عاجل
الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
ازدراء الأديان!

ازدراء الأديان!

بقلم : محمد نوار

في الأسابيع الماضية تم اتهام عدد من الباحثين والكتاب بتهمة ازدراء الأديان، والازدراء هو الاحتقار وعدم الاحترام وعدم الاتباع، وبالتالي يعتبر كل أصحاب دين متهمون بأنهم يزدرون الديانات الأخرى.
والازدراء بدأ في الإسلام مع تفرق المسلمين في الصراع على الحكم بإسم الإسلام، فكانت أحداث الفتنة الكبرى، ثم معركة صفين، ثم ظهر الخوارج الذين ازدروا كل من الإمام علي ومعاوية وخرجوا عليهما.
وتهمة الازدراء كانت السبب في سجن بعض الفقهاء الأربعة، فمثلاً تم سجن أحمد بن حنبل لأنه قال أن القرآن كلام الله، بعكس البخاري الذى قال أن القرآن مخلوق موافقاً في ذلك لرأي الخليفة.
وكلمة ازدرى جاءت فى القرآن بمعنى الاحتقار: (.. وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) هود 31، فالذين يزدريهم الناس فإن الله تعالى وحده أعلم بحقيقتهم، ولا يعلمهم الناس.
وتعتبر تهمة ازدراء الأديان من مظاهر القهر الفكري، فهى التهمة التي يتم بمقتضاها محاكمة بعض من يحاولون الاجتهاد في نقد التراث الإسلامي وقراءته من ناحية تاريخية تختلف عن الخطاب السائد والذي تعتمد عليه المؤسسة الدينية المحافظة، وبصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع المجتهدين، فالمسألة هنا هى أزمة حرية التعبير، ومحاولات التخلص من أي فكر معارض بالإرهاب الفكري من خلال احتكار تفسير النصوص الدينية وتكفير الخصوم.
وفي فترة حكم السادات تم وضع قانون لتهمة ازدراء الأديان، والقضية المرفوعة حسب هذا القانون هى قضية حسبة، وأصبح بعدها من حق أي مواطن أن يرفع قضية حسبة ضد أي مفكر أو فنان لا تعجبه أعماله، بل ويعتبر تلك الأعمال تطاولاً على المقدسات.
وهذا المنطق أبعد ما يكون في الدفاع عن الدين، فحين يزعم هؤلاء أنهم يدافعون عن الدين، هم في الحقيقة يدافعون عن اعتقادهم بأنهم يمثلون الدين، ولكي تكون لتهمة ازدراء الأديان عقوبة فيجب أن تتعدى الفكر إلى الفعل الذي يؤذي، مثل إحراق أماكن العبادة أو إحداث ضرر لأتباع الأديان.



وحسب مقولة أنه لا عقوبه إلا بنص، فالمطلوب من المختصين في المؤسستين الدينية والقضائية أن يحددوا قائمة المخالفات الدينية والتي تسمى بالمعلوم من الدين بالضرورة لكى لا تتم مخالفتها، بدلاً من وضعها كمادة مطاطة تستخدم كسلاح لإرهاب كل من يحاول التفكير في كل ما له علاقة بالدين.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز