عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
المنيا والمواطنة والرئيس

المنيا والمواطنة والرئيس

بقلم : محمد يوسف العزيزى

 



الكلام صار ثقيلا ، ودمه صار أثقل ، وتكراره بات مملا ومكروها ، وتراكم الغضب المكتوم حتما يؤدي إلي انفجار غير محسوب ، ودون أن ندري – وربما يدري البعض – نسلم وطننا وأنفسنا إلي عدونا طوعا ! الحكاية تتكرر بنفس السيناريو بين الحين والآخر ، والمنيا يبدو أنها تحقق الرقم القياسي في حوادث الطائفية .. ويعد حادث قرية "طهنا الجبل" هو الرابع الذي تشهده المحافظة في أقل من شهرين، عقب حوادث قرى "الكرم"، و"كوم اللوفي"، و"عزبة أبو يعقوب وكلها حوادث أشعلت أو كادت أن تشعل فتيل الفتنة الطائفية  ، وللأسف لم تختلف المعالجات الأمنية أو السياسية أو المجتمعية في كل هذه الأحداث المؤسفة ، وفي خجل شديد من المسئولين تبدو تصريحاتهم غير مسئولة تعبر عن جهل بخطورة هذه الأحداث وتأثيراتها علي المسيحيين المصريين .. وأكرر المصريين .. الذين تصدوا بوطنية للجماعة الإرهابية التي حرقت كنائسهم ومحلاتهم وبيوتهم وأغلقوا الأبواب أمام دعاوي الإستقواء بالخارج من أقباط المهجر ، وقال - وما زال يقول – البابا تواضروس أن وطنا بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن !

 

المواطنة في المنيا صداع في رأس الوطن يحتاج علاج ناجع وفعال وليس مسكنات ، ويحتاج أن يصمت البلهاء من المسئولين عن ترديد أن الحوادث فردية ، وأنها لا تشكل جريمة دستورية ، وأن كل شيء تحت السيطرة ، وأن جلسات الصلح تصلح العلاقات بين المسيحيين والمسلمين .. ومن يقول بذلك كاذب أو منافق أو فاسد أو مسئول فاشل أو متآمر علي الوطن ينفخ في النار ويسكب عليها الزيت لتزداد اشتعالا !

 

بدون الدخول في تفاصيل الحوادث وبشاعتها ، وبعيدا عن التصريحات – دون ذكر أسماء أصحابها حتى لا يخجلون من أنفسهم – التي تقول أنها حوادث فردية ويتم معالجتها بسرعة فإن الأمر يزداد سوءا يوم بعد يوم ونحن مصرون علي دفن رؤوسنا في الرمال والتغطية علي حالة احتقان واضحة .. الأمر الذي دفع الأنبا مكاريوس لأن يكتب تغريده علي تويتر للرئيس يقول فيها : ( للتذكرة فقط.. سيادة الرئيس الأقباط مصريون والمنيا محافظة مصرية  ) وهذا معني لا يفوت علي عاقل أو مسئول دون أن يعيه جيدا .. فهل خرجت المنيا من حسابات الحكومة أو نسيها الرئيس ؟ .. هل نحتاج أن يذكرنا الأنبا مكاريوس بعروس النيل التي تضرب جذورها في تاريخ مصر القديم ؟ .. ربما لأن الكيل طفح من غياب المواطنة وتراجع القانون ، ومن أمن العقاب أساء الأدب .. مسلم أو مسيحي !

 

هل ننتظر أن تنمو الفتنة برعاية التطرف الديني وسيطرة السلفيين في المنيا فينفلت الزمام وتكون التكلفة باهظة وتترك الأزمة جروحا غائرة متقيحة ؟ هل ننتظر أن تخرج الهتافات من الجانبين تقول ( بالروح والدم نفديك يا صليب ) و ( بالروح والدم نفديك يا إسلام ) فتجري الدماء أنهارا ؟ ما أقوله ليس مبالغة .. لكنه واقع نرفض رؤيته بوضوح رغم علمنا به ينمو تحت أعيننا في مدارسنا في مراحل الكي جي والابتدائي .. من الصغر تترسخ فيروسات التطرف وكراهية الآخر في مدارس الطرفين وفي تدريس مادة الدين .. رسائل المنيا ناقوس خطر ، والمعالجات أسلوب فاشل فالمنيا شهدت أعلى معدل في الحوادث الطائفية على مستوى الجمهورية، حيث استحوذت على 33.3% من إجمالي عدد الجلسات العرفية للحوادث الطائفية من يناير 2011 وحتى ديسمبر 2015، بحسب تقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية كما رصدت  77 حالة توتر وعنف طائفي، بمختلف مراكز محافظة المنيا، منذ يناير 2011 وحتى يناير2016.

 

هل استدعاء الرئيس في كل كبيرة وصغيرة هو الحل ؟ في تقديري أنه ليس الحل .. لكن طالما فشل المحافظ وقيادات الأمن والمجتمع المدني وبيت العائلة فلا مفر أن يتدخل الرئيس وجوبا لأنها قضية أخطر من كل القضايا .. ونحن نعرف أن الرئيس عندما يتدخل يتابع وعندما يتابع يتم الإنجاز .. هذا قدرك يا سيادة الرئيس لأنك تدعو لدولة القانون والمواطنة ونحن نصدقك .. وهذا قدرنا لأن مسئولينا في الحكومة لا يقدرون المسئولية ولا يدركون خطورة الأمر  .. والله المستعان

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز