مشاعر قابلة للاحتراق

بقلم : غادة كريم

انتعلت حذاء رياضي وقررت ممارسة رياضتي المفضلة لتصفية ذهني الممتلئ بالتفاصيل دائما وهي المشي، وجدتنى أبكى في الطريق بعد خطوات، أبكي بحرقة قلب، ولا أعلم لماذا ! لم تحدث الكثيرمن الاحداث التي تبكيني ولكني في لحظة افراغ كيس القلب من محتواه وجدت الكثير، كل تلك الاشياء التي نقذفها بعيداعن عقولنا ونتغاضي عنها من أجل أن تدورعجلة الحياة يلتقطها القلب بمهارة حارس مرمي محترف ويخزنها داخله، وفجأة يتحول للهجوم بكل ما يملك ويغمرنا بكثيرمن الكراكيب السوداء برائحة عفن الحزن اليومى. من فى عمله لا يتجاهل السخافات من أجل لقمة العيش، حتى بعد ساعات العمل كل ما في المجتمع قاسي من ازدحام المرورإلى التعليم والاعلام والصحة والسياسة وصولا إلى البشرأنفسهم، نحتاج إلى نفسية فولاذ لتحمل الضغط جميعنا مرضي نفسيين تحولنا إلي شخصيات لا تحمل الكثير من السلام داخلها نتصارع علي العمل،

 

نخترق كل المساحات الشخصية، نتعمق في تفاصيل صور بشر علي الفيسبوك حتي وأن كنا لا نعرفهم ! الزواج شراكة تحتاج جهد يومى لكسرالملل وجهد أعمق لتقريب وجهات النظرفى حين يسعي كل طرف لاثبات أن الصواب حليفه وحده، نحن نعيش مع الاخروالاطفال في قارب ضيق صغيرجدا ومهما حاولنا تحاشي فوضاهم تصيبنا حتما، أنه بالفعل مرهق حتي وأن قفزنا منه لا نملك القوة للسباحة بعيداعنه، نترك قوانا وأجزاء كثيرة منا داخله، تجعلنا أضعف من أن نسبح للشاطئ البعيد، وأحيانا أكثريجعلنا الحب أضعف من التخلى عنه ! أتذكرمع بداية تعيين صديقتى في وظيفة جديدة، ماتت جدة مديرتها وذهب الجميع لتعزيتها في بيت الجدة الراحلة وكانت الوحيدة التي تبكي، تبكي أكثرمن الاهل ولم تعرف لماذا، لكن يبدوأننا نخاف، تصيبنا رهبة موقف لدى الاخرين بالرعب داخل أنفسنا، تصيبنا لعنة القلق وتلك أقسى من القدرنفسه، أخاف لو زوج صديقتى خانها أن يخوننى زوجى، أن مرض أطفال أخرى أن يمرض أطفالى حتى وأن مات والد جارتى أخاف أن يموت أبى.. انتظارالبلاء أشد من وقوعه. تغرقنا الايام بالتفاصيل التي نتجاهلها يوميا ونظن أننا تفادينا الالم، حتي نقف في لحظة ما فيسقط الكيس الاسود بما فيه فوق رؤوسنا فنبكي بحرقة قلب في عزاء شخص لانعرفه، أو في أحضان صديقة تسكن بلد اخر، أوحتي اثناء ممارسة اليوجا، كلما نظرنا بعمق في المرآة واخترقت النظرة ملامح الوجه وكشفت عن ملامح القلب .. نبكى ! البكاء حالة من التنفيث عن المشاعر السلبية،

 

يجب أن نبكي كلما شعرنا أننا في حاجة إلي ذلك، اكره تلك الجملة كثيرا " ماتعيطش أنت راجل" أعشق استبدالها بجملة " ماتعيطش أنا جنبك" .. لماذا لا تبكي الرجال؟! .. أوليسوا بشريحتاجون إلي آدميتهم، كبت المشاعريؤدي إلي الاكتئاب أوالعنف. ليس كل البشر لديهم القدرة علي مشاركة أحزانهم، فالحزن حالة حميمية تحتاج قسط هائل من الشجاعة والذكاء لتختار من ستبكي له. قلوبنا ممتلئة حتي أخرها بالوجع، أعلق قلبي علي جدارالروح ليجف، فى اجازة من كل الاشياء أجلس لمشاهدة قطراته تسقط ببطء وأتذكر كل قطرة ظننتني تناسيتها يوما، اذكرالله في هدوء، أدعوه أن ينقي قلبي .. شمس الله هي الوحيدة القادرة علي أن تجعل قلوبنا تجف من الاحزان، يارزاق أرزقنا راحة البال ولا تغيرعلينا الحال الا لأحسنه ..آمين.