عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ممكن توحشني؟

ممكن توحشني؟

بقلم : د. نهلة زيدان الحوراني

ويصل الكثير ممن أعرفهم وتعرفهم أنت لطريق مسدود. يتحول الحب الذي كان نهرًا جارفًا لبحيرة راكدة آسنة لا يجتمع حولها إلا من تجبرهم طريق العودة لمنازلهم كل مساء على المرور بها. وتجد نفسك راغبًا في البعد بقوة. بل مجبرًا على هذا البعد. تطالعك المرآة بصورتك التي تعرفها. أنت لم تتغير. تتشارك الكثير من الحورات مع المرآة وهي لا تجيب بل ترد بصورتك فقط ردًا أصمًا من كل تفاعل معك. أليست هي ذات القطعة الزجاجية التي كانت تشاركك الفرح بلقائه بل وتزيد ملامحك جمالًا لأنها ترى ذلك الجمال داخلك فتخرجه على صفحتها الملساء البراقة. كأنها تعكس ضوء الشمس تمامًا.



اليوم تريد أن تقولها : (ممكن توحشني؟)
فهذه الجملة هي كلمة السر التي تفتح ملفات كثيرة من القلق والإرهاق والأرق والملل، وتخرج بك لحياتك التي تحبها. تلك الحياة التي كنت فيها قادرًا على الاشتياق. والاشتياق نصف اللقاء. فهذا الشخص - الذي اختلط عليك أمره : هل مازلت تحبه أم لا – صار موجودًا معك لأوقات طويلة. لم تعد تملك تلك الفسحة الطويلة من الوقت لتخيله ورسم قصص خيالية تحلم أن تتحول لحقيقة معه. فقدت نصف وجوده المتمثل في ذكراه والحلم به. فنحن نملك نصفي وجود أحدهما حين نحضر ماديًا والآخر حين نحضر فكريًا فقط. حضورك الفكري حين يختلط بالمادة يفسد الخيال قليلًا، وهذا الخيال أب روحي للاشتياق.


(مبقتش توحشني. مبقتش أستناك. ومبقتش حاسة إن وجودك مكافأة من أي نوع على أني بحبك)
الملل ليس جريمة ولا نهاية حب، هو ظاهرة إنسانية، يجب التعامل معها إنسانيًا. والحل إجازة قلب. دعها تشتاق لك. اهجرها مليًا وتأمل كيف ستفتقدك. كل تفاصيلك ستبقى مع أنك لست موجودًا. سيتضاعف وجودك جدًا لمجرد أنك صرت ممنوعًا من الحضور، ولمجرد أن الخيال يستحضرك رويدًا رويدًا، ومع الوقت سيتحول وجودك لمكافأة. وكلما بالغت في البعد وقللت الاتصالات كلما ستجد أن وجودك ازداد وطأة، وأن تفاصيلك تحتاج الآن لك كي يختفي العطش. أنت ماء والعطش إليك كلما ازداد اقترب من القلب.
(يا جماعة اوحشوا بعض).


ليس عيبًا أن تحاول أنت أيضًا أن تدخل اللعبة، وكلما حاولت نسيان الطرف الآخر ازددت أنت أيضًا اشتياقًا. الشوق يا صديقى مهنة من لا مهنة له. فإذا غابت كل التزاماتك نحو الطرف الآخر سيتسلل لك الاشتياق إليه إذ هو الشيء الوحيد الذي لن تحتاج لوجوده معك حتى تمارسه معه بعد الاعتراف بالحب.


(لما بتوحشني. بأخاف توحشني أكتر)
هي إجازة غير قابلة للتكرار. كنت أعرف صديقة من ولاية بوسطن الأميريكية، كانت تعتبر أن يوم الأحد أجازتها الرسمية من المنزل. تخرج منذ الصباح ولا تعود إلا في المساء المتأخر، وليس من حق أحد في المنزل أن يسألها عن تفاصيل هذا الغياب، لكنها مع الوقت فقدت الانفراد بذاتها وسط دهشتهم، بدات أولًا تقص على زوجها وأبنائها تفاصيل يومها الخاص دون أن يسألوها، ثم قررت فجأة أن تقضي كل أحد معهم ولم تقل سوى: (أشتاق لهم جدًا).
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز