عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
6 أغسطس يوم لن أنساه

6 أغسطس يوم لن أنساه

بقلم : د. أحمد عيسي عبدالله

كنت عائداً مع أخى من السفر فى مثل هذا اليوم من العام الماضى "الخميس" 6 أغسطس 2015 الذى كان حينها أجازة رسمية بمناسبة افتتاح قناة السويس، وكان أخى يقود سيارتى التى لم يمر على شرائها سوى أيام قليلة ، ويبدو أن محور صفط اللبن فوق الطريق الدائرى كان يتزين برفع الأعلام على أعمدة الكوبرى بسيارة كبيرة ثابتة لم يراها أخى عندما صعد المحور بسرعة كبيرة لم يستطع معها التحكم فى السيارة .. فكان الحادث ..



فجأة توقف كل شئ .. اصطدام مروع ... زجاج مكسور ، دخلت منه شظايا فى وجههى ، وفى لحظات كسر مضاعف فى ذراعى الأيمن مع شبه اغماء.. كان لسانى يلهث بحمد الله برغم الألم العنيف والدم الذي يسيل من وجههى ، وسعادتى أن أخى سليم وبخير ، برغم حالة البكاء التى انتابته إلا أنه لم يصب بمكروه والحمد لله.. نعم الحمد لله الذي بيده الفضل، والحمد لله أن الحادث اكتفى بكسر ذراعى فقط رغم أن السيارة شبه محطمة من الأمام ، أحمده وأشكره على مزيد نعمه .. نعم كانت نعمه أن تكون نتيجة هذا الحادث الكبير بهذا اللطف الأكبر والأعظم من اللطيف الحليم سبحانه وتعالى..

وبعيداً عن ذكرى هذا الحادث الأليم فإننى أريد أن ألقى الضوء على تلك الفواجع التى تسببها حوادث السيارات، فما مِن يوم ينقضي إلا ونسمع عن عددٍ من حوادث المرور المفجعة التي تحصد الأرواح أكثر مما تحصدُ الحروب.. ويبدو أننا أمام حرب شرسة مع حوادث السيارات، حيث تعد بلادنا من أكثر دول العالم في حصد الأرواح بسبب حوادث السيارات، فالإحصاءات المرورية تقول: أن مصر تتصدر قائمة دول العالم في حوادث الطرق، وتعد هذه مشكلة تؤرق جميع المصريين فحصيلة ضحاياها هي الأكبر على الإطلاق فهي أعلى بكثير من الإرهاب على سبيل المثال ، وتحتل مصر المركز الأول في عدد ضحايا حوادث الطرق، حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية على مستوى الشرق الأوسط، بنحو 13 ألف قتيل و60 ألف مصاب سنوياً، متصدرة قائمة الدول الأسوأ عالمياً في حوادث الطرق بمعدل وفيات مرتفع جداً،  فهناك إنسان يموت كل نصف ساعة نتيجةً لحادث مروريّ!! ومن الخسائر البشرية إلى الخسائر المالية والمادية - وفقاً لبيانات البنك المركزي- فإن شركات التأمين سددت تعويضات قيمتها 5.5 مليارات جنيه خلال السنوات الثلاث الماضية عن حوادث السيارات في مصر ، وتقدر خسائر الاقتصاد المصري نتيجة حوادث الطرق بنحو 17 مليار جنيه سنوياً، حسب النشرة السنوية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء !!.
فلماذا لا نعمل على الحدِّ من هذه الحوادث المرورية المؤلمة ؟! وخاصة أن نصوص الشرائع السماوية تحمى حق الإنسان في الوجود وحقه في الأمن والأمان، وشرعتْ الحدودَ التي تحفظ هذا الحق وتصونه، كما أن القوانين والتشريعات التي تُصْدِرُها الدول تهدف إلى صيانة الدماء والأموال وحماية حق البشر في الأمن والأمان، لقد أمرنا الله بحفظ النفس لا بإتلافها، فقال - سبحانه -: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29].

 إن الأرواح ليست هينة لهذه الدرجة أن تُزهق بسبب تهور أو طيش أو تجاوز للقانون، إن الأمر خطير، وإن ما نفقد من الأرواح والأموال كبير، وأكثر المفقودين في هذه الحوادث في سن يتراوح ما بين الخامسة عشرة والأربعين، وهذا يعني أن أغلبهم يُعيل أسرة، وهذا يعني كثرة الأيتام والأرامل.

 فمن منا يرضى أن السيارة التي هي وسيلة نقل تتحول إلى وسيلةَ قَتْلٍ ودمار؟! من منا يرضى أن يكونَ سببًا في تحوُّل أسرة تنعم في ظل راعيها بالبهجة والسرور إلى أسرةٍ كئيبة حزينة تعيش حالة من البؤس والتعاسة والشقاء صباح مساء ولسنوات عديدة؟! من منا يرضى أن يكونَ سببًا في حفر ذكريات أليمة في مهجة أطفال صغار ينتظرون بشوق عودة أبيهم أو من يعولهم ؟!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز