عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أردوغان وكلاب الحراسة

أردوغان وكلاب الحراسة

بقلم : فادي عاكوم

رغم السنوات الخمس من عمر الازمة السورية، الا الساعات والايام القليلة الماضية كشفت العورات بشكل مفضوح لا مثيل له ليس فقط بتاريخ ازمات الشرق الاوسط، بل بتاريخ الازمات حول العالم، فمن كان يتخفى من المجموعات المعارضة المتأسلمة بستارة الثورة تبين انها ليست الا دمى تحركها المخابرات واجهزة القرار الاردوغانية، وتحولت المجموعات هذه من مجموعات مقاتلة الى مجموعات من كلاب الحراسة لحماية اراضي السلطان العثماني الجديد.



في فجر الـ24 من شهر اب / اغسطس، دخلت وبكل وقاحة ارتال من دبابات واليات وعناصر الجيش التركي الى الاراضي السورية، لتؤازر وتدعم الفصائل الاسلامية المتعددة التي تركت كل مواقع القتال في مختلف الجبهات لتحرير مدينة جرابلس كما زعموا، ليتبين ان هذه الفصائل التي تم تقديمها على انها الجيش السوري الحر ليست الا المجموعات المعروفة باسم تور الدين الزنكي وفيلق الشام وجبهة الفتح اي تشكيل متناغم من جميع المجموعات التابعة فعليا الى المخابرات التركية، وجلها من كتائب مسلحة تابعة للاخوان المسلمين او جبهة النصرة.

لو ان هذه المجموعات كانت فعلا ضد داعش وعملت وتعمل على القضاء على وجوده في سوريا لكان الامر عظيما، الا ان الامر لم يكن الا مسرحية سيئة كتبها كاتب مبتدئ واخرجها مخرج فاشل، اما الممثلين فحدث ولا حرج، فخلال ساعتين فقط تم الاعلان عن فتح المدينة وتحريرها بعد قصف صاروخي تركي اوقع عشرات الاصابات بين المدنيين بين شهيد وجريح، لتغطية انسحاب واخفاء عناصر داعش الذين تبخروا بقدرة قادر...

ان ما قامت به هذه المجموعات السيئة السمعة، لم يكن موجها ضد داعش، ولم يكن هادفا لتحرير سوريا ونقلها الى مرحلة الديمقراطية، بل كان فقط تنفيذا للاوامر التركية بالابقاء على المناطق الحدودية تحت السيطرة الكاملة، فتم استبدال داعش بالجيش الحر، وذلك لوقف تمدد قوات سوريا الديمقراطية التي كانت تلاحق ولا تزال مجموعات داعش من مدينة الى مدينة ومن قرية الى قرية في الشمال السوري.

علما انه مع التدقيق بمجريات الامور ثمة شبهات كثيرة في الاحداث المتسارعة، فقوات النظام السوري والمليشيات التابعة له افتعلت معارك في مدينة الحسكة وجرت معارك عنيفة بينها وبين القوات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية، وانتقلت فعلا فرق عديدة منها للمشاركة بالقتال، مما افسح المجال تكتيكتيا لاتباع اردوغان من التقدم الى جرابلس لانشغال قوات الديمقراطية بمعارك الحسكة، فتم احتلال جرابلس لقطع الطريق امام ربط المناطق الحدودية من قبل القوات الكردية.

ان ما يجري لا يمكن عزله عن الاتفاقات السياسية التي جرت في الاونة الاخيرة، خصوصا من ناحية التقارب الايراني التركي، والذي تلاه تقارب بين النظام السوري وتوابع اردوغان، ومن الواضح ان نقطة الارتطاز كانت وقف المد الكردي في الشمال السوري، واقتسام الاراضي السورية، علما انه وعلى رغم انتقال معظم القوات المتاسلمة الى المناطق الحدودية وتركهم للمحاور القتالية المزعومة مع النظام الا ان النظام لم يتقدم شبر واحد مع امكانية تحقيق ذلك بل مع امكانية تحقيق تقدم كبير على الارض وانهاء وجود العديد من المحاور ونزيف الدماء.

ان ما يقوم به اردوغان ليس الا توطئة للمرخلة القادمة من خلال التحضير لتقديم هذه المجموعات الارهابية على انها الجيش الحر القادر على حماية المدنيين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وذلك قبيل استئناف المفاوضات الجارية والتي يبدو انه تم رسم تفاصيل نتائجها منذ الان.

الان وبعد مرور اكثر من خمس سنوات على بدء الازمة السورية نستطيع القول انه لا وجود للثورة السورية، فقد قتلت منذ فترة ودخلت مرحلة الموت الاكلينيكي الى ان ماتت فعليا مع الاحداث الاخيرة، وتحولت المجموعات المسلحة الى كلاب حراسة لاردوغان، تحمي حدوده وتنفذ اوامره وتعض كل من يخالفها الراي، وبانتظار الاحداث المقبلة في المستقبل القريب فالسيئ ات، والشعب السوري وحده هو الذي يدفع الثمن، وتضحيات قوات سوريا الديمقراطية في قتالها ضد داعش ستظل هي المعيار الوحيد للشرف الثوري والقتالي الحقيقي في سوريا.

وللحديث تتمة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز