د. محمد فاروق
شوية عيال
بقلم : د. محمد فاروق
الرئيس توقف عن الحديث الشهري الذي أجراه ربما ثلاثة مرات فقط ، لماذا ؟!
هل ليس لديه ما يقوله ؟
تخيل معي عزيزي القاري أن هذه السلطة تسعى للترويج عن نفسها والالتفاف على الشعب ، فما الذي كان سيحدث ؟!
المشاريع التي افتتحها الرئيس والتي تجاوزت 34 مشروع حيوياً للغاية ، كان من الممكن ترتيب افتتاحها على أربعة مراحل ، كل شهر تسعة مشروعات على سبيل المثال ، 34 مشروع رقماً كفيلاً بتغطية أربع أو خمسة أحاديث شهرية يظهر فيها الرئيس بمنتهى الزهو ليعلن في كل مرة عن نفسه وعن النظام وعن العمل الدؤوب والإنجازات المتتالية و .. و .. !
ولأن هذا الرجل استقر في وجدانه وضميره الوطني أن العمل من أجل الوطن أفضل عبادة ، فهو لا يسلك مدارج السالكين السالفين له ، ولا يسعى لتضليل شعب بلاده أو كسب أرضيه قائمة على طيبتهم ونقاء سريرتهم ، لم يسعى لتقسيم الحدث إلى مراحل يظهر في كل مرحلة منها بطلاً فاتحاً !
أحاديث الرئيس الماضية تناولها " شوية عيال " يُقال عنهم " إعلاميين " ! منهم مَن تحدث باستنكار عن ظهور الرئيس في الحديث " جالساً " ! وقال هذا لا يصح ولا يجوز أن يتحدث الرئيس لشعبه جالساً ! وخرج إعلامي آخر يتحدث عن سوء الإخراج في تسجيل حديث الرئيس ، ويتهم مؤسسة الرئاسة بأنها تفتقد وتفتقر إلى إدارة البروتوكولات ونقل مثل هذه المراسم والأحاديث ! وخرج الأخير ليرفض المشاريع التي يتحدث عنها الرئيس بوصفها مشاريع غير مُلحة ولا ترقى للمرحلة الراهنة ! ويطالب الدولة بالاتجاه إلى مشاريع كذا وكذا !
و لِما لا ؟ فقد أصبح الإعلامي ضليع في الشأن الاقتصادي ، والسياسات الاقتصادية وأولويات الفترة ومقارنة النتائج وتحليل أوجه القصور والإصرار على اتخاذ الخطوات التي يراها مناسبة ، وإلا فالدولة فارغة ! وأحاديث الرئيس باهته ، وليس فيها أو من بينها ما يستحق إلا السخرية من الإخراج ، وجلسة الرئيس ، أو وقوفه ، أو انحناءة جسده !!
إعلامي ضليع في الشأن السياسي الداخلي والخارجي ، وعلى ذلك يُقرر هو أن مجموعة الوزراء الحالية أو السابقة لا تصلح لأنها مجموعات لا تمتلك الحس السياسي لمخاطبة المجتمع ، وعليه فينبغي إقالة حكومة فلان وعلان لأنها لا تصلح لتلك الفترة ، فيما لم يتضمن حديث الرئيس دفاع أو هجوم أو ذكر لتقييم الحكومة !
هذا الإعلامي معه كل الحق بالطبع ، فالمطلوب منه ملء فراغ المادة التي يقدمها يومياً بموضوعات متنوعة تجذب الانتباه بارتفاع نبرة الصوت التي باتت تعلو على صوت المعركة ، مع وضع الآراء التي لا تفتح عليه النار من النُخب السياسية التي أصبحت كما نقول " العدد في الليمون " .. ولكن " ضرب النار على الدولة " شجاعة ، فروسية ، جرأة " تكبيــــــر ! ناهيك عن أن حديث الرئيس ربما يُغطي ثلاث أو أربع حلقات متتالية .... " ولا أجمل من ذلك لملء الفراغ والمادة الإعلامية " !
هذا الإعلامي كان يطالب الدولة منذ شهور بضرورة وسرعة التوجه إلى مشاريع العمران والطرق وإسكان الشباب ، فلما افتتحت الدولة 34 مشروع عمراني وسكني ، ومدت جسور وكباري وطرق تربط المدن بالمدن مباشرةً دون الحاجه لدخول القاهرة ، خرج الإعلامي ذاته ليقول أن هذه المشروعات ليست واجبه الآن !!
لذلك اكتشف الرئيس أن الشعب بصورة أو بأخرى يتابع ما يحدث دون الحاجة للحديث الشهري ، كذلك اكتشف أن الحديث يتناوله " شوية عيال " لا تفقه كثيراً مما تقول ! فآثر الرجل العمل بعد أن قال لهم بشيء من الأدب " ما يصحش كده "
أكرر على مسامعكم ، هذا الرجل كان باستطاعته افتتاح هذه المشروعات على مراحل ، لاستغلالها في تكرار الترويج لنفسه ولنظامه الحالي ! لكنه ليس كأسلافه .