عاجل
الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
وشهد شاهد مـن أهلهـا !
بقلم
محمد نجم

وشهد شاهد مـن أهلهـا !

بقلم : محمد نجم

 



ما سوف أقدمه هنا ليس جديدا فى مجمله، فالسياسيون المخضرمون والدبلوماسيون المحنكون والمتابعون للشأن الخارجى وما يحدث فى العالم يعلمونه تمام المعرفة.

وهو قصة الهيمنة الأمريكية على مقدرات الشعوب وإخضاع زعماء ودول العالم الثالث للسيطرة بطرق مختلفة.. منها ما هو معلن ومعروف.. ومنها ما هو خفى وغير قانونى..

ولكن الجديد هذه المرة.. هو «التفاصيل المرعبة» والاعترافات الصريحة الموثقة التى أوردها شاهد من أهلهم.. والذين يطلق عليهم «القتلة الاقتصاديــــــــــــون».. الذين يعملون بتخطيط ورعاية المخابرات الأمريكية، وبتعاون خبيث من قبل مؤسسات ومنظمات دولية.

ما سوف أقدمه هنا ليس جديدا فى مجمله، فالسياسيون المخضرمون والدبلوماسيون المحنكون والمتابعون للشأن الخارجى وما يحدث فى العالم يعلمونه تمام المعرفة.

وهو قصة الهيمنة الأمريكية على مقدرات الشعوب وإخضاع زعماء ودول العالم الثالث للسيطرة بطرق مختلفة.. منها ما هو معلن ومعروف.. ومنها ما هو خفى وغير قانونى..

ولكن الجديد هذه المرة.. هو «التفاصيل المرعبة» والاعترافات الصريحة الموثقة التى أوردها شاهد من أهلهم.. والذين يطلق عليهم «القتلة الاقتصاديــــــــــــون».. الذين يعملون بتخطيط ورعاية المخابرات الأمريكية، وبتعاون خبيث من قبل مؤسسات ومنظمات دولية.

 

إنه جون بيركنز صاحب كتاب «اعترافات قاتل اقتصادى» وهو الكتاب الأكثر مبيعا فى الولايات المتحدة الأمريكية، والذى ترجم إلى أغلب لغات العالم.. ومنها العربية بالطبع، وهو متاح على الإنترنت ويمكن تحميله على جهاز الكمبيوتر الخاص بك بضغطة زرار واحدة.

ويذكر المترجمون أن المؤلف حاول على مدى ربع قرن الخروج بكتابه إلى النور وفشل فى كل مرة.. إما بسبب رفض دور النشر الكبرى أو بسبب التهديد أو ما خضع له من محاولات الرشوة، ولكنه تمكن فى عام 2004 من نشره.. وللأسف لم يسمع به أغلبنا إلا من شهور قليلة!

وكما أشرت من قبل إلى أن فكرة الكتاب ليست جديدة، فقد تعرضنا فى مصر لمثل هذه المحاولات من قبل وكلنا نذكر رفض البنك الدولى تمويل إنشاء السد العالى فى نهاية الخمسينيات من القرن الماضى إلا من خلال شروط قاسية، وعندما رفضناها أعلنت أمريكا الحرب الاقتصادية علينا، ثم ورطونا فى حرب اليمن ومن بعدها نكسة  1967، فضلا عن تجنيد الطبيب المعالج للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ومؤخرا ثورات الربيع العربى.. التى أسفرت عن نتائج كارثية فى أغلب الدول العربية.

والجديد فى كتاب الأخ جون أنه يتضمن وقائع محددة موثقة بمقابلات حية ووثائق وسجلات منشورة أو لم تنشر بعد.. إلى جانب تقارير ودراسات جدوى أعدها خبراء اقتصاديون فى بعض المؤسسات الدولية المانحة للقروض.

ويحكى المؤلف عن أولى المهام التى كلف بها فى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى والتى تمثلت فى تشجيع زعماء العالم الثالث ليصبحوا جزءا من شبكة اتصالات واسعة تروج لمصالح أمريكا التجارية مقابل دعمهم بقروض ومعونات.. وبعدها تتراكم الديون عليهم.. والتى استخدم بعضها فى إقامة مشروعات كبرى مثل محطات الكهرباء أو المطارات أو غيرهما، بينما يذهب البعض الآخر إلى جيوب النخبة الفاسدة فى تلك الدول.. بعدها يطلب منهم «رد الجميل».. فكل شىء له ثمن.. وبالطبع يتنوع الرد ما بين التصويت فى اتجاه معين فى الأمم المتحدة أو السيطرة على موارد محلية فى البلد  المدين أو إقامة قاعدة عسكرية.. أو إغماض العين عن غزو بلد مجاور.. بل قد يصل الرد إلى المساعدة فى احتلال دول ما!

ويذكر المؤلف أن ديون العالم الثالث فى عام 2004 وصلت إلى 2.5 تريليون دولار، وبلغت خدمة هذه الديون من أقساط وفوائد أكثر من 375 مليار دولار سنويا، وهو رقم يفوق ما تنفقه دول العالم الثالث على الصحة والتعليم ويمثل 20 ضعف مما تقدمه الدول المتقدمة من مساعدات خارجية.

ولكن ماذا لو رفض أحد الزعماء أو دولة ما هذه الوسيلة من السيطرة والإخضاع؟.. يجيب الخواجة بيركنز: الأمر بسيط جدا.. وقد حدث بالفعل.. حيث حاولت أمريكا السيطرة على قناة بنما فى السبعينيات.. ولكن رئيس بنما وقتها عمر توريوس وكان رجلا شديد القوة والبأس قال لبيركنز: «أنا أعلم بالدور الذى تقوم به أنت وأمثالك، ولن أسمح لك بأن تلعبه فى بلادى، إما أن تأتى بمشروعات تعود على الشعب بالفائدة وإما أن ترحل».. ومن ثم كان الرد بتفجير طائرة الرئيس البنمى عام 1981 من قبل عملاء للمخابرات الأمريكية.

وقد حدث ذلك أيضا مع الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، حيث حاول العديد من زملاء بيركنز من القتلة الاقتصاديين الوصول لصفقات اقتصادية معه، إلا أنه كان دائم الرفض مع أنه لم يكن شخصا ذا أخلاق وصاحب مبادئ مثل الرئيس البنمى.. ولكنه رفض الخضوع للسيطرة الأمريكية بذات الطريقة.. فكان لابد من عقابه، وقد حاول عملاء المخابرات تنظيم انقلاب ضده إلا أنه كان يحكم سيطرته على البلاد وحاولوا اغتياله ولكنهم فشلوا.. وبالتالى بقى الخيار الأخير وهو الحرب.. وهو ما حدث بالفعل تحت حجج مختلفة وواهية!

هذا عن الزعماء والدول التى رفضت.. ولكن هناك دول لم تستطع ومنها- مثلا- دول أمريكا اللاتينية.. وخاصة الإكوادور التى وجدت نفسها مضطرة لبيع غاباتها فى حوض نهر الأمازون إلى شركات بترول أمريكية، حيث يحتوى هذا الحوض على احتياطى بترول يفوق ما لدى دول الشرق الأوسط، والمشكلة أن 75% من عائدات هذا البترول تذهب إلى الشركات الأمريكية، والنسبة الباقية يذهب 75% منها لسداد الديون الخارجية، ومن ثم لا يبقى شىء يذكر لبرامج التعليم والصحة ودعم الفقراء.

والغريب أن البترول لم يكن وحده المستهدف فى دول أمريكا اللاتينية وبعض الدول العربية.. ولكن هناك قطاعات أخرى، ومنها القطاع الزراعى.. فقد سيطرت شركة الفواكه المتحدة الأمريكية «يونايتد فروت» على دول أمريكا الوسطى من خلال مزارعها الكبرى فى كولومبيا ونيكارجوا وكوستاريكا وجامايكا.. وغيرهما.. وعندما حاول بعض زعماء هذه الدول مواجهة هذا الاحتكار الزراعى دبرت المخابرات الأمريكية عمليات انقلاب ضدهم وجاءت بزعماء موالين.

 

لم أذكر تفاصيل ما ورد فى الكتاب بشأن بعض الدول العربية.. فكلنا يعلم ما حدث فى العراق والسودان من قبل، وما يحدث حاليا فى كل من سوريا وليبيا واليمن..

 

لقد حاولوا مع مصر من قبل بأكثر من وسيلة.. منها المعونات السخية لبعض منظمات المجتمع المدنى.. وخاصة جمعيات حقوق الإنسان، ومنها أيضا حكاية التحرر الاقتصادى وبرامج الخصخصة، والحمد لله كنت وزملائى المحررون الاقتصاديون على درجة كبيرة من الوعى حيث تصدينا لتلك الهجمة الغربية مع الفلول المحلية لإهدار مدخرات المجتمع والمتمثلة فى شركات القطاع العام الكبرى، وكتبت عدة مقالات فى هذا المجال كان أشهرها بعنوان «الخصخصة.. ليست قرآنا منزلا».. أغضب منى وعلىّ أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل وقتها.

تبقى قضية «الإغراق» فى الديون الخارجية.. نعم إننا نعانى من تباطؤ اقتصادى.. وعجز مزمن فى الموازنة العامة للدولة.. وتضخم الدين العام.. ولكن ليس معنى ذلك أن نلف الحبل حول رقابنا ليشنقنا!

فيجب علينا أن نتمهل قليلا فى مسألة القروض الخارجية وأن نحاول ترشيد النفقات.. بالتزامن مع تسريع عجلة دوران الاقتصاد القومى.. حتى نخرج بسلام من جحيم الدائرة الجهنمية للديون الخارجية..

 

حفظ الله مصر..

 

ووقاها من الشرور الخارجية..

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز