عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
تعديل الدستور أشرف من "ترقيع" الموازنة

تعديل الدستور أشرف من "ترقيع" الموازنة

بقلم : حمدى مبارز

 بحثت كثيرا عن وصف لما يحدث حاليا من محاولات واجتهادات فى مجلس النواب وبالتشاور مع الحكومة ، من أجل إبعاد شبهة عدم الدستورية عن الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2016-2017 . وبصراحة لم أجد سوى وصف " الترقيع " لما يجرى ويتم من افتكاسات وتخريجات غير مقنعة على الإطلاق .



 

فالدستور ألزم الدولة فى مواده 18 و19 و21 و23 بأن تخصص نسب محددة من الناتج القومى الإجمالى للإنفاق على قطاعة الصحة والتعليم ، وحددت المادة 238 من الدستور، العام المالى 2016-2017 ليكون بداية تطبيق هذه النسب والتى حددت بـ 3% للصحة و4% للتعليم ما قبل الجامعى و2% للتعليم الجامعى و1% للبحث العلمى .

 

ومنذ أن دخلت الموازنة فى موعدها المحدد دستورا إلى مجلس النواب قبل الأول من ابريل ، بدأ الحديث عن عدم دستورية الموازنة وتبنى ذلك الدكتور حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة ، حيث حرص فى كل مناسبة على التأكيد بأن هناك مأزق دستورى نظرا لعدم وفاء الحكومة بالاستحقاق الدستورى فى مشروع الموزنة ، فيما يخص نسب الإنفاق على الصحة والتعليم. وتزايد الجدل وكثرت الفتاوى ، ومع بدء مناقشة مشروع الموازنة فى اللجان النوعية للمجلس كل فى اختصاصه ، كان حديث الساعة هل الموازنة دستورية أم لا.

 

وعقدت لجنة الخطة أكثر من اجتماع حضره وزيرا المالية والتخطيط ، وعندما كان يسأل الدكتور حسين عيسى ، عما سيتم للوفاء بالاستحقاقات الدستورية فى الانفاق على الصحة والتعليم ، كان يرد أن هناك مشاورات ومناقشات مستمرة مع الحكومة من جهة ، ومع فقهاء الدستور والقانون فى المجلس وعلى رأسهم الدكتور على عبدالعال رئيس المجلس والمستشار مجدى العجاتى وزير الشئون القانونية والنيابية ، والمستشار بهاء أبو شقة رئيس اللجنة التشريعية والمستشار محمود فوزى مستشار رئيس المجلس .

 

ومع قرب الإنتهاء من إعداد التقرير النهائى للجنة الذى يشمل توصياتها وملاحظاتها وكذلك توصيات اللجان النوعية الـ 24، تمهيدا لعرضه على جلسات المجلس العامة، خرج علينا الدكتور حسين عيسى بالتوليفة والتخريجة التى انتهى إليها رأى جهابزة الدستور والقانون فى المجلس ، وليته ما خرج بها.

 

فقد جاء فى تقرير لجنة الخطة الذ يناقشه المجلس حاليا ، أنه تم الوفاء بالاستحقاقات الدستورية فى الانفاق على الصحة والتعليم ، حيث تم زيادة الانفاق على التعليم العام ليصل الى 136 مليار جنيه والتعليم الجامعى الى 55 مليار جنيه والبحث العلمى إلى 22 مليار جنيه والصحة إلى 85 مليار جنيه. والفضيحة ليست فى الأرقام .. ولكن فى الأساس الذى تم تحديد النسب عليه ، ومن أين جاءت الزيادة فى المخصصات .

 

فقد تفتق الذهن فى البداية ، ليقول أن الناتج القومى الإجمالى الوارد فى الدستور غير معروف ولم يحسب فى مصر منذ سنوات ولم يرد فى الموازنة، وبالتالى يتم الحساب على الناتج المحلى الإجمالى .. هذه أول تخريجة تخالف نص الدستور.

 

ثم تفتق الذهن مرة أخرى ليقول أنه لا يمكن الحساب على الناتج المحلى الإجمالى الوارد فى مشروع موازنة 2016-2017 والمقدر بـ 3,2 تريليون جنيه باعتباره مستهدفا وليس فعليا ويصعب القياس عليه ، وتعبقرت العقلية لتختار الناتج المحلى الإجمالى المحقق فى عام 2015-2016 للقياس والحساب عليه وهو 2,7 تريليون جنيه ، وهو أمر غير مقنع لأن المخصصات لعام قادم إذا تحسب على ناتج العام القادم كما نص الدستور .

 

الأمر الأكثر سخرية وغرابة ، أن يتم ضم الأعتمادات المخصصة لمشروعات الصرف الصحى إلى مخصصات الصحة حتى يزيد الرقم من 48 مليار الى 85 مليار جنيه ، وأن يتم تحميل جزء من الدين العام مرتبط بالصحة او التعليم على مخصصات الصحة والتعليم حتى يزيد الرقم وكأننا نرقع فى جلباب قديم ، وهو أمر مثير للدهشة ، وكأن الحكومة تضحك على نفسها وتضحك على الشعب .

 

المشرع يا سادة عندما حدد نسب فى الدستور كحد أدنى للانفاق على الصحة والتعليم ، لم يكن يقصد تستيف أرقام ، بل كان يقصد انفاق فعلى لتحسين مستوى الصحة والتعليم . كان أشرف للحكومة والبرلمان .. أن يعترفا أن هناك مأزق بدلا من التحايل والالتفاف بطرق بدائية مكشوفة ، مثل موضوع الصرف الصحى واعتباره انفاق على الصحة ... كما أنه من الأفضل الميل لتعديل الدستور ، على الأقل استبدال مصطلح الناتج القومى بالناتج المحلى ، بدلا من كل هذه التخريجات التى رفضها العديد من ممثلى الأحزاب والنواب فى البرلمان وسخر منها البعض ، وهناك من وصفها بالتدليس أو النصب أو الترقيع.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز