عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ألا لعنة الوطن عليكم

ألا لعنة الوطن عليكم

بقلم : د. محمد فاروق

مستمرون في كشف الحراك الثوري " اللعين " وما يُسفر عنه من حقائق ونتائج نستطيع من خلالها أن نضع أيدينا على الجراح لتندمل ، وأن نضع أقدامنا على الأرضية الصلبة لتضيء الصورة وتكتمل . وإلا لماذا نقرأ الأحداث إن لم نستفد منها وبها ؟! وهل هي تكرار لسرد الذكريات ؟! وكما قال أجدادنا " العايط في الفايت نُقصان عقل ".



الحراك الثوري ليس سُبة في جبين أي ثورة ، إنما هو نتاج حقيقي لبواطن الشعوب فيما كانت عليه قبل الثورة ولم يكن ظاهراً ، والحراك الثوري يُجبر كل إناء أن ينضح بما فيه ، وربما أجبرت البعض " أن ينطح " بما فيه !  

المسألة لا تحتاج إلى " شِق الأنفُس " حتى تستبين سبيل المجرمين من المتاجرين بآلام وأوجاع الشعب المصري الشريف والصابر على مر عقود ، ولا لأن تُدلل على براءة المطالب وأحقية هذا الشعب في رفع الشكوى و " الآهة " إلى عنان السماء . فجميعُنا يعلم ما يستحقه حال المصريين من بكاء وعويل على ما مضى منهم أو جرى لهم !

في الغفلة الأولى من هذا الحراك " اللعين " سطع نجم شخصيات بعينها قيل عنها أنها أيقونات الثورة ، و حازت تلك الوجوه وتربعت على قمة الليالي المصرية الفضائية طيلة عامين تقريباً ! وقتها كان البطل الحقيقي والأيقونة المظلومة على مر عقود " الشعب المصري " يجلس ويشاهد ليستمع في غفلته الأولى لأحاديث لا توافق فطرته ، ويرى شخوص تتكرر لا تتحدث عن حقيقة أزمته ، وهو كما الطفل يحاول استيعاب ما يدور ، ويقول في نفسه مرات " ربما هذه كانت الحقيقة ونحن لا ندري " ! ربما التهميش أدى بنا إلى جهل ما دار وكان من حولنا طيلة عقود !

أنا في حِل من ذكر تلك الشخصيات " الضيف و المضيف " ، ولكن السرد والوقائع تقتضي ذكر هؤلاء حتى يلتأم الجُرح المصري ويندمل ، فالضيوف كانوا من عينة " علاء عبد الفتاح ، منى سيف ، أحمد دومة ، جمال عيد ، علاء الأسواني ، وائل غنيم ، وأسماء محفوظ ، وآخرين ! و المضيف كان يسري فودة ، ريم ماجد ، يوسف الحسيني ، منى الشاذلي ، وآخرين !

هذه الأسماء تسببت في " الغفلة الثانية " للشعب ، منهم من كان سبباً بالعمد مع سبق الإصرار والترصد ، ومنهم من كان مثله مثل الشعب " في غفلة " ! ولم يكن يحق له أن يتصدر المشهد أو أن يوجه دفة الحاضر أبداً ، بل زاد من جريمة غفلته أنه بعد أن اكتشفها لم يتطهر أو يُعلن براءته منها حتى يُنقذ ما يمكن إنقاذه من وعي الشعب المصري الذي تسبب هو في فرض الغفلة الأولى عليه ! ثم الثانية حينما اجتمعوا جميعهُم على رفع جماعة الإخوان على عرش مصر !

الضيوف اعترفوا عبر الفيديوهات الموثقة بعدة جرائم تستوجب التبرأة منهم ، بعض الأسماء المذكورة اعترفت عبر الفضائيات " وليس سراً " أنهم قاموا بحرق أقسام الشرطة ، والمجمع العلمي ! المجمع العلمي أيها المصريون المحبون لمصر .. أكرر على مسامعكم لعلكم في " غفلة " .. المجمع العلمي ؟!!

وبعض الضيوف قالها صراحةً في جُمل لا تقبل التشكيك ولا التأويل ، ولم تُجتزأ من سياقها حتى لا يتقول علينا فيها أحد ، قالوا بالحرف الواحد " لم يبق لدينا إلا عثرة الجيش المصري وإسقاطه ضرورة لنجاح أهداف الثورة !

أكرر على مسامع القارئ ، لم يكونوا ليتحدثوا عن " المجلس العسكري " باعتباره سلطه سياسية آنذاك ، ولكنهم كانوا يقصدون الجيش المصري وإسقاطه ! وأكرر أيضاً أن هذه الفيديوهات موثقة ومتوفرة ، ثم لماذا يندهش القارئ ؟! أنا أستلهم آيات الله البينات للرد على هذا الاندهاش إن صح و وجِد :

"  أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ "

ما هو المدهش في ذلك ؟ إذا كانت ثورات الشعوب العربية من حولنا و إن قامت على أحقية الشعوب في التغيير إلا أنها دمرت جيوشاً عمداً مع سبق الإصرار والترصد في مخطط بات معروفاً لتمزيق وتشتيت قوى الشرق الأوسط ، ما العجب في ذلك والصورة أمامكم تحكي أكثر وأشد من ألف مقال ؟! أفلم تسيروا في الأرض فتكون لكم قلوب تعقلون بها ؟! أو آذانُُ تسمعون بها ؟! فإنها والله لا تعمى الأبصار ، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ! بل إنكم لا تحتاجون أن تسيروا في الأرض لتنظروا ، الآن خفف الله عنكم بتكنولوجيا البث المباشر عبر الفضاء وتستطيعون بمنتهى الأريحية أن تتفقدوا ما تريدون !

الشاهد في المسألة أن هذا الحراك أدى إلى كشف المستور ، واستطاع الشعب المصري أن يرفض الدخول في الغفلة الثالثة بعد أن أيقن أن هؤلاء جميعُهم " الضيف والمضيف ، العامد فيهم والمغفل " يسلكون طريقاً ليس للشعب فيه ناقة ولا جمل ! الشعب بات يندهش ! ليس هذا ما أخرجنا في يناير أو يونيو ! من أين جاء هؤلاء بهذه الأفكار ؟! وكيف يُروجون لها باسم الشعب وحريته ورغبته في التغيير ؟!

حتى خرجت علينا الأخت " منى سيف " برسالتها العربية والمترجمة للإنجليزية مخاطبةً شعوب العالم قائلة " لا تأتون إلى بلدي مصر ، ستُقتلون كما قُتل السائح الإيطالي جوليو ريجيني " ! ثم ذهبت عائلة سيف عن بَكرة أبيها بصحبة بعض الوجوه أمثال خالد داوود - للسفارة الإيطالية لتقديم التعازي والورود حاملةً شعارات كُتب عليها " جوليو مننا .. قتلوه زينا " !!

هذا هو المعنى الحقيقي للحراك " اللعين " الكاشف والفاضح يا سادة ! الشعب المصري أُتيحت له فرصة الفرز من خلال هذا الحراك ، الشعب بات يسأل : مَن هؤلاء ؟ وكيف يُقيمون الدنيا على بلدهم بهذا الشكل ؟! وكيف قرروا أن الدولة هي التي قتلت السائح الإيطالي ؟! وكيف يعملون على ضرب السياحة المصرية واقتصادها أكثر ما تعاني منه الآن ؟!

ثم يعود الشعب ويسأل : لم نرى تلك الوجوه وهذه اللافتات في حب مصر ؟ في تأبين ضحايا القوات المسلحة والشرطة على الحدود ضد الإرهاب ؟! في تعاطف مع أُسر هؤلاء الشهداء ذات مرة وحيدة عبر مكالمة هاتفيه للقنوات التي كانوا يُطلون علينا منها !

ثم للمرة الثالثة يعود الشعب ويسأل عن المضيف : ألم يرى يسري فودة أو ريم ماجد أو حتى منى الشاذلي ويوسف الحسيني وغيرهم هذه " الخيانة " ؟! هذا التناقض في حب مصر المزعوم ؟!

هذه النوايا التي باتت أفعالاً مجرمة وليست أقوالاً عابرة ؟! ألم يأن لهؤلاء حتى يُنصفوا الثورة وأن يُميطوا عنها الأذى ؟! أن يعترفوا بأن هذه الشخصيات اقترفت آثاماً أبعد ما تكون عن الثورة وحب مصر وشعبها والتطلع للأفضل ؟! ليالِِ طويلة وعريضة فرضتموهم علينا فرضاً باسم الحرية والأحرار والثورة والثوار وحق الشعب وما إلى ذلك من تجارة رخيصة باتت واضحة ، فما الذي يمنعكم من تجريم أفعالهم وأقوالهم في حق الثورة ومصر وشعبها ؟! ما هذا العار الذي يلحق بكم عندما يستوي هؤلاء الأقزام الأقذار مع الشهداء الأبرار أمثال محمد الجندي ثم الحسيني أبو ضيف وهذه الوجوه المتوضئة في نظركم ؟!

ما يمنعكم هو اشتراك بعضكم في مخطط إسقاط مصر ، وبعضكم الآخر يمنعه عظيم الجريمة ومخافة الاعتراف بها ، بعضكم أدرك أنه أحدث تشويهاً للوعي المصري وللثورة المصرية وللحاضر المصري ، فآثر السلامة وقرر أن يبتعد عن دائرة الرأي والسياسة ويتفرغ إلى برنامج " معكم " دون أن يُغلق ديوان المظالم بما يشفِ صدور قومِِ مصريين ! ألا لعنة الوطن عليكم ، تسببتم حتى بسكوتكم عن الحقيقة في التفاف الشعب حول نوع آخر من الإعلام الرخيص والمُتاجر بأوجاعه !

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز