عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
متدين بالفطرة!

متدين بالفطرة!

بقلم : محمد نوار


من المقولات الشائعة أن الشعب المصري شعب متدين بالفطرة, والسبب أن المصريين القدماء هم أول من عرفوا التوحيد, لكن واقعنا لا يعكس أننا شعب متدين، حيث تتعدد المشاهد بين انتشار الفوضى والعشوائية في الشوارع، والألفاظ البذيئة في التعامل اليومي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.



شعب متدين بالفطرة ولكنه محكوم بالتواكل والخرافة، شعب مسلوب الحق ومهدور الكرامة، شعب يفتقد العلم والتخطيط والإتقان، يرتشي ويتحرش ويزور الانتخابات ويغش في الامتحانات، ويعتقد أنه متدين بالفطرة.

وبما أننا شعب متدين بالفطرة فالمفروض أننا نطبق هذا التدين في القول والعمل، وهذا لا يحدث في واقعنا، في حين أن الكثير من الشعوب غير الإسلامية هى التي تطبق المباديء الإسلامية، فقد كشفت دراسة أعدها الباحث البريطاني "بول هوسفورد" عن أكثر دول العالم تطبيقاً لمبادىء الشريعة الإسلامية وتعاليم القرآن الكريم.

وتم ترتيب الدول باعتماد "معيار إسلامي" مبني على 4 قواعد هى: الإنجازات الاقتصادية، والحقوق الإنسانية والسياسية، والعلاقات الدولية للبلد، وبنية السلطة.

ونشرت الدراسة في صحيفة "ذي جورنال" الأيرلندية في سبتمبر 2015، وشمل البحث 208 دولة، وجاءت أيرلندا الأولى، والدنمارك الثانية، والسويد الثالثة، وجاءت إسرائيل رقم27 ، وماليزيا رقم 33، وهى الأولى للدول الإسلامية، والكويت رقم 48، وهى الأولى للدول العربية، ومصر رقم 128.

نتيجة البحث منطقية، أما مسألة أننا شعب متدين بالفطرة، هل انعكس تديننا على سلوكنا؟، هل نطبق فى حياتنا مبدأ أنك لا ترى الله ولكنه يراك؟، وأن النظافة من الإيمان، وأن الراشي والمرتشي في النار، وأن المسلم ليس بفاحش بذيء.

فالمباديء الإسلامية لن تطبق في وجود الفساد والغش في الأدوية وأكياس الدم الملوثة والأطعمة الفاسدة وتهريب الدولار والبنزين، والتحرش بالنساء، والتعثر فى جبال القمامة، وانتشار الرشوة والمحسوبية، وفساد المحليات والمصالح الحكومية، كل هذا التدني الأخلاقى ونحن شعب متدين بالفطرة.

والسؤال: هل الدولة مسئولة عن أخلاق مواطنيها؟، نعم، ويجب على الدولة أن ترقى بأخلاق الشعب من خلال التعليم والثقافة والفن والرياضة، فمن العوامل المتسببة في التدني الأخلاقي انتشار القيم المادية والإدمان، وزيادة سلوكيات الزحام من مشاعر الغضب السريع والتوتر وانعدام الشعور بالاستقرار النفسي، حتى كلمات الاعتذار اختفت مهما كان حجم الخطأ.

لن نتغير إلا إذا واجهنا أنفسنا بأننا شعب متدين على مزاجه، وأننا يجب علاجنا من مرض "الستيريوتيب" وهو التفكير النمطي ووضع الشعب والدين والوطن في قوالب وشعارات، نرددها حتى نصدقها ونحيا في الوهم وندمن أحلام اليقظة.

الشعب المصري متدين بالفطرة لأنه آمن بالثواب والعقاب في الحياة الآخرة، وكان دائماً متديناً مخلصاً للديانة التى يعتنقها، وتبقى المشكلة أن إفساد الشعوب المتدينة لا يكون بإبعادها عن الدين بل بإفساد تدينها، بمعنى أن يتم إفساد فهم المتدين لدينه، فالشعب المصرى متدين بالفطرة ولكن تدينه منقوص.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز