عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
سلطان القاسمي...إمام المثقفين وشيخ الفلاسفة

سلطان القاسمي...إمام المثقفين وشيخ الفلاسفة

بقلم : عبدالجواد أبوكب
الشيخ سلطان القاسمي هو ذلك الرجل العربي المسلم الذي ينجح دائما في إنتزاع كل مساحات الدهشة والاعجاب الممكنة، ويجعل سؤالا ملحاً لا يفارق ذهن من يتعرف إلي شخصه وتاريخه وإنجازه وعطاءه في كل المجالات وهو.." كيف يجد حاكم مسئول كل هذا الوقت ليبدع طوال الوقت، وليكون دائما في خدمة العروبة والاسلام والانسانية جمعاء أينما ووقتما كانت الحاجة؟"
 
وربما تكمن الاجابة في كونها حكمة السنين التي لازمته مبكرا، ونضارة التربية المثقفة وحبه للعروبة والانسانية والمعرفة الدائمة، وانحيازه للابداع، وغيرها من الصفات التي نشأ عليها وجعلت منه القدوة والنموذج والملهم لأجيال تحاول السير علي نهجه وعلي موطيء حكمته وخارطة تجربته نادرة التكرار.
 
وعندما أكتب عن الشيخ سلطان القاسمي لا ينتابني أي حرج،لأنه حاكم لا يحتاج إلي مديح سلاطين، فهو سلطان بالاسم والفعل، ولا يحتاج إلي شعراء بلاط، فسيرته الطيبة تروي في حكايات الانجاز، وتاريخه يكفي ويزيد لكل من يريد.
 
وحبه لمصر ليس كمثله حب، فهو الابن البار لأم الدنيا التي إحتضنته طالبا فظل وفيا لها في السراء والضراء، يساند ويدعم ويكون دائما أول المبادرين، والحكايات كثيرة من إنشاء دار الوثائق الجديدة إلي مشروع اكتشاف المبدعين من شباب الجامعات المصرية مرورا بمئات القصص سواء تلك التي عرف الاعلام بشأنها، أو الأخري التي لم تصل إلي أحد سوي أصحابها.
 
وذلك الحب الذي يفخر حاكم الشارقة بالاعلان عنه بمناسبة وبدون مناسبة، ويروي قصته كل من التقوه من مبدعين ومثقفين، أو زملاء دراسته وأصدقاءه مثل الفنان الكبير عادل إمام والقدير صلاح السعدني وغيرهم من نجوم مصر.
 
  وكيف لا وهو الرجل الذي قال يوم احتراق المجمع العلمى "كانت الكتب تحترق والنار  بقلبي تشتعل"، وكيف لا وهو الذي يؤكد دائما أن  مصر  لها فضل على منطقة الخليج عامة والإمارات خاصة، وأنه جاء إلى مصر عام 1965 طالبا للعلم فوجد جميع علوم الدنيا فى مصر من تراث وآثار وقيم وأخلاق.
 
 وفي الشارقة ومن منطلق إيمانه بأن التقدم  يحتاج إلى خطة علمية مدروسة، ميدانها التقدم العلمي متوازيا مع التقدم الأخلاقي والاجتماعي، وهو تطور قد يكون بطيئاً لكنه ثابت مستدام، بدأ مشروعه الثقافي الكبير سنة ،1979 الذي قال عنه في كتابه: "حصاد السنين . . ثلاثون عاماً من العمل الثقافي في الشارقة" "في بداية سنة 1979 كنت أعكف على وضع خطة مدروسة لإعادة الشباب إلى الاهتمام بمجالات الثقافة، وقد عزمت على أن أولي الثقافة والآداب والفنون اهتماماً بالغاً في المرحلة التالية . . وبمناسبة عرض مسرحية "شركة العجائب" التي كانت تقدمها في قاعة إفريقيا في الشارقة فرقة المسرح القومي للشباب يوم الثامن عشر من إبريل سنة ،1979 قلت للشباب الحاضر إن الخطة التي أعدها ستفاجئ الجميع، وقلت إنه قد آن الأوان لوقف ثورة الكونكريت في الدولة لتحل محلها ثورة الثقافة" .
 
  ومن هذه النقطة الاستراتيجية كان الانطلاق، فتأسست دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، ومنتدى الشارقة الإسلامي، ومعرض الشارقة الدولي للكتاب، وأنشئت المدارس والمعاهد والجامعات ومراكز الأبحاث المتطورة التي تخرّج مئات الطلبة كل عام، ثم توالت الفعاليات والأنشطة الثقافية النوعية التي كست الإمارة بحلة ثقافية بهية جعلت منها بعد حين عاصمة للثقافة العربية ،1998 ثم عاصمة الثقافة الإسلامية ،2014 فالسياحة العربية 2015 ، فالصحافة والاعلام معا في العام 2016.
 
 وكان هدف"بناء الانسان" كلمة سر لمنهج عمل حاكم الشارقة الذي فهم الثقافة بمعناها الأشمل فحقق تفردا للإمارة تجاوز حدود العرب ووصل للعالمية في إطار إسلامي وسطي ومعتدل، وكانت المكافأة علي الاجتهاد بأن أصبح معرض الشارقة الدولي للكتاب واحدا من أهم ثلاثة معارض علي مستوي العالم متفوقا علي الجميع، وبات مهرجان الشارقة القرائي للطفل علامة يشار إليها مدعوما بتفرده ومحتواه، وتعددت المشاريع المنيرة، من "ثقافة بلا حدود" إلي "كلمات"، ومن "ألف عنوان وعنوان"إلي "لغتي"..لكن هذا التمدد الثقافي لم ينسيه العمل علي تنمية كل القطاعات المتعلقة بحياة المواطنين خاصة ما يتعلق بإحتياجاتهم الأساسية وغيرها، مثل الصحة والتعليم والإسكان والتنمية الاجتماعية والنقل والترفيه، ليحقق القاسمي المعادلة الصعبة في مفهوم النهضة الشاملة للشعوب.
 
وكان من مزايا "القاسمي" أنه لم يتوقف عند حدود الامارة بل تخطاها للأمتين العربية والاسلامية مثابرا بكل ما أوتي من قوة وحكمة وجهد علي نشر الهوية العربية، والفكر التنويري والاسلام الوسطي لمواجهة الفكر الظلامي، وتوظيف الإعلام والتكنولوجيا، والثقافة في خدمة قضايا الأمة، وتوعية شبابها بخطورة هذه الأفكار الهدامة ولعل تجربته الأبرز كانت في الامارات ومصر بشكل مباشر، وفي الدول الاسلامية عبر الجامعة القاسمية بشكل غير مباشر.
 
ويعمل الشيخ سلطان القاسمي، دائما على غرس أهمية اللغة العربية واستخدام مصطلحاتها الغنية والقيمة والحرص على تسمية الأشياء بمسمياتها الصحيحة ، حيث يعتبر أن هذه المصطلحات تعكس الهوية العربية وتسهم في حفظ اللغة من التشويه وادخال ما لا يليق بها ويناقض معانيها، معتبرًا أنّ التقدم والتطور مطلب إنساني لكنه يجب أن يتم في إطار حماية المجتمعات والأخلاق.
 
ولأن حاكم الشارقة يؤمن بأن الاعلام هو القادر علي ترجمة كل الأهداف وحمايتها كان إنشاء المنطقة الاعلامية الحرة  وتألق المنتدي الدولي للاتصال الحكومي ليصبح واحدا من أهم الفعاليات العالمية، وواصل مركز الشارقة الاعلامي قفزاته النوعية  بالاضافة لجهده الكبير في تنظيم منتدي الاتصال، سواء عبر الشاشات أو في الفضاء الالكتروني ، لتكون ثمرة الجهد الكبير اختيار الشارقة عاصمة للصحافة العربية من قبل مجلس الوحدة الاعلامية العربية، وعاصمة للاعلام العربي من قبل الاتحاد العربي للصحفين الشبان للعام 2016، لتحصد الامارة الصدارة في كل قطاعات الاعلام  كترجمة لعمل دءووب وجهد مميز.
 
وعلي نفس التقدم المعجز كان النجاح علامة مسجلة في قطاعات السياحة والاقتصاد والمرأة والاقتصاد والعطاء الإنساني، ولهذا كانت الشارقة واحة تسع الجميع ولم يكن غريبا أن يطلق عليها"الامارة الباسمة" بسبب حالة الرضا التي تسكن روح كل من يزورها، فما بالكم بأهلها.
 
علي أن أبرز ما رصدته وأنا أحاول جاهدا رصد بعض مآثر الشيخ سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلي حاكم الشارقة، كان حسن إختياره للفريق الذي يعمل معه ومساندته للجميع وتحول كل واحد منهم إلي مؤسسة كبيرة تدعم الثقافة وتتفاني في الخدمة العامة، ولذا لم أجد لقبا يليق به أكثر من كونه"إمام المثقفين وشيخ الفلاسفة".



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز