عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
يسألونك عن إدارة الأزمة

يسألونك عن إدارة الأزمة

بقلم : د. أحمد الديب

نشأ مفهوم "الأزمة" قديما في نطاق العلوم الطبية لتعبر عن لحظة قرار حاسم في حياة المريض ، ثم انتقل المفهوم  إلي العلوم الإنسانية ، السياسة والإقتصاد وعلوم الإدارة . والحقيقة أنه من المستحيل أن نجد مناعة مطلقة ضد حدوث الأزمات سواء علي مستوي الأفراد أو المؤسسات أو علي النطاق الأوسع كالحكومات والأمم . إلا أن الازمات تحمل في بواطنها فرص سانحة للتعلم واكتساب الخبرات للتعامل الأفضل مع أزمات تالية مشابهة ، غير أن التعلم من الأزمات وإكتساب الخبرات اللازمة منها للتعامل مع المستقبل ، لا تحتاج فقط إلي كفاءة إدارية علي مستوي الرؤي والتخطيط والتوقع وسرعة البديهة فقط ،  وإنما تحتاج فيما تحتاج إلي الرشد والذي أصبح للأسف عملة نادرة في نطاق متخذي القرار.



نستطيع تعريف الأزمة ببساطة علي أنها حالة استثنائية  حرجة ، شديدة الصعوبة أو الخطورة . ويمكن تعريف إدارة الأزمة بشكلها المبسط بأنها الإجراءات المتخذة لتوقع الأزمة والإستعداد لها قبل وقوعها ، ثم الإجراءات المتخذة لإحتوائها أو السيطرة عليها حال وقوعها بحيث تكون الخسائر المترتبة علي وقوعها أقل ما يمكن.

يتضح لنا من التعريفات السابقة المبسطة أن للأزمة خصائص وسمات أهمها المفاجأة والخطورة ونقص المعلومات خاصة إذا كانت أزمة فريدة تحدث لأول مرة . وبفهم سمات الازمة ، وبإستخدام المنطق دون اللجوء إلي السرد الأكاديمي نستطيع أن نستشف ما نحتاج إليه للتعامل  معها من قرارات مصيرية وسرعة بديهة وإتساع للرؤية وسهولة وفعالية الاتصال وضرورة التكاتف والإصطفاف.

ومع إضطراد الأزمات كماً وتنوعها كيفاً ، نستطيع الجزم بأن الطرق التقليدية (و إن وجدت ) للتعامل مع الأزمات لن تجدي نفعا، بينما تستهلك الموارد والجهد والوقت ما دفع العالم إلي تصميم منهجيات ومقاربات حديثة للتعامل مع الأزمات المتتالية تعتمد في الأساس علي تطوير تقنيات التواصل وتبادل المعلومات في إدارة الأزمات مما سيحسن فرص الإنذار المبكر وكفاية المعلومات للتنبؤ بالأزمة وبالتالي التعامل معا بطرق أكثر كفاءة.

"تأثير الفراشة " ...هو تعبير مجازي في النظريات الفلسفية والفيزيائية ويتمثل مشهده في أن رفرفة جناح فراشة في الصين قد يتسبب عنه فيضانات وأعاصير ورياح هادرة في أبعد الأماكن في أمريكا أو أوروبا أو أفريفيا .. من هنا نستطيع التحقق من أن الأزمات لا تؤثر فقط علي أماكن حدوثها وإنما تأثيرها متسلسل من أماكن حودثها إلي أماكن اخري ، ومما لا شك فيه أن العبء لن يكون فقط في التعامل مع الأزمات التي تحدث عندنا ، لكننا سوف نتأثر قطعاً من الأزمات التي تحدث في محيطنا الإقليمي أو حتي العالمي . غير أن تأمل نظرية "تأثير الفراشة " بشيء من الإيجابية يجعلنا نستنتج أننا نستطيع تنبؤ تأثرنا بالأزمات التي حدثت في أماكن أخري ومن ثم الإستعداد لها والتخطيط لإحتواءها.  


 اللجنة القومية لإدارة الأزمات والكوارث هي لجنة تابعة لمركز دعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري أنشئت بهدف تنسيق الجهود الوطنية لمواجهة الأزمات والكوارث في البلاد، وإعداد برامج التدريب المختلفة ، و تقديم الدعم لقطاعات الدولة المختلفة لتمكينها من إعداد البرامج والخطط الخاصة بالاستعداد والتصدي للأزمات والكوارث والحد من أخطارها. لا شك أنها خطوة إيجابية ولكنك لا تكاد تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً .

في مصر نحتاج إلي إستراتيجية وطنية للتعامل مع الأزمات المتتالية يكون إطارها التنفيذي من خلال استحداث وزارة مستقلة لإدارة الازمات والكوارث لها من الكفاءة والإمكانيات والصلاحيات ما يكفي للإستعداد والتخطيط والتعامل مع الأزمات ، تستغني عن المحسوبية وأهل الثقة لصالح أصحاب الخبرة والكفاءة ، وتتخلص من الترهلات الإدارية والممارسات البيروقراطية والتي أصبحت قوام الجهاز الإداري المصري وتكون أهم أهداف الوزارة المستحدثة الجديدة :

1 - تصميم خطة وطنية إستراتيجية حديثة للتنبؤ والتخطيط والإستعداد للإزمات. 

2 - توفير البنية الأساسية للتعامل مع الازمات الكلاسيكية وما يستجد من أزمات

 3-تشكيل الفرق متعددة الاختصاصات من الكفاءات الوطنية ذات الخبرة للتعامل مع الأزمات قبل وأثناء وبعد حدوثها قوامها التدريب الممنهج والمستمر والجاهزية العالية.

4-التواصل المجتمعي وبث الوعي العام الجماهيري وتكوين ثقافة الأزمات لدي الجمهور لمعاونة الحكومة علي التعامل مع الازمات..

 5- التنسيق الدولي لنقل التجارب العالمية والتعاون المشترك في حال  الازمات عابرة القارات . .

وقتما قرر عزيز مصر أن يستخلص نبي

 الله يوسف عليه السلام لنفسه ، لم يتخذ القرار لقدرة يوسف عليه السلام علي تاويل الأحاديث فقط ، فقد عرف ما ليوسف عليه السلام من حكمة وقدرة علي التخطيط لأزمة السبع سنوات العجاف . لم يكتف يوسف عليه السلام بالتنبؤ بالأزمة بل وضع لها إطاراً إداريا حكيما لإحتوائها  ، وهو ما لم يدهشني فهو نبي الله ، ما أدهشني حقاَ ، هي ثقافة عزيز مصر الذي تبني الكفاءة والمقدرة ، فأستخلص لنفسه القوي الأمين فمكنه من الأمر وسلحه بالصلاحيات الواسعة اللازمة للإدارة والإنجاز .....ما أحوجنا لمثل هذه الثقافة والممارسة !

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز