عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أهل الاعراف فى مصر

أهل الاعراف فى مصر

بقلم : محمد دويدار

كنا صغارا حين كان رمضان يأتينا صيفا محملا بالبهجه والمتعه والبساطه .. لم تكن الحياه معقده كما هو حالها الان ..لم نكن نحمل فى صدورنا هما ولا احزانا ..كانت الضحكه تخرج من قلوبنا لا افواهنا .. كنا صغارا وكانت احلامنا صغيره وكان الكون حولنا صغير جدا وبسيط او هكذا كنا نراه .. 
فى الثمانينات من القرن المنقضى كان رمضان يأتينا بكل ما هو بسيط وجميل ومستصاغ ونتذكر اعلاناته الخفيفه على قلب المشاهد وعلى جيبه ايضا فـأقرانى بالتأكيد يتذكرون مثلى اعلانات جيلى كولا رسمة ازازة  وشيكولاته جيرسى واكله الجو ومامتى وخالتى وطنطى حريفة لبان هارتى وبنبون سيما وسر شويبس والشمعدان زى مابتحبه بيحبك كمان وكمان وربما كان اكثر تلك الاعلانات عنصريه اعلان كوتشى اميجو اللى بينور حيث كان موجه للطبقه الثريه او الفوق متوسطه لان سعره كان يصل لحوالى عشرين جنيها مصريا (اى ما يعادل ثلاثون دولار أخضر) "اه والله " مش غلطه مطبعيه  !



 

بالطبع لم تكن تلك المقدمه النوستاليجيه من باب الحنين للماضى و الحسره عليه ولا للتنكيد على سيادتكم وتذكيركم بالذى مضى ولكن ولأنى منذ بدأ الشهر الفضيل اعانى بشدة من اكتئاب حاد وشعور بعجز كلى يزداد حدته وتتضاعف وتيرته كلما شاهدت تلك الاعلانات الطبقيه جدا والتى تتحدث كلها عن مجتمع من الاثرياء ..لا بل من المليونيرات _ وحتى هذا المصطلح لا يليق ابدا حاليا_ انهم يخاطبون مجتمع من المليارديرات .. نعم مجتمعهم هذا به شعب اخر ..شعب لا يعانى من اى مشاكل على الاطلاق .. مصر التى فى الاعلانات شعبها يتسابق لشراء فيلا بماونتن فيو سعرها عشرين مليون .. شعبها يقضى الصيف فى شاليه بسيدى عبدالرحمن بينما الشتاء فى لمنتجع بلو بلو فى السخنه ..شعبها اخيرا وجد ضالته ووصل الى حل اعظم مشاكله المتمثل فى فيلا ب 3 جناين   !!  ..

وعلى النقيض ولأجل اكتمال اعراض الشيزوفرينيا عند هذا الشعب تتحفنا الحكومه بحملة اعلانيه توعويه بقيادة الظاهره " بيومى فؤاد " تطالبنا فيها نحن المبذرين من ابناء الشعب المطحون بتوفير الطاقه وتحاول اقناعنا بأن "اللمبة الألاووظ " المنوره نهارا هى السبب فى وصول سعر القميص ل 600 جنيه .. ولا ادرى هل اضحك ام ابكى فهذا هو الهم المضحك حين تجد اعلانات توفير الطاقه مثبته على عمدان كهرباء مضاءه نهارا.. !!

 

ليس حقدا ولا حسدا ولكنه فقط تسليط الضوء على ظاهره خطيره بدأت تنتشر وتتوغل بشده فى مجتمع يعيش اغلب مواطنيه على خط الفقر او تحته بقليل او فى رحاب الفقر ذاته بينما يطفو على سطحه فئه اخرى تتزايد عددا وثروه ونفوذا وتأثيرا .. وفى ظل تلك التركيبه السكانيه الجديده بدأت رويدا رويدا تندثر تلك الطبقه المسماه بالطبقه الوسطى والتى كنت ومعى الكثير من سيادتكم ننتمى اليها حتى وقتٍ ليس بالبعيد والتى ما عاد لها وجود الان "الا قليلا" .. فكل من كانوا محسوبين على هذه الطبقه يتم توزيعهم الان وبشكل تلقائى على الطبقات الاخرى سواء الثريه والاكثر ثراءا او الفقيره والاكثر فقرا أما أولئك المتمسكون بوسطية طبقتهم فهؤلاء صاروا اشبه بأهل الاعراف فى الارض كلما صرفت ابصارهم تلقاء الطبقه الثريه يدعون ربهم ان يكونوا معهم وما ان ينظرون الى مأساة الفقراء فى هذا الوطن يستعيذون بالله ان يصيروا منهم ..عسى الله ان يرحمنا واياهم من ذل العزيز ووحشة الأغتراب على ارض الوطن ...

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز