عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
شو ومانشيت

شو ومانشيت

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

ألم نلحظ في الآونة الأخيرة أننا أصبحنا نستعرض في كل شيء في حياتنا ، فلقد أصبح "الشِعْرُ" محور حياتنا ، فنحن نحاول دائمًا وضع كل شيء مهما قلت قيمته تحت دائرة الضوء ، ولدينا قدرات عالية على تضخيم أي حدث مهما بلغت تفاهته ، لدرجة أن قضايا الرأي العام أصبحت نسبتها تفوق كثيرًا نسبة القضايا الخاصة العادية ، وأظن أن المشكلة الحقيقية تكمن بداخلنا ؛ لأن هذه التصرفات أصبحت لا تنصب فقط على المشاكل والقضايا العامة والإعلامية ، ولكنا أصبحت نهجًا نأتيه يوميًا في حياتنا العادية ، فنحن نستعرض في كل شيء ، في معلوماتنا ، وعلاقاتنا ، ومظهرنا الخارجي ، وربما أيضًا في أحلامنا ، فكل أحادثينا أصبحت تنصب على الاستعراض المستمر ، ولا خلاف بالطبع على أن هذا الاستعراض يشوبه الكثير من المبالغة التي قد تصل إلى حد الأكاذيب ، والأمر المثير للدهشة والاستغراب ، هو لماذا أصبحنا نعيش في عالم مشوه ، نسجنا خيوطه من الأكاذيب المبررة ؟! فكل منا يبرر أكاذيبه واستعراضاته ، إما بأنها مطلوبة لمجاراة ومسايرة المجتمع والناس ، والبعض يُقنع نفسه بأن ما يقوله هو حقيقة واقعة ، والتي في الغالب الأعم تكون لا تَمس حقيقته بشيء ، فنحن أصبحنا نتعايش على أسلوب "المانشيتات" المثيرة للجدل ، وبِتْنَا نستغرق الكثير من الوقت في وضع تلك العناوين الملفقة ؛ لكي نستقطب الآخرين لأحاديثنا ، فكم من الوقت نضيعه على صفحات الشات والفيسبوك في موضوعات لا تستحق الوقوف عندها ، فكل منا يأمل أن تسلط عليه الأضواء ، وتكون أحاديثه محل جدل الآخرين ، حتى لو كانت موضوعات ملفقة ، ولا تمت للواقع بصلة ، وكأننا أصحنا نعيش داخل "شو إعلامي" لا ينتهي .



ولكني أحب أن ألفت الانتباه إلى أن كثرة الموضوعات التي أصبحت مطروحة ، سواءً على الساحة العامة أو الخاصة ستقتل الشعور بالانبهار تدريجيًا بداخل الآخرين ، فلكي يكون "للشو" قيمة لابد أن يتميز بالتفـرد والاستثناء ، ولكن إذا أصبـح الاستثناء هو القاعدة ، فلا مناص في أنه ستحل القاعدة محل الاستثناء ، ويصبح الحدث العـادي البعيد عن صخب المهاترات والأقاويل هو "المانشيت" المثير ، فنحن من نصنع القاعدة ، ونضع الاستثناءات ، ولكن للأسف ، أصبحنا الآن نقلب الموازين ، وبِتْنَا نتأرجح بين الموضوعات وبين رغباتنا الجامحة في لفت الأنظار ، سواءً على المستوى الداخلي أو الخارجي ، فنحن كل يوم في حدث جديد وكل حدث له عدة روايات ، وكل رواية تحتمل أكثر من تأويل ، وكل تأويل لابد من تدعيمه بالتعليقات ، وللأسف ، كل هذا لا يخرج عن دائرة الجدل السفسطائي العقيم ، فهل يُعقل أن تتحول حياتنا على مستوى كل الأصعدة إلى "شو ومانشيت" .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز