مكالمة بعد منتصف الليل

بقلم : غادة كريم

 التقطت صديقتي هاتفها وهي غاضبة ولم تجد أقرب لذهنها من رقمي، أنا صرت عابسة محملة بكثير من هموم البشر فوق متاعبي، قالت قبل صباح الخير ..

 

أتدرين أن كتابك " علامات الحب السبعة" جعلني أبكي، جعلني أفكر هل أحب نفسي أو عملي أو زوجي .. أين الله في يومي، جعلني أدرك أنني مكتئبة وفاقدة للحياة ! ..

 

لان بين سطورك ياعزيزتي الكثير من الحياة استيقظ في الصباح لا وقت لدي للحديث، اذهب مباشرة إلي المطبخ ثم إلي غرفة الاولاد واصرخ حتي موعد الاتوبيس وفي الغالب اذهب كل يوم متأخرة إلي العمل ..

 

لماذا يعمل البشر ؟ كل يوم اجلس علي مكتبي واتسآل في صمت جنوني، كل من حولي يدفعني للاحباط ..

 

بائسون حتي النخاع، يلعبون علي الفيسبوك أو يثرثرون، مليئة قلوبهم بالنميمة، يتنافسون بغير شرف ويظهرون الكثير من الشرف ..

 

هل السلطة أم المال يصنعون تلك النماذج ! اعود للمنزل مسرعة قبل عودة الاولاد واطبخ .. هل تعلمين ياغادة أنني احلم بما اطبخ كل يوم ! صارت نصف احلامي تتمركز حول سؤال " ماذا ساطبخ اليوم ؟ " وصار نصف يومي ضائعا في الاجابة عن السؤال ورغم أني احب الطبخ الا اني مرهقة.

 

احيانا اطلب طعام سريع أو تعد لي أمي الطعام .. زوجي يأكل ويبدو مستاء ولا يتكلم، اعرف اثناء شجار ما لاحقا .. أشعر بالغضب لماذا تذكر تلك الايام فقط وتجاهل باقي الخمسة الذين اعددت أنا بهم الطعام ! ..

 

هل لديك اجابة علي السؤال الهزلي لماذا يتذكر الرجل لزوجته تلك الامور ويتناسي تماما كم أرهقتها الحياة الزوجية والامومة ويستكثر عليها الراحة المؤقتة ؟! اشعر مجتمعيا بالارهاق، كنت أحب النادي والان أشعر انني اراقب اطفالي بحذر واتوقع أن اعود ولا اجد سيارتي أمام الباب، تهاجمني فكرة خطف اطفالي أو سرقة سيارتي أو هاتفي مئات المرات كل يوم.

 

أين ذهب الحب بيني وبين زوجي ؟ .. لماذا فقدت حماسي للعمل؟ .. متي سأتوقف عن تناول المهدئ ؟ .. كتابك ايقظ الكثير من الاسئلة داخلي ياعزيزتي. أنا لا أملك كل الاجابات فانا في النهاية بشر مثلك .. ترهقني الاسئلة والتفكير والعمل والاطفال والمجتمع ولكني ساحاول أن أبحث معك ..

 

في الزواج يتحول الحب من الابيض إلي الابيض المصفر .. تضيف المسئولية بعض الغبار علي العلاقة ولأن المرأة تلعب كل الادوار لارضاء الرجل فأنها عندما تشعر بالاجهاد يزداد الاصفرار ولا تملك مجهود تنظيف العلاقة ..

 

الرجل يحبك بعد نفسه واصدقائه واطفاله وعائلته وعمله وسيارته .. ولكن أن بذل المجهود ليخبرك أنه يحبك حاولي أن تصدقيه جميعهم يولدون بنفس المقدار من الانانية فاخفضي سقف التوقعات قليلا .. يظل للالماظ قيمته حتي ولو انطفأت لمعته قليلا. في العمل ابتعدي عن البشر، صادقي الاهداف فقط، ليكن هدفك النجاح بطريقة مشروعة دون النميمة والمجاملات الفارغة، ابحثي عن المشاريع الجديدة واستمعي للموسيقي علي اذنيك ..

 

تجاهلي الجميع فانتي ذاهبة لحصد الكثير من النجاحات فقط وليس لحفلة صباحية لاكتساب الاصدقاء، في العمل كلما فشلتي أو خذلك اخرون يتغير لونك من عود اخضر لعود ناضج مزدهر. كلنا مجتمعيا نعيش تلك الحالة من الفوضي ولكن سأخبرك سرا أن لي صديقة مات ابن اختها وظلت تفكر هل من الممكن أن يمرض ابنها بنفس المرض الوراثي ويموت هو الاخر .. سألتها بعد ثلاثة سنوات من عذابها، ماذا فعلت أختك؟ قالت انجبت توأم منذ سنتين ..

 

اذن هو الله الرحيم الذي لايكلف كل نفسا الا وسعها، تأتي المصائب علي مقاس القلب، يعلم الله سبحانه أن أختك قوية فاختبر ايمانها بفقدان الولد ثم عوضها بالخير ويعلم أن قلبك غير قادر علي احتمال مجرد التفكير في الامر فسيحفظه لك، تأتي المصائب علي مقاس القلب ..تذكري أن كل شئ قدر والقدر يملكه الله ..ثقي في الله. من يخافون الألم ..

 

يتألمون من الخوف ! ستوقفين المهدئ عندما تعتادي الصداقة مع الاخري بداخلك، عندما تصبحون أصدقاء فتخبرك في المرآة صباحا أن الحياة ستعطيكي فرصة جديدة علي سطح الارض لتحبي بشر ويحبك اخرون وتتذوقي الكثير من النجاح والقليل من المرارة وستهمس ليلا أنك كنتي قوية اليوم ولا أحد يستحق تلك الحبة المهدئة للاعصاب ومثيرة للتأمل .. لا أحد ياعزيزتي يستحق كل تلك الفوضي داخلك. فانهارت في البكاء .. فبكيت أنا الاخري !