عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
التعليم.. ولحظات الانتصار والانكسار !

التعليم.. ولحظات الانتصار والانكسار !

بقلم : محمد يوسف العزيزى

( مش عايزة أخلص واقعد في البيت ! ) .. هذه كلمات الطالبة نوران شكري صالح .. الأولي مكرر علمي علوم بالثانوية العامة بمجموع 99.8%، ومن بين ما قالته أيضا أنها لم تذهب إلى المدرسة إلا فترة تقدر بشهر مجبرة على الذهاب لأن فى مدرسين يدخلون الفصول يقولون للطلاب ( انتم بتاخدوا دروس بره فمش مهم نشرح لكم ) .. بينما قالت الطالبة أسماء عبد الناصر الأولي مكرر علمي من الأقصر أنها كانت تحصل علي دروس خصوصية في كل المواد حيث كانت مضطرة لذلك لضعف الشرح أو غيابه داخل المدرسة !



كلمات كاشفة لحال التعليم في مصر ، ومعان دالة عن فشل إدارة التعليم في مصر ، ونتيجة منطقية لغياب الرؤية التي بدونها نمارس هواية إهدار المال العام علي منظومة تعليم هشة ، وضياع الوقت والجهد علي حالة إشغال وتشغيل منظومة بلا ناتج حقيقي !

عندما يسيطر هاجس البطالة بعد التخرج علي نوران الأولي علمي علوم والتي يحتوي رأسها علي عقل علمي يجيد القراءة والفهم والتقدير فنحن أمام أزمة حقيقية تدق عقولنا وتستنهض همتنا في البحث عن رؤية وإستراتيجية للتعليم في مصر تجيب عن سؤال واحد هو .. ماذا نريد من التعليم ؟ .. فإذا كانت الإجابة.. الحصول علي شهادة لمحو أمية من يلتحقون بقطار التعليم وفقط .. يصبح الوضع الراهن كافيا وزيادة ويكون ليس في الإمكان أبدع مما كان وتكون الحكومة قد قامت بواجبها وزيادة ونحمد الله أننا أحياء نمارس الحياة بربع فهم ونصف عقل وصفر تقدم ويكفي أننا نستطيع قراءة لافتات المحلات وأفيشات أفلام السينما !

ما قالته نوران عن خوفها من البطالة وهي تعيش لحظات الانتصار وتحقيق الذات مرعب .. فما بالنا بمن هم أقل منها في الدرجات والتفوق .. وكيف يكون شعورهم والطالبة الأولي التي تستعد لاستكمال تعليمها الجامعي أملا في الحصول علي وظيفة مرموقة عقب التخرج يسيطر عليها الخوف من القعود في البيت انتظارا لابن الحلال اللي يريح قلبها !

لحظات الانتصار والفرح بالنجاح بتفوق في الثانوية العامة سرعان ما ينتج شعورا بالانكسار والخوف ، ويضع التعليم في مصر في غرفة العمليات .. التعليم يحتاج جراحة عاجلة ، ويحتاج زراعة كبد سليم يستطيع امتصاص سوءات التجارب السابقة ، ويحتاج كلي سليمة قادرة علي تنقية الدماء التي تجري في المنظومة من الترهل والفساد ، ويحتاج تغيير شرايين القلب ليستطيع ضخ دماء كثيرة تكفي كل الأطراف التي أصابها الانسداد ، ويحتاج إزالة الجلطات المتراكمة في المخ ليكون صالحا لتوصيل الرسائل واضحة وسليمة وغير مشوهة  ، وقادرا علي إنتاج رؤية جديدة تجيب عن السؤال الماستر .. ماذا نريد من التعليم ؟

وكما قالت أسماء طالبة الأقصر.. قال كل الطلبة والطالبات .. لا إمكانية للنجاح بدون دروس خصوصية في كل المواد  .. ! وإذا كان الأمر كذلك .. ما فائدة المدارس وجيش المدرسين العرمرم الذي يستهلك 80% من موازنة التعليم في مصر ، وما فائدة المدرسة وجيش الإدارة الذي يعمل فيها طالما لا يذهب إليها الطلبة والطالبات وإذا ذهبوا وذهبن فلا معلمين ولا تعليم !!

التعليم الجيد والخريج الجيد صمام أمان المجتمع .. وضمانه لأمنه القومي .. وقاطرة لتقدمه ورفاهيته .. وتجارب الدول ماثلة أمام أعين الجميع .. فقط تحتاج من يتأملها وينقل عنها .. ولا داعي أن نركب رؤوسنا ونقول المجتمع المصري له خصوصية وحالة مختلفة ، والحقيقة لا أعرف بلدا فيها من أنظمة التعليم المختلفة كما هو في مصر .. ولا أعرف بلدا يتشدق بمبدأ تكافؤ الفرص وهو يهدر كل قيم المساواة في التعليم الجيد للجميع كحق يكفله الدستور !

كم من المتفوقين دفنوا أحلامهم معهم ، وكم من المتفوقين تنازلوا عن أحلامهم رغما عنهم ، وكم من المتفوقين دفعوا حياتهم بسبب اليأس وندرة الفرص أمامهم .. وبين لحظات الانتصار والانكسار تجري في النهر مياه كثيرة ملوثة !
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز