عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
حكاية بنت مش عاوزة تخلف ولد..!

حكاية بنت مش عاوزة تخلف ولد..!

بقلم : د. دينا أنور

المفاهيم الدينية الخاطئة بتخلي معظم العائلات تعامل الولد إن له أفضلية على البنت من وهما لسه في بيت أهلهم، لدرجة إن الولد بيكون لسه طفل أو مراهق وبيدوا له صلاحيات تقترب من صلاحيات والده على البيت وعلى إخواته البنات وساعات على أمه كمان، يتحكم في لبسهم وخروجهم وأصحابهم تحت مسمع ومرأى أمه وأبوه، وممكن يكون بيعمل  اللي على كيفه وبيخرج ويرجع بمزاجه ويصاحب بنات ويشرب سجاير ومخدرات كمان، وممكن يكون فاشل في دراسته وبيتحكم في أخته المتفوقة اللي بتطلع من الأوائل، كل ده نتيجة إن مشايخ الضلال زرعوا في عقول الناس ان  قوامة الرجل على المرأة معناها التحكم والسيطرة والإذلال، وليس الإحتواء والإستيعاب والحماية، عشان كده المجتمع بينتج لنا كل يوم ذكور مشوهة تستقي رجولتها المزيفة من مقدار قهر وإخضاع كل أنثى في حياته، بداية من أخته في البيت، مروراً بأمه ثم زوجته، وحتى بنته الصغيرة.
على لسان بطلتي النهارده بتحكي وتقول :
أنا يا دكتورة دينا عندي ٣٩ سنة، حالياً متجوزة وعندي بنتين، على عكس كل الستات اللي نفسهم يخلفوا ولد أنا عمري ما إتمنيت أخلف ولد عشان مايعملش في بناتي زي ما أخويا كان بيعمل فيا زمان ولحد دلوقتي!
بابا كان ضابط شرطة، كان بيتنقل كتير بين المحافظات، وانا واخويا وماما كنا بنسافر معاه، في إحدى المحافظات حبيت واحد صاحب أخويا، كان بيلاحقني بنظراته وكان باين قوي اهتمامه بيا، جالي المدرسة واستناني مرة ومشي ورايا وقاللي انه بيحبني وانه اول مايدخل الكلية هييجي يخطبني، مع الوقت بقينا نتكلم في التليفون ونتقابل، في الوقت ده اخويا كان مصاحب واحدة من صاحباتي وبيكلمها برضه وبيقابلها وماما وبابا عارفين وفرحانين بيه قوي، لكن أنا طبعاً ماكنتش بقدر اتكلم ولا اعترف بمشاعري لاني كان ممكن اتقتل.
وجه اليوم الموعود، خرجت يوم مع حبيبي في مكان عام بس بعيد شوية عن محيط البيت والمدرسة،  وكانت المفاجأة، أخويا في نفس المكان مع صاحبتي وفي نفس الوقت، وكمان شافنا !!
مش عاوزه احكيلك يا دكتورة عن كمية الضرب واللوكميات والشلاليت والأقلام اللي خدتها قدام كل الناس، وحتى لما وقعت عالأرض وحبيبي وصاحبتي حاولوا يحوشوه عني كان بيجرجرني من شعري لحد ما  الناس اتلموا وقالوله ماينفعش تعمل كده في الشارع، خدني من ايدي ووقف تاكسي وضربني بالقلم عشان أركب، وأول ما دخلنا البيت كمل  فيا ضرب وتلطيش قدام ماما وأخويا الصغير ، وقاللي من هنا ورايح مفيش خروج الا للمدرسة بس وانا اللي هوديكي وأجيبك!



بعدها بقى يعاملني معاملة الخدامين، يرميلي قمصانه في وشي عشان أكويها له عشان يخرج يتصرمح مع البنات، يصحيني من النوم ويحط لي جزمته على السرير عشان ألمعها له قبل ما يخرج، يقومني من المذاكرة عشان أسخن له الأكل أو أعمل له شاي، والله يا دكتورة كل ده كان بيحصل قدام ماما وبابا من غير ما يرمش لهم جفن ، وكل ما أعترض يقولوا لي أخوكي الكبير وعارف مصلحتك وخايف عليكي.
كبرنا والسنين جرت بعضها، والبيه أخويا بعد ما صاع وسكر وشرب سجاير وعرف بنات عدد شعر راسه قرر يستشيخ فجأة ويعمل نفسه متدين!
وطبعاً حضرتك عارفه يا دكتورة اللي زي دول لما بيتدينوا بيكونوا عاملين ازاي وبيتزمتوا قد إيه !
فجأة الأستاذ قرر ماحدش في البيت يسمع أغاني ، قرآن بس، قرر فجأة إني لازم ألبس خمار عشان الطرحة اللي انا لابساها مش كفاية، بقى يضربني لما يشوفني حاطة زبدة كاكاو ولا لابسة بنطلون ولا حاطة بارفان، ولما وصلت لسن الجواز بقى يقعد هو مع العرسان اللي بيتقدموا لي ويرفضهم عشان مش حافظين قرآن ومابيصلوش الفجر في الجامع !
حول حياتي جحيم، كان بيتدخل في كل صغيرة وكبيرة، وللأسف إني إتجوزت عريس مناسب عشان أخلص من ضغطه وتحكمه، لكن هو مازال الآمر الناهي في البيت، خصوصاً بعد ما بابا طلع معاش والمرض هده، وللأسف إن جوزي بيعمله حساب جداً ومابيحاولش يحميني منه لأنه بنفس العقلية مع إخواته البنات، عشان كده فرحت اني ماخلفتش ولد ، وفعلاً مش عاوزه أخلف ولد عشان ما يترباش بنفس العقلية ويظلم بناتي، لحد ما المجتمع ده يتصلح أو يبقوا يدفنونا بالحياة من الأول عشان يريحونا ويرتاحوا مننا !!
خلصت الحكاية، طبعاً أنا عارفة إن في كتير من الرجال اللي قرأوا الحكاية هيلاقوا نفسهم في السطور دي، على الأقل في مشهد أو إتنين وربما كلهم ، وقليلين منهم اللي هيقدروا يعترفوا ان تصرفاتهم دي كانت غلط ومعبرة عن خلل في السلوك و شعور بالإستعلاء تجاه الأنثى، لكن أنا متأكدة إن غالبيتكم وإن إعترف إن ده كان غلط هيلاقي لنفسه مليون مبرر إنه كان نابع من خوفه عليها ، لكن خوفك على إنسان مش معناه إنك تتحكم فيه وتمنعه من حقه الطبيعي إنه يغلط ويتعلم، خوفك على إنسان مش معناه إنك تجحف حقه في التجربة، لو كل واحد فيكم تخلص من عقدة الأنثى ناقصة العقل والدين اللي جواه، وإتعود يتعامل مع المرأة على إنها إنسان كامل زيه زيك لا يحتاج إلى وصاية بقدر ما يحتاج إلى توصية،  ولا يحتاج إلى تحكم بقدر ما يحتاج إلى حماية، ولا يحتاج إلى قسوة بقدر ما يحتاج إلى حنان وإستيعاب وثقة، أكيد كان شكل مجتمعنا هيبقى أفضل، لكن نعمل إيه في مجتمع كره البنات في جنسها وخلاهم بيرفضوا يعيشوا حياتهم الطبيعية عشان ما يكرروش تجارب غير طبيعية خلتهم غير أسوياء ودايماً شايفين الحياة من تحت نقاب أسود.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز