عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
رسالة إلى أمى

رسالة إلى أمى

بقلم : غادة كريم
سألتنى سيدة بعد اشترت بعض من شموعى واثنت على أخلاقى بجانب فنى قائلة " كيف ربتك والدتك ؟ " أربكنى السؤال فابتسمت قائلة لا أعرف ولكن أتمنى أن يحبنى ابنائى يوما نصف ما أحبها، فقالت وأنا أتمنى أن أربى ابنتى لتكون مثلك. وظل السؤال فى عقلى دائما، ماذا فعلت أمى ؟؟ كل ما أملكه الان هو حصاد تلك التربية، ثمرة تعبها فى مجالات كثيرة، دعونى أحكى لكم منذ البداية ..
 
عندما كنت فى الثامنة بدأت ترسلنى طوال الصيف إلى مكان جميل يدعى " الاتيليه"، منذ نعومة اظافرى أرسم، اشتركت فى الكثيرمن المعارض وعندما مللت الرسم يوما، اشتركت لى فى دورة تعليم التصويرالفوتوغرافى ثم أشتقت إلى الالوان وعدت للرسم بعد أن حصلت على أول عدسة فى حياتى وتعلمت أولى أساسيات التصويرالتى استخدمها فى عملى حتى الان.
 
كانت تقول من يريد تعلم لغة لابد أن يتعلمها من السكان الاصليين، فاذا أردت تحدث الانجليزية بطلاقة كان لابد أن اتحمل دورات المركزالبريطانى الذى لا تتحدث به المدرسة بالعربية اطلاقا لأنها لا تعرف وعلى أنا بذل مجهود لأحادثها.. كان للتعرف على ثقافة الغرب منذ الصغرأثره فى انفتاحى العقلى على الجانب الاخرمن الكرة الارضية وقراءة الكتب الاجنبية ونجاحى فى دراستى.
 
لم تنسى الرياضة، فشل أبى فى تعليمى التنس لأننى كنت أبكى من ثقل المضرب وكذلك الصيد لأننى لا أملك الصبرالمطلوب ولكنها ألحقتنى مع أخى فى الكاراتيه وأحببت اللعبة ومارستها لسنوات حتى حصلت على الحزام الاسود ولانشغالى بالدراسة تركتها ولكنى مدينة للرياضة بذلك الجسد. عندما أصابنى الاكتئاب، كانت أمى تعيسة كل مساء تتساقط بجانبى كورقة شجرخريفية، ربما خاضت أزمات كثيرة لكن أزماتى كانت لقلبها تعاسة مضاعفة ثم ألحقتنى بدورة خزف،
 
ساعدنى الطمى كثيراعلى تخطى الازمة وأصبحت مهتمة بصناعة الشموع فساعدتنى رغم تذمرها من دمارمطبخها حتى أننى تسببت فى احتراقه يوما ولولا سترالله لكان احترق البيت وصادقنا الموت جميعا. ومع افتتاح محلى الاول لبيع الشموع التى أصنعها، رغم سعادتى الا أننى كنت أبكى لها كل مساء من صدمات البشر، لم أكن بالحجم النفسى المطلوب للتجارة،
 
 
صدمنى التعامل بقانون المصلحة وفى كل مرة تقول "خليها على الله، ربنا مش بيضيع مجهود حد"، وضعتنى على طريق الله وجعلتنى اتخلى عن البشر، ومازلت أؤمن عندما يصدمنى البشرينصفنى الله ! بعد نشر أولى مقالاتى قالت " أعجبنى كثيرا وكأننى كنت اتناول قطعة جاتوه وأنتهت " .. راقنى التعبير، ومع نجاح كل مقال أتذكرتلك الجملة دائما.
 
ربما تختلف شخصيتى عنها كثيرا، هى أكثرطيبة وملائكية ورغم أنى لا أستمع إلى نصائح الجدة التى تدلل الاطفال والومها يوميا على المجهود الخرافى فى عملها الذى لايحتمله جسدها ولكننى دائما مدينة بكل الاشياء الملائكية داخلى لجيناتها ومدينة بمزيج من القوة والانسانية لها، لقد علمتنى الفن واللغة والقراءة والتوازن النفسى والجسدى، جعلتنى أمضى طفولتى ومراهقتى فى بناء مستقبلى، وأعظم ما صنعت أنها شكلت بداخلى ضمير يعرف الله وايمان أن البشرليسوا السند أنما باب الله هوباب لن يغلق ابدا !! لا أعلم وأنا أم استيقظ فى الصباح منهكة من أين حصلت أمى على الوقت والمجهود والمثابرة فى الحياة بين عملها وكل أنشطتنا إلى جانب الدراسة، نجاحى الذى احصده الان زرعته هى بذورصغيرة وظلت تراعيه لسنوات حتى أصبحنا أنا وأخى كذلك.
 
رسالة إلى أمى .. شكرا لكل يوم من عمرك استثمرتيه فى بناء عمرى أنا !! أحبك كلما أعطتنى الحياة يوما جديدا أكثر.



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز