عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الشباب واستلهام القدوة

الشباب واستلهام القدوة

بقلم : د. هويدا مصطفي

لماذا الحديث دائمًا عن القدوة عندما نوجه الخطاب إلى الشباب؟ وكيف يمكن أن نحرك القدوة في تثقيف المجتمع؟ ما حاجتنا إلى القدوة التي تمنح الناس الإحساس بواقعية القيمة، فلا تجعلها أمرًا مجردًا يعيش في دائرة الأفكار والنظريات؟ وكيف يمكن أن نستلهم من تاريخنا النماذج والقدوة؟ ما حاجتنا إلى اتساع نطاق القدوة لتشمل القيم والأفكار والجماعات بجانب الفردية والنموذج الإنساني المجسد؟ وكيف نبرز مسيرة المرأة التاريخية التي قدمت فيها نماذج معاصرة في الفن والثقافة والإبداع والعلم والصحافة والإعلام، وشتى مجالات الحياة، ولكنها لم تلق القدر الملائم من الاهتمام والتركيز؟



تساؤلات كثيرة تؤكد إجاباتها أننا نحتاج اليوم، وربما أكثر من أي وقت مضى، إلى بعض النماذج الحية من تاريخنا الحديث والمعاصر، حتى نؤصل فكرة القدوة في الوعي من خلال عرض التجربة والنموذج، فالتجربة الحية تبرز الفكرة والقيمة أمام الشباب، وهي تتجسد من خلال واقع حي ملموس يتمثل في سيرة ومسيرة بها الكثير من المواقف والأفكار والاتجاهات التي نتعلم منها الكثير.

وربما ليس خافيًا أن شباب اليوم يتأثرون كثيرًا بالقدوة والنموذج الذي يتم تقديمه وإبرازه في المجتمع من خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وفي مقدمتها وسائل الإعلام.. التقليدية والحديثة، بالإضافة إلى المؤسسة التعليمية والمؤسسات الثقافية، وغيرها، وهو ما يتطلب تقديم النماذج الجيدة والقدوة الحسنة أمامهم حتى يتمثلون بحياتهم في بناء المجتمع وتحقيق نهضته.

في هذا الإطار ونحن نستعد لتخريج دفعة جديدة من طلاب المعهد الدولي العالي للإعلام بالشروق، هي الدفعة الرابعة في تاريخ المعهد، بأقسامه الثلاثة: الإنتاج الإخباري والإنتاج الإعلامي والتسويق الإعلامي، وتخصصاته المختلفة التي تجمع بين الصحافة والإذاعة والتليفزيون والعلاقات العامة والإعلان، فقد وقع الاختيار على أن تحمل هذه الدفعة اسم الكاتبة الصحفية الشهيرة فاطمة اليوسف، التي عاشت بين عامي 1898م و1958م، واشتهرت في الأوساط الفنية والصحفية باسم السيدة (روز اليوسف)، حيث يأتي تميزها من خلال نجاحها في تأسيس مؤسسة صحفية عملاقة، بدأت بإصدار مجلتها الشهيرة والتي تحمل اسمها في عام 1925م، ولازالت توالي الصدور أسبوعيًا إلى اليوم، بل ويصدر عن المؤسسة عدة إصدارات أخرى منها مجلة (صباح الخير) و(الكتاب الذهبي)، كإصدارات صحفية متميزة لها دورها التنويري والثقافي والفكري، وقد احتفت المؤسسة مؤخرًا بمرور تسعين عامًا على صدور مجلة (روز اليوسف) واستمرارها في العطاء على مدى كل تلك السنوات.

إن السيدة فاطمة اليوسف تُعتبر وبصدق قدوة طيبة أمام جيل من الإعلاميين يستعد لبدء الحياة العملية والمهنية في مؤسسات الإعلام المختلفة، فقد أثبتت قدرة المرأة على العمل والنجاح في مجال الصحافة والإعلام، بل والانطلاق من مجلة أسبوعية، عانت كثيرًا في مسيرتها، إلى مؤسسة صحفية كبرى لها العديد من الإصدارات، وبها عدد غير قليل من الصحفيين والصحفيات يعملون في مدرسة صحفية تخرج فيها الكثيرون من نجوم الصحافة والإعلام.

ومن منطلق حفاوتنا بالسيدة فاطمة (روز) اليوسف فإن جريدة (الشروق نيوز) تحتفي بها في إحدى صفحاتها، كما يصدر عدد خاص عنها من دورية (كراسات صحفية)، يتناول حياتها ومسيرتها الفنية والصحفية، أعده الزملاء بقسم الإنتاج الإخباري.

إنني أردد هنا ما سبق وأن قالته السيدة فاطمة اليوسف إلى ابنها إحسان عبد القدوس عندما تولى رئاسة تحرير المجلة، منذ سنوات بعيدة، حيث قالت له:

"مهما كبرت، ونالك من شهرة، لا تدع الغرور يدخل نفسك, فالغرور قاتل.. وكلما ازددت علمًا وشهرة, فتأكد أنك لازلت في حاجة إلى علم وشهرة.. وحافظ على صحتك، فبغير الصحة لن تكون شيئًا.. ومهما تقدمت بك السن, فلا تدع الشيخوخة تطغى على تفكيرك، بل كن دائمًا شاب الذهن والقلب، وتعلق حتى آخر أيامك بحماسة الشباب.. حارب الظلم أينما كان وكن مع الضعيف على القوي ولا تسأل عن الثمن.. حاسب ضميرك قبل أن تحاسب جيبك.. ولعلك فهمت.. كن قنوعًا.. ففي القناعة راحة من الحسد والغيرة.. قلمك ليس ملكًا لك يا إحسان... إنه ملك القارئ.. إذا أردت أن تكون كما أريد لك فاذكر دائمًا أنك لا تكتب لنفسك ولا تنطق عن هواك.. بل تكتب للناس.. الذين هم أصحاب الحق الأول في كل حرف تنشره.. فلا تفرط فيما لا تملك وتهبه لمن ترى".

كلمات يستلهم منها أبناؤنا قيمًا ومعاني عديدة وهم في بداية مشوارهم المهني.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز