عاجل
الإثنين 23 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
فاطمة اليوسف.. "روز" الصحافة المصرية

فاطمة اليوسف.. "روز" الصحافة المصرية

بقلم : د. حسين ربيع

ستظل حالة استثنائية في تاريخ الصحافة المصرية، قال عنها مصطفى أمين: "إنها امرأة لها شجاعة بألف رجل"، شخصية متمردة، تنحاز للمبادئ لا للأشخاص، وربما كان ذلك سببًا رئيسيًا في صدامها مع حزب الوفد آنذاك، لم ترتضِ لنفسها الركون إلى الظل وممارسة الدور التقليدي للمرأة في عصرها، اقتحمت مجال الفن وبعده الصحافة، وكلاهما مجالان لم يكن من اليسير أن يمارسهما الرجل في بدايات القرن العشرين، فماذا لو كان صاحب قرار الدخول فيهما امرأة ومتى؟؟ في زمن لم يكن فيه عمل المرأة في أي مجال مستساغًا؟!!



لم تستسلم لحالتي اليُتم والغربة، بل جعلت منهما وقودًا للنجاح في رحلة رسمت معالمها لنفسها بوعي وعناية، أطلق عليها النقاد اسم "سارة برنار الشرق([1])" أو "رائدة الفن والصحافة" أو "غادة في بلاط صاحبة الجلالة"، إنها السيدة "فاطمة اليوسف" أو كما اشتهرت بـ"روز اليوسف"، في سيرتها ومسيرتها قدّمت مثالاً حيًا للكفاح والإصرار، وقدرةً عجيبة على المقاومة والصمود، دون يأس أو تراجع أو حتى التفات إلى قسوة الاضطهاد وشبح الإفلاس، لم تكن تعرف كيف تكتب، لكنها نجحت في كتابة سطور مضيئة في تاريخ الصحافة، وفرضت حضورًا بارزًا في تاريخ الحركة الوطنية والتعبير بصدق عن قضايا الوطن.

اعتزلت الفن بمحض إرادتها وتركت أداء أدوار يكتبها لها آخرون في المسرح، واتّجهت للصحافة لتؤدي دورًا تكتبه بنفسها ولنفسها، فبرعت في كتابته، وتركت وراءها مؤسسةً شاهدةً على عبقريّتها وتفرّدها حتى اليوم، سارت على خطى مصطفى كامل فقالت: "لو لم أكن سيدة لوددتُ أن أكون سيدة"، وكان شعارها فى الحياة مقولتها الدائمة: "كلّنا سنموت، لكن هناك فرق بين شخص يموت وينتهي، وشخص مثلي يموت ولكن يظل حيًا بسيرته وتاريخه"، وكما كانت متفرّدة في صفاتها، كانت متميزة في مشوار حياتها، إلى الحدّ الذي نجحت فيه أن تظلّ حيّة بسيرتها وتاريخها بعدما غيّبها الموت في 10 أبريل عام 1958م.

في السطور التالية نحاول تقديم نظرة بانورامية سريعة وموجزة لسيرة "روز اليوسف" الصحفية.  

اعتزال التمثيل وبداية مشوار الصحافة:

عملت الفنانة فاطمة اليوسف (روز اليوسف) بفرقة جورج أبيض وعملت مع يوسف وهبي فكانت بطلة فرقة رمسيس وتألقت عام 1923 في دور غادة الكاميليا، وبعد خلاف مع يوسف وهبي اعتزلت التمثيل واتجهت إلى الصحافة حيث أصدرت مجلة "روز اليوسف" كمجلة فنية أولاً ثم تحولت إلى سياسية في أكتوبر 1935، وقد وهبتها لخدمة قضايا الوطن فخاضت في سبيل ذلك معارك طاحنة ضد الملك والإنجليز.

مولد فكرة مجلة "روز اليوسف":

ولدت فكرة إصدار المجلة في محل "حلواني كسّاب" حيث كانت تجلس السيدة فاطمة اليوسف مع مجموعة من أصدقائها عندما جاء بائع الصحف بالعدد الجديد من مجلة "الحاوي"([2]) وأبدت الفنانة الكبيرة استياءها من الحملات الجائرة التي تشنّها هذه المجلة ضد الفن والفنانين ومن الأخبار المسيئة الكاذبة، سألت نفسها: إلى من يلجأ هؤلاء الفنانون ليردّوا عن أنفسهم طوفان التشويه المغرض والشائعات المشينة التي لا تتوقف؟ ليس لهم من لسانٍ يعبّر عنهم ويذود عن سمعتهم، وهنا نبتت في ذهنها فكرة إصدار مجلة تحقق هذا الهدف، حمايةً لأهل الفن من التشنيعات، وإنصافهم من الخصوم الذين لا يعرفون الموضوعية والاعتدال([3])، وولدت المجلة عبر تعاون وثيق بين السيدة فاطمة اليوسف والشاب الموهوب الصحفي محمد التابعي([4]) صاحب الأسلوب الفريد في تاريخ الصحافة المصرية.

صدر العدد  الأول من مجلة "روز اليوسف" يوم الاثنين 26 أكتوبر 1925، وكتبت افتتاحية أنهتها بكلمات دالّة تعبّر عن الرسالة التي تؤمن بها "وإذا وُفِّقت بهذه الصحيفة أن أكون قوة مهذبة، وأن أدخل اسم المسرح إلى كل أذن، وأن أبعث اسمه في كل دار، فقد أدّيت واجبًا وذا حسبي وسأسعى جهدي"، وكانت تقول عن مجلتها الوليدة: "حقيقة واقعة.. وكائنًا حيًا أحرص عليه، وأقسم على أن يعيش وينمو بأي ثمن".

كان المقرّ الأول للمجلة الوليدة هو المسكن الشخصي للسيدة فاطمة اليوسف في شارع جلال، وهي شقة مرتفعة في بيت يملكه أمير الشعراء أحمد شوقي، وكان على المشاركين في التحرير أن يصعدوا سُلّمًا من 95 درجة قبل الوصول إلى المقرّ([5]).

أنفقت "روز اليوسف" على العدد الأول كل ما تملك، وكان المتعهد لا يردّ ثمن بيع المجلة إلاّ بعد أن يتسلّم العدد التالي، وجاءت إليها فكرة توزيع اشتراكات؛ فمن الناس من كان يرفض الاشتراك في مجلة فنية، ومنهم من كان لا يصدّق أنها ستوالي الصدور، وكان من بين من عاون "روز" في توزيع الاشتراكات الدكتور محمد صلاح الدين، والممثل الكبير الأستاذ زكي رستم قبل اشتغاله بالفن، ودفعت الآنسة أم كلثوم اشتراكًا وأخذت بقية الاشتراكات لتقوم بتوزيعها على أصدقائها وتوالت الأعداد في الصدور([6]).

"روز اليوسف".. من الفن إلى السياسة:

كانت "فاطمة اليوسف" بطبيعتها سيدة نضال، وكانت مصر إذ ذاك– في النصف الثاني من عشرينيات القرن الماضي- منشغلة بالقضايا والصراعات السياسية، فلم يكن ممكنًا أن تبتعد المجلة عن معالجة ما يهتمّ به الناس وبخاصة على الصعيد السياسي، وكانت السنة الثالثة من حياة "روز اليوسف" مرحلة انتقال؛ فقد تحولت من الفن إلى السياسة، وتفاعلت مع المشاكل التي برزت بعد وفاة الزعيم سعد زغلول الذي ترك البلاد موحّدة الفكر والرأي، قبل أن ينتهي الائتلاف، ويقدِم الملك أحمد فؤاد على إقالة وزارة مصطفى النحاس، ليكلف أحد زعماء الأقلية– محمد محمود باشا- بتشكيل الوزارة([7]).

وإذا كانت القضايا الفنية لا تخلو من الصدام والمعارك، فإن الأمر مختلف في السياسة؛ ذلك أن الصراع العنيف والحروب الطاحنة بمثابة قوام العمل وخبزه اليومي([8])، ولأن "فاطمة اليوسف" عنيدة شجاعة لا تعرف المهادنة والمساومة، ولأنها تنتصر في حماس لما تراه حقًا وصوابًا دون تفكير في العواقب، فقد كان منطقيًا أن تعاني من الصعوبات المادية، وأن تدفع ثمنًا فادحًا لتأييد الوفد والهجوم على حكومات الأقلية والانقلاب الدستوري على عهدي محمد محمود وإسماعيل صدقي، وقد دافعت "روز اليوسف" عن الدستور والحرية بلا حدود، ولقيت رواجًا كبيرًا حتى أصبح الناس يتلهفون على يوم صدورها، ورغم الخسائر المادية الباهظة، إلاّ أن "فاطمة اليوسف" أصرّت على الاستمرار في القيام بالواجب وأداء الرسالة السياسية والمهنية دون تقصير([9]).

  تحمّلت "روز" الكثير من الصعاب حتى تستمر مجلتها وتتحول بأقلام من فيها إلى لسان للحرية، كانت تذهب إلى المجلة يوميًا سيرًا على الأقدام من الزيتون إلى سراي القبة لتستقلّ الأتوبيس الذي تصل به إلى المجلة.

وكانت مدرسة "روز اليوسف" الصحفية منذ ميلادها، معنى جديدًا في عالم الصحافة المصرية، وكانت تجسيدًا عمليًا للمتغيرات العميقة التي طرأت على حياة المصريين بعد ثورة 1919، نهضة في شتي المجالات، وتطلّع إلى الأسمى والأرقى، وطموح إلى اللحاق بركب الحضارة([10]).

"روز اليوسف" وحزب الوفد.. من الوفاق إلى الصدام:

تقاربت "فاطمة اليوسف" مع حزب الوفد الذي قام بضمّها إليه هي ومجلتها، وتعرّض حزب الوفد في تلك الفترة لحملة انتقادات عنيفة وأطلق عليه خصومه "حزب روز اليوسف" بدلاً من حزب الوفد، فقد كانت "فاطمة اليوسف" معجبة أشدّ الإعجاب بسعد زغلول، تنشر صورته في صدر مجلتها، وتذكره بالخصر وتسمّيه "الرئيس الجليل"، وقد بقيت على إيمانها بسعد إلى يوم وفاتها([11])، ويذهب الدكتور "إبراهيم عبده" في كتابه "روز اليوسف.. سيرة وصحيفة" إلى أن المجلة قد أخذت جانب الوفد منذ مات سعد، وولي الأمر من بعده مصطفى النحاس، الذي نشرت صورته ملء صفحتها الأولى في عددها المائة، وشغلت الجزء الخاص بالسياسة في الدعاية لزعيم الوفد الجديد.

وقفت "روز اليوسف" مع الوفد بلا تحفّظ، وكشفت تأييد غير محدود في مواجهة حكومة الأقلية التي فرضها الملك فؤاد، ولم تتوقف الحملات العنيفة ضد وزارة محمد محمود([12])، وعندما قفز إسماعيل صدقي إلى رئاسة الوزراء، لم يقنع بتعطيل الدستور، بل إنه صنع دستورًا جديدًا، واصطنع برلمانًا من مجلسين، يؤيده بلا حدود، وتفنّن العهد الجديد في التضييق على الصحافة وحريتها، ولقيت "روز اليوسف" من عنت العهد الجديد مثلما لقيت من سائر العهود([13])، إذ كانت لا تزال على رأس صحف الوفد، بل وأوسعها انتشارًا وأشدها نقدّا للوزارة، وقد التزمت المجلة وصاحبتها بالانتماء إلى الوفد منذ العام 1928م، وكان الالتزام نابعًا من الإيمان بالعقيدة الوطنية النضالية للحزب، وخاضت "روز اليوسف" معارك عنيفة ضد خصوم الوفد، وضد الوفديين المخالفين لسياسة النحاس المنشقّين عن قيادته.         

لكن هذه العلاقة الوطيدة لم تدم بين "فاطمة اليوسف" وحزب الوفد، حيث طرأت أسبابًا دفعت بالمجلة وصاحبتها إلى التمرد على الحزب؛ فعندما سقطت حكومة إسماعيل صدقي وجاءت حكومة جديدة برئاسة توفيق نسيم، وهى الحكومة التي استقبلها الوفد بترحيب حار ينمّ عن الإيمان بقدرتها على معالجة الأخطاء المتراكمة والتمهيد للحكم الشعبي الديمقراطي، لكن الشهور مضت ولم يحقق نسيم شيئًا ذا بال، ولذلك بدأت "روز اليوسف" تنتقد هذا الموقف من حكومة نسيم باشا، وطالبت بالدستور وتصحيح الأوضاع السياسية، وألحّت في ذلك إلحاحًا ملحوظًا نغّص على نسيم باشا حياته، وفزع إلى حُماته من رجال الوفد لكي يوقفوا حملة "روز اليوسف" التي تنطق بلسانهم، وتدخل الوفديون فعلاً لوقف تلك الحملات، أو إرجائها على أقل تقدير، غير أن "فاطمة اليوسف" لم تصغ للرغبة الوفدية، وكانت ترى أن الصالح العام يقتضي من صحافة الوفديين والصحافة الحرة أن تطالب الحكومة بما تطالبها هى به، حتى يستقيم الأمر ويشعر الشعب أنه واصل من فوره إلى غايته([14]).

اشتعل خلاف "روز اليوسف" وصاحبتها مع الوفد سياسيًا، بسبب تباين المواقف من حكومة نسيم باشا، ولم يخل الأمر من خصومات شخصية مع مكرم عبيد، سكرتير الوفد آنذاك والأقرب إلى قلب النحاس باشا، وأمام إصرار "روز اليوسف" على انتقاد رئيس الوزراء "نسيم باشا" ومطالبته بعودة دستور 1923 وإجراء انتخابات نزيهة، ما كان من الوفد إلاّ أن فصل "فاطمة اليوسف" ومجلتها من الحزب([15]).

بعد فصل "فاطمة اليوسف" من الوفد قامت مظاهرة تأييد لبيان النحاس باشا بفصلها وهتفوا ضدها، فتعجبت "فاطمة اليوسف كيف للرأي العام الذي كان يساندها ويدعمها في مهاجمة الإنجليز والمطالبة بالدستور أن يهتفوا ضدها بهذا الشكل فخرجت بمفردها تواجه المظاهرات وتتحدث مع أشد المتظاهرين عنفًا عن دورها وتاريخ العقاد فاستطاعت بذكائها وقوتها أن يتحول هتاف المتظاهرين إلى تأييد لها وللعقاد([16]).

أصبحت مجلة "روز اليوسف" بعد أن تحررت من الانتماء الحزبي، صحيفة مستقلة، مضت في استقلالها، ولم تحد قط عن هذا الخط المستقيم، لا يعني هذا أنها أصبحت بحيث لا تؤثر في مجريات الأحداث، أو تتأثر بالحوادث العامة، بل إنها سارت على غرار السنوات السابقة، تدلي بدلوها في كل كبيرة وصغيرة، لا ترحم مخطئًا، ولا تضنّ بالثناء على من يستحقّه، ولو كان من ألدّ خصومها، موليةً سياستها العامة نحو هدفين: أولهما مجاهدة الاستعمار وكشف مخازيه، وثانيهما السعي لتحقيق الأوضاع الدستورية الصحيحة، وإن ساء ذلك الملك وبطانته، وإن ترتّب على ذلك اضطهاد([17])، كما كان الثابت المستقرّ في سياستها التحريرية هو تجنّب الخوض في السير الشخصية ونهش الأعراض، وقد ظلّ هذا المنهج النبيل مميّزًا لها بلا توقّف([18]). 

من المجلة إلى الجريدة.. "روز" تواصل رحلة الإصرار:

بعد فصلها ومجلتها من حزب الوفد، لم تستسلم "فاطمة اليوسف" وأسست صحيفة روز اليوسف اليومية التي صدرت في 25 مارس عام 1935، وقد كان خلاف قد نشب في ذلك الوقت بين "محمد التابعي" و"روز اليوسف" كان نتيجته المباشرة هو خروج التابعي ومعه خيرة شباب مجلة روز اليوسف وهم: صاروخان، مصطفى وعلى أمين، وتعترف السيدة "روز اليوسف" في مذكراتها أن أسباب الخلاف كلها تفاهة، ولكن كان الانشقاق طبيعيًا وحتميًا لكي يسير كل واحد منهم في طريقه ويشقّ مستقبله([19])، ولأنها تعودت على الإصرار ومواجهة التحديات، كان قرارها هو إصدار هذه الجريدة اليومية حتى تثبت لنفسها أولاً وللآخرين ثانيًا أنها قادرة على أن تكمل المسيرة وحدها.

وذات صباح ذهبت السيدة "روز اليوسف" إلى إدارة المطبوعات لاستخراج رخصة الجريدة اليومية، وعندما اعترض بعض أصدقائها على هذا الاسم قالت: "إن اسمي قد أصبح اسمًا معروفًا، وحين أضعه على جريدة يومية سوف يغنيها عن حملة الإعلانات الضخمة التي ينبغي أن تقوم بها في حالة اختيار اسم آخر"([20])، ثم بدأت في رحلة البحث عن رئيس للتحرير، تقول: فكرت في الأستاذ فكرى أباظة([21]) وحين اتصلت به قال أنا عضو في الحزب الوطني ولا يمكن أن أصبح رئيسًا لتحرير جريدة ناطقة بلسان الوفد.

وبعد اعتذار فكرى قام بعض أصدقائها بترشيح الدكتور محمود عزمي([22]) لرئاسة تحرير الجريدة، وكان في ذلك الوقت من أهم كُتَّاب صحيفة "الجهاد" -صحيفة حزب الوفد- ووافق مقابل راتب شهري قدره ستون جنيهًا، إضافةً إلى خمسين قرشًا عن كل ألف نسخة توزع بعد العشرة آلاف نسخة الأولى.

وفي صباح يوم ٢٥ فبراير سنة ١٩٣٥م كانت جريدة "روز اليوسف" اليومية قد أصبحت حقيقة واقعية يتداول نسخها كل المصريين، وكانت أول جريدة يومية تحوي صفحات عن المرأة والطفل والفن والأدب بجانب التعليقات السياسية والاجتماعية وكذلك رسوم الكاريكاتير والصور، ومنذ العدد الأول حرصت السيدة "روز اليوسف" على أن تبدد شكوك حزب الوفد وزعيمه "مصطفى النحاس"([23]) في وفدية الجريدة، ولذلك اختارت "روز اليوسف" كلمة لمصطفى النحاس شعارًا للجريدة وهي "مَن كذب بالأمة أو داخله فيها الشكّ فليس منّا".

وكان الكاتب الكبير عباس محمود العقاد([24])- كاتب الوفد الأول- يكتب مقالاً افتتاحيًا كل يوم، ويعدّ صفحة أدبية كل أسبوع، واشترط أن يكون مرتبه ثمانين جنيهًا في الشهر، وأن يتقاضى مرتب أربعة شهور مقدمًا تُخصم من مرتبه بالتقسيط، واشترط بنصّ العقد أن تكون سياسة الجريدة وفدية.

كان انضمام كل من "عزمي" و"العقاد" بداية أزمة عنيفة بين حزب الوفد وروز اليوسف؛ فالنحاس باشا ومكرم عبيد كانا يشككان في هدف "روز اليوسف" من الجريدة، وأن سحبها لأهم المحررين في جريدة الجهاد أضعف الجريدة الوفدية، ورفضت بعض الصحف نشر إعلانات عن موعد صدور الجريدة، ورفضت "روز اليوسف" طلب مكرم عبيد بتغيير اسم الجريدة([25]).

يقول الدكتور إبراهيم عبده في كتابه "روز اليوسف.. سيرة وصحيفة": "جاءت روز اليوسف بصحيفتها اليومية تنافس الأهرام، وكان عمر الأهرام في ذلك الوقت ستين عاما، ثم جاءت تنافس "الجهاد" وهى جريدة يومية ولسان الوفد في ذلك الزمان، ويشهد مؤرخو الصحافة المصرية أن "روز اليوسف" اليومية سيطرت في أسابيع على سوق الصحف وأدخلت جديدًا في عالم الصحافة لم يكن معروفًا من قبل([26]).

وقد كان لنجاح صحيفة روز اليوسف أثرًا في نفس حزب الوفد الحاكم وقتذاك، وكذلك في نفس "الأهرام"، تقول فاطمة في مذكراتها: "كان لصدور الجريدة هزّة قوية في الصحف الأخرى، خصوصًا الأهرام، وانعكس ذلك في صورة تكذيبات متوالية متلاحقة تتعقّب بها أبناءنا، وساعدها في ذلك أننا كنّا الجريدة الوحيدة تقريبًا التي تهاجم الوزارة القائمة- وزارة توفيق نسيم- مما جعل الوزارة تشترك مع الصحف الأخرى في حملة تكذيبات.. وأذكر أن الدكتور عزمي كتب مقالاً عنيفًا يعلق به على هذه التكذيبات مهاجمًا الأهرام"([27]).

منذ اللحظة الأولى لصدور الجريدة واجهت العديد من المصاعب، لذلك لم تستمر سوى عام ونصف العام لظروف سياسية واقتصادية حاصرت المطبوعة الوليدة آنذاك، حيث وصل الأمر إلى رفض باعة الصحف بيعها بعد أزمة مؤسستها مع حزب الوفد فتراكمت الديون عليها وتعرضت لأزمة مالية خانقة([28]).

فبسبب ثباتها على المبدأ وإصرارها على الوقوف في صف الوطن، وجدت "روز اليوسف" السيدة والجريدة، أنها في عداوة وخصام مع الجميع، حكومة "نسيم باشا" وحزب الوفد على رأسه النحاس باشا ومكرم باشا، إضافة إلى الإنجليز، ولكنها لم تهتز؛ فقد كان الرأي العام يقف بجانبها ويؤيدها في تحدٍّ واضح للحكومة والوفد والإنجليز، وهو ما تعجبّت له فاطمة اليوسف؛ فكيف للرأي العام الذي كان يساندها ويدعمها في مهاجمة الإنجليز والمطالبة بالدستور أن يهتفوا ضدها بهذا الشكل، وكان ذلك عندما أعلن حزب الوفد الحرب على "روز اليوسف" بإرسال مظاهرة بأعداد كثيرة ضد السيدة وجريدتها، يهتفون بسقوط السيدة روزا، ويقذفون مكان الجريدة بالحجارة، وبينما يختبئ كتّاب الجريدة وصحفيوها، تنزل إليهم السيدة "روزا" بكل شجاعة لمواجهتهم، وعندما شاهدها المتظاهرون، صمتوا، وتحدثت مع زعيمهم شارحة سياستها الوطنية، ثم قالت: "إني أقف وحدي بلا سلاح ولا حرّاس، افتكوا بي إن أردتم، ودعوا هذه الدار للعاملين فيها يحملون الشعلة ويسيرون في طريقهم نحو الهدف الأسمى وهو الصالح العام لنا جميعًا"، وهنا انقلبت هتافات المتظاهرين من السخط على روز وجريدتها إلى الهتاف بحياتها، وابتعدت الجموع عن المكان.

ولكن مع اشتداد حدّة الحرب المعلنة من حزب الوفد على "روز اليوسف"، واعتداء أعضاء الوفد بالضرب على مَن يشتري الجريدة، وجمع أعداد الجريدة من بائعي الجرائد وحرقها، وبدأت الخسائر تزداد على الجريدة، لم تتحمل "فاطمة اليوسف" الخسائر المادية حتى بدأت تبيع مصاغها، وجاءت النهاية عندما نجح حزب الوفد فى الانتخابات وتولى "النحاس باشا" رئاسة الوزارة، وكان أول قرار اتخذه حزب الوفد عندما عاد إلى الوزارة من جديد هو إلغاء ترخيص صحيفة "روز اليوسف" اليومية بحجة أنها لا تصدر بانتظام، وعن قرار إلغاء ترخيص جريدتها اليومية تقول السيدة روز اليوسف: "كان عزائي الأكبر أنني لم أحكم عليها بالموت ولم أفكر في الوقوف بها يومًا عن الصدور، بل كان توقفها من الخارج، وبإرادة لا دخل لي بها".

"روز اليوسف" تفسح صفحاتها لثورة الشباب سنة 1935م

بينما استمرت "روز اليوسف" في مهاجمة توفيق نسيم لأنه يؤخر الدستور، ومهاجمة الوفد لأنه يهادن الوزارة والإنجليز، وقع حادثٌ أكد للجميع أن "روز اليوسف" على حق، ودفع كلّ مَن كانوا يقرأون حملات "روز اليوسف" كالمتفرجين إلى ميدان العمل والجهاد؛ فقد وقف السير صمويل وهو وزير الخارجية الإنجليزية في مجلس العموم يقول إن حكومته لا توافق على إعادة دستور 1923 في مصر، لأن العمل قد أثبت عدم صلاحيته للتطبيق، وكان هذا التصريح كافيًا ليؤكد ما سبق أن قالته "روز اليوسف" من إن التلكؤ في إعادة إصدار الدستور مؤامرة أحد أطرافها الإنجليز، وأن مهادنة الوفد لن تؤدي لإعادته بأي شكل.

ألقىَ هذا التصريح في نوفمبر سنة 1935م، أي بعد شهرين من إخراج "روز اليوسف" من الوفد بسبب حملتها على توفيق نسيم، فانفجرت مراحل السخط التي عبّأتها دعوة "روز اليوسف" في نفوس الشباب، وخرجت المظاهرات من الجامعة والمدارس تهتف بسقوط نسيم وبإعادة الدستور، وتصدى البوليس بقيادة الضباط الإنجليز للمتظاهرين فسقط أول شهيد، وكان عاملاً في سرادق الوفد يوم 13 نوفمبر، وبعده توالى سقوط شهداء الجامعة، وسرق الطلبة جثث شهدائهم من مشرحة قصر العيني رغم الحصار المضروب عليه ليشيعوا جنازاتهم في احتفالات رهيبة.

وباتت الدعوة إلى إسقاط نسيم وإعادة الدستور بعد أن روتها دماء الشباب صيحة على كل فمّ وخفقة كل قلب، وأفسحت "روز اليوسف" صفحاتها لهذه الثورة الشعبية التي أعادت إلى الأذهان ذكرى أيام ثورة 1919م، وأصدرت الأحزاب بيانات باستنكار تصريح الوزير الإنجليزي، وضرب الشباب بالرصاص، وتبلورت الدعوة إلى ضرورة ائتلاف الزعماء جميعًا في جبهة وطنية واحدة تطالب بإعادة الدستور وتواجه الإنجليز صفًا واحدًا، وحمل الشباب عبء هذه الدعوة قبل الزعماء، بل إنهم أرغموا الزعماء على الائتلاف إرغامًا، وتحقق ما دعت إليه "روز اليوسف" من وحدة، وما احتملت من أجله الشتائم والاتهامات والرجم بالطوب، حيث أقلع الوفد عن مهادنة نسيم، واتحد الزعماء في جبهة وطنية، ولم تستطع وزارة نسيم أن تصمد أكثر من ذلك فسقطت([29]). 

وكتبت "روز اليوسف" اليومية بهذه المناسبة تقول: "إذا كنّا ممّن لا يبيحون لأنفسهم التغنّي بما لهم من مواقف في الحركة الوطنية، فإننا لا نستطيع أن نمنع أنفسنا اليوم من تسجيل النصيب المتواضع الذي كان لهذه الصحيفة التي لم يكتمل بعد العام الأول من حياتها، من الجهود التي بُذلت في سبيل القضاء على الوزارة النسيمية، وإذا نحن اغتبطنا اليوم بهذه النتيجة الأولى التي وصلت إليها جهود هذه الصحيفة، وتُوّجت بها آراء كتّابها، فإنما نريد أن نذكر في الوقت ذاته جهود أولئك الشبان الذين وقفوا إلى جانب هذه الصحيفة، وعملوا أطهارًا مضحّين على تحقيق ما نادت به من مبادئ، وما أذاعته من آراء، أما هذه الجريدة المغتبطة بما وصل إليه جهادها، فإن التوفيق الذي أصابته بإسقاط وزارة نسيم، وبالعمل على توحيد الجبهة المصرية سيضاعف همّتها ونشاطها، ويدفع بها واثقة فيما ارتسمته لنفسها من خطة لا تعرف فيها غير مصلحة مصر، ولا تنزل فيها إلاّ عند اعتبار الوطن"([30]).      

روز اليوسف وراء القضبان بسبب دفاعها عن الحرية:

بعد إلغاء حكومة الوفد لترخيص جريدة "روز اليوسف" اليومية، اهتمت السيدة "فاطمة اليوسف" بمجلتها واستمر حزب الوفد باستفزازها، فكان يرسل وكيلاً من النيابة للتفتيش في المكان، وقد استفزها أحدهم فلم تملك نفسها من الاصطدام به، وكان بلاغه عنها أنها تعدّت عليه أثناء تأدية وظيفته، وهذه تهمة خطيرة في قانون العقوبات، فأمر أحد الجنود أن يحملها في "اللوري" ويودعها النيابة، فلتت أعصابها واصطدمت به مرة أخرى، وأن من حقه أن يستدعيها للنيابة لكن ليس من حقّه أن يتصرف هكذا، وقد ذهبت فعلاً بمفردها إلى رئيس النيابة، ودام التحقيق معها ساعات طويلة، إلى أن قال لها: "يا ست فاطمة.. أنا متأسف إني حاحبسك"([31]).

قضت "فاطمة اليوسف" ساعات كئيبة في سجن مصر، وشنّت الصحف المصرية والأجنبية وقتها حملات عنيفة على الحكومة لسجن سيدة صحفية، ووجدت الحكومة تحت ضغط أدبي قوي يدعوها إلى الإفراج عنها، وتنازل وكيل النيابة صاحب الشكوى عن شكواه.

وقد كانت قيادة الوفد غير راضية عن "روز اليوسف"، ولأن الحكومة كانت ساخطة فأخذت تعدّ التشريعات لتخمد أصوات الرأي وتفرض قيودًا وتجعل كل من ينتقد الحكومة جريمة تستوجب السجن وإغلاق الجريدة وتشريد محرّريها، ونفذ ذلك بالفعل على الكاتب محمد التابعي حين كتب مقالاً ضد وزير العدل وحكم عليه بالسجن أربعة شهور.

كما خاضت "روز اليوسف" معارك تتصل بحرية الرأي وحرية الصحافة، مما جعل الحكومة تنظّم العلاقة بين الصحافة والحكومة، وتضع الصحافة تحت المراقبة وتفرض القيود وتوقع العقوبات على الصحف والصحفيين تحت بند جرائم نشر، وتقوم بإرسال إنذارات للصحف.

فالجريدة اليومية لم تستمر سوى العام وبضعة أشهر، ولكنها أثبتت عن حق كيف يكون للصحافة دورٌ في محاربة الاستبداد الملكي والحزبي والفكري، وضربت مثالاً حيًا في كيف تكون الجرائد الموالية للحزب؛ فعلى الرغم من تأييدها لحزب الوفد، إلاّ أنها لم تكن بوقًا له، حيث عارضته وأصبحت صداعًا لا ينتهي في رأسه، كما كانت صداعًا مزمنًا في رأس الملك فؤاد، ورأس المندوب السامي البريطاني حاكم مصر الحقيقي في تلك الأيام([32]).

وإذا كانت الصحف المصرية جميعًا قد عانت من رقابة الإنجليز، في سنوات الحرب العالمية الثانية، فإن "روز اليوسف" قد لاقت من العنف والإرهاب أكثر مما لقيته الصحف الأخرى، وعلى الرغم من ذلك، فإنها تفوقت في طرائق التعبير، ونجحت في كشف المجهول بلباقة عَزّت على سائر الصحف، سواء اتصل ذلك بأخبار الحكومة، أو بالمقالات التي تكشف سطوة وسلطان الإنجليز، إذا عزّ التصريح المباشر، وفرضت الرقابة قيودًا تكبّل حرية التعبير، فإن البديل الوحيد هو التفوق المهني والقدرة على الابتكار والتحايل([33])، ولم تعرف المجلة الرائدة لغة المهادنة وانحازت دائمًا إلى الشعب وقضاياه المصيرية، وكانت أعدادها في السنتين الأخيرتين قبل ثورة يوليو، بمثابة اللوحة المتكاملة عن المناخ الذي قامت بسببه الثورة، التي أيّدتها "روز اليوسف" بلا حدود، واصطدمت معها دفاعًا عن قضية الحرية([34]).    

روز اليوسف تعدّ أجيالاً من الصحفيين:

طفولتها الفقيرة البائسة لم تترك لها حرية الاختيار لكي تحصل على قسط وافر من التعليم، فنشأت الفنانة والصحفية "فاطمة اليوسف" أميّة لا تجيد القراءة أو الكتابة، وبالرغم من أنها لم تحمل شهادة مدرسية ولا مؤهلاً علميًا، إلاّ أنها خرّجت أجيالاً من الكتاب السياسيين ومن الصحفيين الذين بدأوا خطواتهم الأولى في مجلة "روز اليوسف"، حيث كان يكتب فيها ويحرّرها نجوم الصحافة من الدكتور محمود عزمي إلى كاتب الوفد الأول عباس محمود العقاد، وأمير الصحافة محمد التابعي، وعلى صفحاتها رحّبت بكتابات شباب أصبحوا نجومًا فيما بعد أمثال كامل الشناوي وأحمد كامل مرسي ونجيب محفوظ ومأمون الشناوي وسيد قطب، وصلاح حافظ، ويوسف إدريس، وصلاح جاهين، والأخوين مصطفى وعلي أمين، وسعيد عبده الشاعر والزجال، والرسام صاروخان، وغيرهم.

ظلّت "روز اليوسف" مدرسة تلمع فيها الأقلام الشابة، وتتخرج فيها الوجوه الناجحة، تقول "فاطمة اليوسف" في ذكرياتها([35]): ".. وحين أفكر في السبب الذي أضفى على "روز اليوسف" هذه الصفة البارزة، لا أجد سببًا أقوى من: الحرية، الحرية التي كانت "روز اليوسف" تعالج بها المسائل العامة، والحرية التي كانت تعطيها لمحرريها، فهذه الحرية هي التي جعلت أغلب الأقلام الشابة المتحررة تسعى إليها، وتبرز فيها".

ولم تكن روز اليوسف رائدة في الصحافة والفن فقط ولكنها كانت قائداً نشطاً في الحركة النسائية الناهضة آنذاك، حيث حفزت السيدات على أن يعملوا في أي مجال للمشاركة في النهوض بالمستوى المادي لأسرهم وهذا هو السبب وراء توظيفها لكثير من البنات في مجلتها.

كانت "روز اليوسف" تواجه الإجراءات التعسفية ضد مجلتها بالتحدي والإصرار؛ فكلما عطّلت الوزارة المجلة، أصدرت مجلة أخرى باسم جديد، ومن هذه الإصدارات "الرقيب- صدي الحق- الشرق الأدنى- مصر حرة"، كما أصدرت مجلة صباح الخير([36]) عام 1956م، التي كانت رمزًا للقلوب الشابة والعقول المتحررة كما كان يقول شعارها، وكانت بمثابة جامعة تخرج فيها أكثر نجوم الصحافة في العصر الحديث.

مثّلت "صباح الخير" الشقيقة الصغرى لمجلة "روز اليوسف"، وبها اكتملت منظومة المؤسسة التي بدأت في محلّ "حلواني كسّاب" بفكرة للسيدة "فاطمة اليوسف" تدافع بها عن قضايا تؤمن بها، وتدافع ببسالة عن قيم التقدم والتنوير والعقلانية، وواجهت الصعاب وتحدّت المعوقات في سبيل فكرة آمنت بها إلى أن تحوّلت إلى صرح شامخ يمثل إضافة بارزة في حياة الصحافة المصرية، وشاهد عيان على حياة الوطن ومعبرة بصدق عن قضاياه ومشاكله، ودليلاً عمليًا على صلابة "فاطمة اليوسف" وقوتها، فلم تستسلم يومًا أو تتراجع عن مبدئها إيثارًا للسلامة، أو تحقيقًا لمكاسب شخصية ولو على حساب الوطن، فضربت أروع مثالٍ على الإيمان بالرسالة السامية والقدرة على التحدي والإرادة الصلبة في مواجهة الصعاب، فكانت النتيجة محسومة تاريخيًا لصالحها؛ حيث يشهد تاريخ الصحافة بمواقف وطنية مشرفة لمجلة "روز اليوسف" وصاحبتها التي جعلت صفحاتها ميدانًا لأصحاب الأقلام الحرة، بما يبرهن على صواب الاختيار عندما قررت الانحياز للمبادئ لا للأشخاص.

أحداث ومواقف وأزمات ومصادرات وغرامات مالية، ومعارك قادتها "فاطمة اليوسف" بكل بسالة، واستطاعت أن تحقق انتصارات سجلها لها التاريخ، ولا نجد ما نختم به سيرة "روز" الصحافة المصرية السيدة "فاطمة اليوسف" أبلغ من وصف الكاتب الكبير مصطفى أمين لها حين قال عنها إنها: "امرأة كانت لها شجاعة ألف رجل إذا أقدمت لا تخاف، وإذا حاربت استمرت في المعركة حتى ولو سقطت على الأرض لا تعرف المهادنة، وتكره التراجع، وتمقت الفرار، لا تحتمل أن يمسّ أحد جريدتها أو يقف في طريقها، وكانت تنفجر فيه كالنمرة، وكان الوزراء يحسبون حسابًا لثورتها، والصحفيون يحسبون حسابًا لغضبها، حيث جاءت كل المجلات التي أصدرتها السيدة "روز اليوسف" ومنها الجريدة اليومية لتكون نسخة من العناد والكبرياء والثورية".

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز