عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
داعش ..ونشر الفتنة الطائفية في العالم

داعش ..ونشر الفتنة الطائفية في العالم

بقلم : عبدالجواد أبوكب

عندما إستيقظ سكان مدينة Rouen التي أبصرت  فيها عينا الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند النور قبل 62 سنة، علي نبأ اقتحام مسلحين من جنود تنظيم داعش الارهابي كنيستها، وذبح قسيسها صباح اليوم الثلاثاء،لم يكن الأمر مجرد حادث إرهابي آخر يستهدف رجل دين مسيحي لسبب طائفي.
 
فالقراءة المتأنية للحادث والمعلومات الاستخباراتية المتعلقة به تؤكد عمق الرسالة وسياسية الفعل، فالمدينة التي تم اختيارها  لتنفيذ العملية الإرهابية التي انتهت بمقتل منفذيها برصاص الشرطة ، هدفت لإيصال رسالة دموية الطراز، بأن يد الإرهاب الداعشية يمكنها الوصول حتى مسقط رأس الرجل الأول في فرنسا وأنه لا أحد بعيد عن يد"داعش".



لكن الأخطر وفق قراءة أكثر إتساعا وأعمق نظرا يتمثل في إعتبار ما حدث حلقة خطيرة من سلسلة أعمال يهدف بها تنظيم الدولة لإشعال حرب عالمية ثالثة ترفع راية الطائفية ما بين المسلمين والمسيحيين في العالم.

ولعل المتابعة للأحداث في مناطق مختلفة بشكل مجمع توضح هذا الطرح، فمسقط رأس الرئيس الفرنسي الذي شهد العملية الأخيرة لم يأت إعتباطا، وبالاضافة لارتباط أولاند بالمينة، فهي معروفة للفرنسيين بلقب مدينة "المائة ناقوس" لكثرة الكنائس فيها، ولأن الرسالة وصلت بسرعة كان تعليق مارين لوبان، زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة في فرنسا على ما حدث،عاجلا وقالت فيه: "يقتلون أطفالنا ويغتالون رجال شرطتنا ويذبحون كاهننا، استيقظوا".

كما أن الحادث جاء بعد يوم واحد من تفجير انتحاري في أحد مطاعم مدينة أنسباخ الألمانية وأوقع قتيلا و12 جريحا من المسيحيين، وقام به لاجئ سوري في الـ27 من عمره.

وخلق الحادث حالة رعب دفعت وزارة الداخلية في مقاطعة بافاريا إلي إجلاء نحو 2500 شخص من مهرجان موسيقي في منطقة قريبة من الانفجار، وتقرر إنهاء المهرجان تحسبا لأي طارئ.
 
لكن أوروبا لم تكن وحدها في مربع عمليات داعش الرامية لتأجيج الصراع الطائفي بين المسلمين والمسيحيين بحوادث تطهير عرقي وجرائم ضد كل مباديء الانسانية، مثلما حدث في سوريا من قيام تنظيم داعش باختطاف المسيحيين من دير للعبادة  بريف حمص بعد سيطرته عليها، بناء على قوائم مسبقة لدى داعش، وكان بين المختطفين عائلات كاملة بجميع أفرادها.
 
لكن عمليات استهداف المسيحيين في العراق من قبل تنظيم الدولة،  بدءا من فرض الجزية وانتهاءا بإغتصاب النساء مرورا بحملات الاعدام والدفن الحي، بالاضافة للتهجير الذي كانت أبرز وقائعه عملية تفريغ مدينة الموصل من المسيحيين وصودرت منازلهم وممتلكاتهم وكتب علي جدرانها عبارة (عقارات الدولة الاسلامية) بالاضافة الى حرف ( ن ) والمقصود به نصارى.
 
واستمرارا في فعل التأجيج دخلت قوات داعش إلى الكنائس وقاموا بنزع الصُلبان عنها، وحرقوا أجزاء منها، ومن بينها كنائس قديمة تعود إلى مئات السنين، وقاموا بتحويل بعض الكنائس الى جوامع ومقرات عسكرية رفعت عليها راياتهم التي تشبه راية الرسول صلي الله عليه وسلم لتكون الفتنة حاضرة وليوصم الاسلام بالفعل وليس الجماعة الارهابية وحدها.

ومن العراق لأثيوبيا إمتدت يد داعش لكن في ليبيا هذه المرة في عملية إرهابية إستهدفت 24 مسيحيا اثيوبيا، تلاها عمليات متفرقة لتطهير ليبيا عرقيا استعدادا لانتقال كوادر تنظيم الدولة وعدد كبير من قياداته إلي هناك بإعتبار التواجد فيها أكثر أمنا وفاعلية وخطورة من بلاد الشام التي تشابكت المشاهد فيها واختلطت الأوراق بشكل بدا معه التوسع خارجيا عين المنطق.
 
ولم تكن مصر بعيدة عن المشهد الداعشي حيث بدأت بعملية أحراق الكنائس الشهيرة عقب الاطاحة الشعبية بحكم الاخوان، بعدها  قام تنظيم داعش بإعدام 21 مصري قبطي تحت عنوان رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب.

حيث بث تنظيم الدولة فيديو تظهر عملية ذبح 21 مصري، ورغم أن الرد المصري كان حاسما بطلعة عسكرية قضت علي منفذي العملية وثأرت للضحايا من أبناء الوطن إلا أن خطة الفتنة استمرت، وتم استهداف أحد رجال الدين بمحافظة شمال سيناء، ومع صمود المصريين تجاه كل ما حدث، بدأت مرحلة أخري وهي تأجيج الصراع الطائفي واشعال الفتنة وتضخيم الأحداث خارجيا.

وهذه النقطة بالتحديد هي الأخطر حيث يسعي الجهاز الاعلامي رفيع المستوى لداعش والذي تعمل به كوادر تم تدريبها جيدا على أحدث تقنيات الإعلام إلي اللعب في هذه المنطقة وتحويل الحرب إلي إعلامية بامتياز معتمدا علي ترويج الإعلام الغربي جيدا للوحش الذي استولدته بلادهم من رحم تنظيم القاعدة،وعلي عشوائية الإعلام العربي الذي تحول لآداة تعيد انتاج ونشر المادة الداعشية بلا وعي ولا استراتيجية مواجهة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز