عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
إنقلاب تركيا

إنقلاب تركيا

بقلم : محمد رزق
حبس العالم أنفاسه ليلة كاملة يوم الجمعة الماضيه حتى فجر السبت متابعا زلازل تركيا العنيف الانقلاب العسكرى الذى قادته مجموعه من عناصر وسطى فى الجيش التركى وشارك فيه عدد غير قليل من افرع القوات المسلحة التركيه على إختلافا أسلحتها وتشكيلاتها تطورات دراماتيكيه لم يكن يتوقعها أحد فى تركيا وصلت ذروتها عندما اذيع بيان للجيش التركى عبر التليفزيون الرسمى  trt معلنا فيه سيطرته على مقاليد الحكم فى البلاد ومعلنا حظر التجوال وفرض الاحكام العرفيه مع التزامه بالمواثيق والمعاهدات الدوليه تبعها انفجرات عنيفيه وقصف لمبنى البرلمان التركى ومبنى المخابرات العامه فى أسطنبول وتحليق كثيف لطائرات  f 16الحربيه.

بعدها بدقائق معدوده يظهرالرئيس التركى رجب طيب أردوغان عبرتطيبق سكايب على هاتف محمول مع إحدى القنوات الخاصة التركيه يندد بالاحداث ويصفها بالانقلاب ويدعو الشعب التركى الى النزول للشوارع والميادين دفاعا عن الشرعيه ويطالب فيه دول العالم بالوقوف الى جانب الحكومة المنتخبة والشرعيه.

عند هذه اللحظة بدا أردوغان وكأنه قد إنتهى فلحظة الضعف كانت واضحة ولحظة الانهيار كانت هى السائدة كل ذلك والعالم يترقب ما يحدث دون خروج اى تصريحات علنيه تذكر اللهم الا دعوات للتهدئه وتجنب العنف والحفاظ على القانون والدستور  تتسارع وتيرة الاحداث وتنتشر اليات الجيش فى عدد من ميادين العاصمة بعدها تخرج عدد من المظاهرات المؤيدة للانقلاب وأخرى معارضه ثم يصل أردوغان الى مطار أتاتورك ويلتف حوله عدد من أنصاره عند هذه اللحظة بدأت الموازين تنقلب من جديد  وبدا أردوغان وكأنه قد إستوعب الضربه وأمتصها وبدأ يتعامل معها ويستعيد زمام السلطة من جديد ساعده فى ذلك تصريحات خرجت من البيت الابيض والخارجيه الامريكيه تساند فيه الحكومة المنتخبه فى تركيا صاحب ذلك نزول عدد كبير من الجماهير التركيه منددين بالانقلاب واندلعت الاشتباك مع الجنود فى الشوارع ثم تبعها إستسلام لبعض من الجنود وتسليم إنفسهم لعناصر من الشرطة والجماهيرتزامن ذلك مع  عودة البث للتليفزيون الرسمى مع إعتذار المذيعه عن بيان الجيش الذى أجبرت على إذاعته تحت تهديد السلاح عند هذه اللحظة حسم الامر وفشل الانقلاب وبدات عمليات الدهم والتوقيف والانتقام من المشاركين فى فيه استمر هذا المشهد الدراماتيكى قرابة الخمس ساعات.

هذه الساعات الخمس كانت كفيلة بتغيير وجه تركيا فما قبل الخمس ساعات من تاريخ تركيا لا يمكن أن يكون مثل ما بعدها تركيا الدولة باتت هى الخاسر الاكبر من هذه العملية التى بدات بنجاح لكنها إنتهت بفشل ذريع فالجيش التركى بعد تلك العملية وضع فى دائرة التامر والارهاب والخيانه والانقلاب على الديمقراطية والشرعيه من وجهة نظر أردوغان ونظامه لذلك كانت العمليات الانتقامية التى لم يشهد لها التاريخ مثيلا فى تركيا على أشدها فمشاهد اذلال المؤسسة العسكريه كان صادما وحجم الانتقام والتمثيل بالجنود والجنرالات كانت مفزعا وحجم الموقفين والمعتقلين سواء من الجيش او القضاء أو الشرطة كان رهيبا ومعبرا عن نية مبيته لتطهير الجيش والقضاء ممن أسماهم أردوغان بالخونه والارهابين حتى وصل الامر الى الاعتقاد بأن ما حدث فى الساعات الخمس للانقلاب ما هو الا مسرحية من صنع أردوغان ونظامه للهيمنة على الجيش والتخلص من خصومة وبناء دولته التى تروق لهواه وأيدولوجيته الفكريه والسياسيه.

قسوة  تعامل نظام أردوغان مع خصومة كانت مثار إنتقاد الدول الغربيه التى رأت فى ممارسات السلطة فى تركيا إنتهاك فاضح لمبادىء حقوق الانسان ودولة القانون والدستور خاصة بعد دعوة أردوغان للسرعة فى إعتماد عقوبة الاعدام وإعادتها مرة أخرى لتصفية من شاركوا فى الانقلاب.

تركيا الان على مشارف تحول تاريخى فإما أن ينجح أردوغان فى فرض مشروعه السياسى بالقوة وعلى الجميع عبر إجراءاته الانتقامية والوحشية مع المؤسسة العسكريه التى سيتوارى دورها الى الابد وتصبح المؤسسه العسكريه حامية لارودغان ونظامه بدلا من عقيدتها التى بنيت عليها منذ عام 1923 على أيدى كمال أتاتورك وهى حماية العلمانيه والدفاع عنها وأما أن تنقلب المؤسسة العسكرية على أردوغان من ورجالة ونظامة من جديد وتتوحد كلمتها هذه المره فى مواجهة الممارسات المذلة التى أرتكبت بحق قادتها وجنودها وتعود الى عقيدتها الراسخه فى الدفاع عن علمانية الدولة وهيبة الجيش.

 أما السيناريو الكارثى والاكثر رعبا  فيتمثل فى الانقسام ودخول البلاد فى أتون حرب أهلية طاحنة تحولها الى مستنقع جديد مشابه للمستنقع العراقى والسورى والليبى وتتحول تركيا الى بقايا دولة .



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز