عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
وصية حمار 2

وصية حمار 2

بقلم : د. عصمت نصار

نص دعوة جحا



أمسك جحا بقلمه وراح يخط صيغة دعوة الندوة التي اعتزم إقامتها بذكر مناقب الحمار:

جحا: إلى قادة الفكر والسياسة والأدب والدين والسير، اجمعوا من فضلكم كل ما قُرأء وما كُتب عن أبي صابر؛ أعني الحمار الذي طالما وصفتموه بما ليس فيه، وشنعتم عليه، ووجهتم إليه مئات التهم، وهذا بالطبع لا يرضيه، والآن هو يهدد بالإنقطاع عن الحياة واعتزال الناس وضيعهم وشريفهم، الأمر الذي لا يحتمل عقباه، فهل يليق منكم وصف المتعالمين والموظفين الروتينين، والسفلة من الكتاب والصحفيين، والجامدين من أرباب الجماعات، والمتشدقين بالشعارات من الأحلاف والهيئات والإتلافات، والأغبياء من الحرفيين، والمهملين دروسهم من طلاب المدارس والمعاهد والجامعات، والمثرثلين ومرددي الأكاذيب والإشاعات، وغير ذلك كثير من اللذين اسميتموه حمير.

فهل هذا يليق؟! أين الفتنة والتدقيق؟! وهل يعامل الطيب الوديع المسالم الرقيق معاملة الأسافل والمنحطين من الحمقى والبلهاء والمأفولين؟! والله هذا الأمر لا يليق. ألم يخلقه الله لحمل الأثقال دون تذمر أو كلل أو ملل، وعفاه من محنة الإختيار، ونقد الأفكار ليكون مثالاً للطاعة، فسخرتم منه وذكرتموه في أدبياتكم بالبلادة والنطاعة.

ألم يدرك ما لا تستطيعون رؤيته وإدراكه، فهو يرى الشيطان والجن، ولا ينصت للوسوسة، ولا تغريه المهيصة، ويسمع ما لا يقدر غيره على سمعه، ولا يأخد بالوشاية ولا يغضب ولا يغدر، ولا يشرب الخمر، ولا ينسب الأكاذيب، ولا يخفي صورته بالقناع والعباية، ويفضل التبن على التبر تقشفاً، ويرغب عن التبغ والمخدرات، وكل ما يغضب الله تزلفاً، وهو العاقل قوي الذاكرة الذي لا ينسى المعروف، والمحافظ على وثاق الوفاء بالفطرة دون المواثيق التي تكتب بحروف، ولا يتدخل فيما لا يعنيه ويسوقه إلى هلاكه. ألم يكن مطية الأنبياء، وزينة للوجهاء والفضلاء، ألم يكن مُلهم للشعراء، وبطل طرائف الأدباء، ألم يذكر ضمن الفلاسفة، وتحفل باسمه الآيات المقدسة والوصايا المؤلفة، ألم تسمى باسمه الأحزاب، واشتقت منه أعرق الحضارات.

أيها السادة أن لصاحبي الحمار دلو في المجد كبير، وله في الشهامة والكرامة باع، وهو من أقدم الدواب خلقاً، وأعظمهم خُلقاً، وفى الفصاحة له ألف ذراع، وأنصحكم تلبية دعوتي حتى لا تصابوا بعذابات الندم لفراقه، بالإضافة إلى قدحيلكم ولعنتي، وأرجوكم الإلتزام بالحضور، ومن ضاق وقته فليرسل كتابه وسوف أستقبله عن طريق الفيس أو التوتير، وباختصار عن طريق النت، وسوف أكون له مسرور.

وفور انتهاء جحا من كتابة الرسالة تلقى كثير من التعليقات وعشرات الموافقات، فمن رجال الدين أرسل أحبار اليهود وكبير قساوسة كنيسة داوود، والراغب بن جدعان ممثل اتحاد علماء السنة والقرآن، ومن الباحثين في الأدب قبل دعوة المهتمين بكتابات الجاحظ وابن المقفع ومن كان على شاكلتهما من اللذين أحبوا الحمار وضمنوه في كتباتهم على نحو أروع من عجم وعرب. ومن الساسة وافق أوباما من الأمريكان، وكذا بعض رجالات الأحزاب من الأسبان، ونفر من العراق وكردستان، ومن الفلاسفة تلاميذ زينون، وشراح أرسطو وأفلاطون، ومن أشهر الشعراء اللذين لبوا الدعوة بشار بن بُرد والشاعر الأسباني خوان رامون، ومن الأدباء المحدثين توفيق الحكيم، ونفر غير قليل نيابة عن الفلاحين والجزارين والحدوية والعربجية.

وخلاصة الكلام هتبقى حفلة في غاية التنظيم، والكلمات على ما أظن سوف تأتي قمة في الإحترام، وسوف نحذف منها ما لا يصح فيه الكلام. وسوف نوافيكم بالتفاصيل المنجمة خلال ليالي رمضان المكرمة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز