجهة إرهاب إيران و«داعش» الذي يدفع المنطقة نحو الهاوية، كما لن تختزله عبارة «الحرب على الإرهاب»، فالدور السعودي في الحفاظ على الأمتين العربية والإسلامية أكبر من الكلمات، والمواقف سجلها ويحفظها التاريخ، ولم تمحها مزايدة أو تُنقصها متاجرة.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز