عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
هل وصلتك منى رسالة ؟

هل وصلتك منى رسالة ؟

بقلم : د. أحمد عيسي عبدالله

 



أنا محتاج 300 جنيه ضروري بأسرع وقت ..!!ابنى مريض وليس معى ثمن الدواء .. أرجوك ساعدنى.. بهذه الكلمات اتصل هذا الوالد بأخيه (عم الولد المريض) ليطلب منه المساعدة .. فرد عليه أخوه: نصف ساعة وأكون عندك .. مرّت النصف ساعة ومرت ساعة .. ولم يصل أخوه، والوقت يمر ثقيلاً على والد الابن المريض وكلما مر الوقت سارع الأب بالاتصال بأخيه .. فإذا به يسمع رسالة من موبايل أخيه : الهاتف ربما يكون مغلقاً!!

انصدم الرجل فى أخيه وأحس أن أخاه يتهرب منه ، ومرت ساعتين وموبايل أخيه مازال مغلقاً، وهو لايدرى ماذا يفعل وكيف يتصرف .. وحزن حزناً مضاعفاً على تصرف أخيه ،

وأرسل له رسالة كتب فيها:

شغل جهازك وكلم من تريد أن تكلمه...فلم أعد أريد منك نقوداً ولا أي شئ بعد الآن..
وبعد مرور ساعتين ونصف وصل أخوه إليه أخيراً وقال له:
عذراً على التأخير .. ذهبت إلى محل يشترى ويبيع التليفونات المحمولة المستعملة ولكنه تأخر حتى اشترى منى الموبايل بثلاثمائة وخمسين جنيهاً حتى أتيتك بالمبلغ الذى تريد .. اعذرنى يا أخى الحبيب فلم أقصد أبداً التأخير..عانق الأخ أخاه باكياً .. وقال له : ولكنى أرى معك موبايل فى يدك ! فقال له نعم .. اشتريته بخمسين جنيهاً .. على ما ربنا يفرجها واشترى واحد أفضل .. فسأله والد الطفل المريض: هل وصلتك منى رسالة ؟

قال الأخ مبتسماً : نعم .. قرأتها ومسحتها فوراً .. هنا شعر والد الطفل المريض بالحرج الشديد والخجل من أخيه .. وقطع أخوه الصمت ليرفع عن أخيه الحرج قائلاً له: أنا أقدر الحالة التى تمر بها .. نحن أخوة لن يفرق بيننا الشيطان بهذه السهولة ..

هذه النفوس الراقية التي تحترم ذاتها وتحترم مشاعر الآخرين.. وتصغى إلى مشاعر الغير وتراعى كلماتها بل وتنتقى أطايب الكلام كما تنتقى الثمار .. فعلاً نفوس راقية .. ترتقى لتقتل الفتن فى مهدها .. وتعلم أن روابط الأخوة أقوى من مواقف يستغلها شياطين الإنس والجن للوسوسة والوقيعة بين الناس .. تلك النفوس الراقية هى التى مدحها حديث رسـول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة ، فقال أبو الدرداء : قلنا بلى يا رسول الله ، قال : إصلاح ذات البين ) .. " أي درجة الصيام النافلة والصدقة النافلة والصلاة النافلة "..
إن الإصلاح بين الناس عبادة عظيمة .. يحبها الله سبحانه وتعالى ..فالمصلـح هو ذلك الذي يبذل جهده وماله ويبذل جاهه ومنصبه وسلطاته ليصلح بين المتخاصمين .. قلبه من أحسن الناس قلوباً .. نفسه تحب الخير .. تشتاق إليه .. تراه يبذل ماله .. ووقته .. ويقع في حرج مع هـذا ومع الآخر .. ويحمل هموم الناس ليصلح بينهم ..
كم بيت كاد أن يتهدّم .. بسبب خلاف سهل بين الزوج وزوجه .. وكاد يأتى الطلاق .. فإذا بهذا المصلح بكلمة طيبة .. ونصيحة غالية .. ومال مبذول .. يعيد المياه إلى مجاريها .. ويصلح بينهما ..
كم من قطيعة كادت أن تكون بين أخوين .. أو صديقين .. أو قريبين .. بسبب زلة أو هفوة .. وإذا بهذا المصلح يخمد نار الفتنة ويصلح بينهما ..
كم عصم الله بالمصلحين من دماء وأموال .. وفتن شيطانية .. كادت أن تشتعل لولا فضل الله ثم المصلحين ..
فهنيئـاً لمـن وفقـه الله للإصلاح بين أخوين متخاصمين أو زوجين أو جارين أو صديقين أو شريكين أو طائفتين .. هنيئاً له .. هنيئاً له .. ثم هنيئاً له ..
تأمل قوله سبحانه وتعالى " فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا.. "[النساء:128].
قال أنس رضي الله عنه ( من أصلح بين اثنين أعطـاه الله بكل كلمة عتق رقبة ) .. وقال الأوزاعي : ما خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة من إصلاح ذات البين ومن أصلح بين اثنين كتب الله له براءة من النار ..
بل أجاز الإسلام أيضاً الكذب للإصلاح بين أهل الخصومة فقـال عليه الصلاة والسلام " ليس الكـذّاب الذي يصلح بين الناس ويقول وينمي خيراً " .. قال ابن بابويه " إن الله أحب الكذب في الإصلاح وأبغض الصدق في الإفساد "..

تذكر أن أسلوبك هو "فن التعامل مع الآخرين" .. أسلوبك يساوي "مكانتك "،فكلما أرتقى أسلوبك كلما علت مكانتـك.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز