عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الزند وعبدالعزيز واستقلال القضاء

الزند وعبدالعزيز واستقلال القضاء

بقلم : عاطف حلمي

كشفت واقعة إقالة وزير العدل المستشار أحمد الزند عن مدى ما وصلت إليه العلاقة المشوهة بين السلطتين التنفيذية والقضائية، بل وعن الحالة الملتبسة في نظرة بعض أعضاء السلطة القضائية إلى طبيعة التعامل مع المجتمع ككل، بل أن أمر الإقالة كان يمكن أن يمر بلا أي ضجيج إذا التزم بعض القضاة بالحدود الفاصلة بين السلطتين لأن إقالة الزند لم متعلقة بمنصب قضائي بل بمنصب تنفيذي.



مفاهيم

المشكلة ليست في إقرار مبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء ولكن في مفهوم بعض أعضاء السلطة القضائية لمفهوم الاستقلال، وهذا ظهر جلياً بعد موجة 30 يونيو الثورية، فأعتقد هؤلاء أن الاستقلال يعطيهم الحق في التدخل في اختيار وزير العدل في أي تشكيل وزاري رغم أن هذا المنصب في الأساس تنفيذي بالدرجة الأولى وكان على القضاة النأي بأنفسهم عن السقوط في دوامته حتى لاتصبح السلطة القضائية طرفاً في اللعبة السياسية.

تورتة

الأكثر من ذلك فأن المستشار الزند ومؤيديه أعتقدوا أن وقوفهم في وجه الإخوان يعطيهم الحق في "تورتة" مكتسبات سياسية أفرزها واقع ما بعد 30 يونيو وهو الخطأ القاتل الذي كاد أن ينتج عنه صدام غير مبرر، وعلى خلاف ما كان يحدث سابقاً فأن هذا التيار القضائي هو من بادر بالتأزيم هذه المرة وتدخل قضاة بشخصهم عبر نادي القضاة وتصريحات بعضهم عبر وسائل الإعلام، وهذا ينطبق عليه توصيف "ممارسة العمل السياسي".

فؤائد

ولعل من فؤائد هذه الأزمة عودة الخطوط الفاصلة بين السلطين إلى وضعها الطبيعي، وكان الأحرى بنادي القضاة أن يولي قضية استقلال السلطة القضائية التي تآكلت في عهد مبارك الإهتمام اللازم، بما يضمن ميزانية ثابتة وواضحة للقضاء، وتقنين عمليات الندب والإعارة التي طالما شكا منها القضاة ومن تأثيرها السلبي على استقلالهم.

مواقف

ولا أريد أن اتجاوز أزمة إقالة الزند دون التعرض لقضية، رئيس نادي القضاة السابق المستشار زكرياً عبد العزيز الذي صدر قرار بإحالته للتقاعد أو ما يعرف بـ "الصلاحية" لكونه مارس العمل السياسي.

ولأني أعرف ــ بحكم عملي ــ المستشار زكرياً عبدالعزيز بشكل قريب جداً منذ سنوات طويلة، أؤكد أن هذا الرجل لم يكن يوماً عضواً في جماعة الإخوان، ولم يكن حتى متعاطفاً معهم، بل هو صاحب تاريخ مشرف في الوقوف أمام نظام مبارك مدافعاً عن استقلال القضاء، وكان له مواقفه التي تحسب له، بل إنه كان من أبرز من انتقد السلبيات التي شابت العمل القضائي وأثرت على حياده، ولعل أبرزها ما يعرف بالندب والإعارة، حيث كان ينتدب بعض القضاة كمستشارين لدى هذه الوزارة أو تلك الجهة الحكومية، مما يفقدهم الحياد عند نظرهم قضايا تكون الحكومة طرفاً فيها، وهو الأمر الذي تصدى له المستشار زكريا عبدالعزيز ومجموعة من القضاة الذين نالوا ثقة القضاة وفازوا برئاسة وعضوية نادي القضاة.

ممارسات

وكان المستشار زكريا عبد العزيز من بين الرافضين لبعض ممارسات إعارة القضاة للعمل في الدول العربية حيث كان البعض منهم يأتي بتعاقد شخصي بالاسم وهو ما يتعارض مع كون تلك الإعارات يجب أن تتم من خلال الدولة فالقاضي المعار لايمثل نفسه بل يمثل القضاء المصري.

وكان المستشار عبدالعزيز من الرافضين لتولي القضاة مناصب تنفيذية كتعينهم محافظين أو ما إلى ذلك، حتى لاتكون تلك المناصب باباً لإثارة غبار الشبهات على القضاة وأن تولي هذه المناصب نوع من المكافأة لهذا القاضي أو ذاك على دور ما لصالح النظام، وكان من ضمن الشروط التي طالب بها ومعه أخرون من القضاة أن لا يتولى أي قاض مسؤولية تنفيذية إلا بعد مرور بضعة سنوات على تقاعده إنطلاقاً من مبدأ "درء الشبهات".

ملفات

ولم يخش المستشار زكريا عبدالعزيز وأعضاء نادي القضاة في ذاك الوقت فتح ملفات شائكة، ومنها كيفية اختيار معاوني النيابة من خريجي الحقوق، حتى أنه في احدى المرات رسبت دفعة كاملة في اختبار التحريري وهو الاختبار المتعلق بقانون الإجراءات التي من دونها لايمكن تكييف الاتهام في أي قضية.

وهناك الكثير من المواقف لهؤلاء القضاة في عصر مبارك، ليس هناك مجالاً لسردها بالتفصيل.

هذه شهادة رأيت أنها أمانة في عنقي تجاه المستشار زكريا عبدالعزيز، وتجاه هذه المجموعة من القضاة، اراحة لضميري وحفاظاً على أمانة المهنة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز