عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
القوى الناعمة المصرية بالنمسا

القوى الناعمة المصرية بالنمسا

بقلم : بهجت العبيدي البيبة

لم ألتق نمساويا قط، إلا ودار الحديث عن مصر، فهناك وَلَهٌ بهذا البلد العظيم، ولم ألتق أوربيا إلا وكان الحديث عن مصر حاضرا، وكان السؤال عن ما يدور بها في قلب اللقاء، وكانت زيارة مصر أمنية تراوده. 

ينتابني شعور أن هؤلاء النمساويين على وجه الخصوص والأوربيين على وجه العموم يعتبرون لنفسهم حقا في مصر، هذا الحق ليس بذلك المفهوم الذي يمكن أن يتبادر للذهن، في أن لهم أطماعا في مصر، كلا بل على العكس من ذلك، إنه حق التقاسم في الحضارة الإنسانية، التي أشعلت جذوة شجرتها مصر، حق يتملكه الحب والعشق، مشبوب بعاطفة هي ما تستشعره في التاريخ والماضي، الذي هو هنا إنساني مشترك عام. 

لن تجد هناك جدالا في الاعتراف بفضل مصر والمصريين، وحضارتهم الأولى التي أضاءت للعالم الطريق، لن تجد سفسطة في أن المصري هو أول من أبدع، وعلم البشرية، يحضرني هنا حديث مع فتاة كانت تعمل في قسم "المخبوزات" في أحد المطاعم التي كنت أتناول فيه إحدى الوجبات، حينما دار بيني وبينها حديث، بعدما علمت أني مصري، لتخبرني أنها تعلمت في المدرسة، الخاصة بهذا الفن من الطعام، أن المصريين هم أول قدم طبق الحلويات بعد الوجبات الرئيسية، والذي هو تخصصها الآن، وكم كنت فخورا، وهي تقول لي ذلك، حيث عكس أن المصريين حتى هنا، في المطبخ، كان لهم السبق، الذي لم تنكره كل أنواع العلوم، وتوقفت كذلك عند دلالة هامة في هذه المعلومة التي ألقت بها تلك الفتاة، وهي كيف أن كل العالم، في كل مناحي الحياة، حينما يريد أن يُؤَصِّلَ لما يقوم به أو يقدمه، يجد المصريين وقد سبقوه، وتساءلت كذلك عن فخرها بكون المصريين أول من قام بذلك، فأيقنت أنه التسليم لنا بالريادة في كل شيء، ذلك التسليم الذي يعتبرونه هم مصدر فخر، ليس للمصريين فحسب، بل لما يقومون به أيضا. 

إن كل ما يحدث في مصر يكون محل اهتمام كبير من النمساويين، وأظن أنه نفس الشيء عند شعوب كثيرة أخرى، فتجدهم متابعين للأحداث، كما لو أنها تحدث في بلدهم، وبكل تأكيد فإنهم يستقون معلوماتهم عن الأحداث التي تجري عندنا من خلال وسائل الإعلام المحلية، والتي يمكن ألا تكون على قدر كبير من الدقة، ولا أفترض فيها هنا سوء نية، بقدر ما أرى أنه نتيجة لضبابية في الرؤية، أو لأن هناك من سبق بتصدير صورة خاطئة،  وهنا يأتي دور المصريين:  الوطنيين من الجالية مرة، والمسؤولين وعلى رأسهم البعثة الدبلوماسية مرة أخرى، وهذا الدور اتضح في أبهى صُوَرِهِ، أثناء تلك الحملة الظالمة التي تعرضت لها ثورة الثلاثين من يونيه، حينما استطاع المصريون: على المستوى الرسمي والشعبي، بالعمل الدؤوب والتنسيق أن يصححوا تلك الصورة المغلوطة، وهو ما انعكس على سياسة الدولة النمساوية، التي أدركت حقيقة ما حدث في مصر من ثورة شعبية. 

إن عشق الشعب النمساوي وغيره من الشعوب لمصر، بحضارتها وتاريخها ودورها، يعد أحد عناصر القوى الناعمة لمصر، التي يمكن أن تستثمر، لتعود بفوائد جمة على مصر وشعبها، من الناحية الاقتصادية مرة، والسياسية أخرى. 



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز