عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
"الاستفتاء على بقاء الرئيس"

"الاستفتاء على بقاء الرئيس"

بقلم : د. محمد فاروق

المُشاهد والمُعاصر لهذه الحقبة العجيبة والفترة الأصعب في تاريخ العالم أجمع بكل بلدانه ، سيكون مجرد إضافة سلبية لعدد البشر على هذه الأرض إذا لم يُعمل عقله ، لينظر ، ويرى ، ويدقق ، ويُقارن ما بين الآونة الحالية وما سبقها ، حتى يستطيع على الأقل أن يحكم على الأشياء ، من هذا المنطلق و عبر هذه المشاهدة والمقارنة يكون الاستفتاء على اختيار الشخص الإشارة إليه بأفعاله لتجديد الثقة في بقاءه من عدمه . فالمقارنات الآن ما بين الماضي والحاضر أشبه بتقييم الأداء ، آخذين في ذلك محاور متعددة تخص الظرف والوقت والكيفية ، دونما أن نُعلق على تلك المحاور أخطاء أو تراخي وإهمال .



وبحسب الجملة المصرية الشهيرة " تضرب تقلب " فإن الأرض من حولنا بالفعل " تضرب تقلب " .. تحديات تواجه دول العالم أجمع ، حروب عسكرية ، ومؤامرات سياسية عسكرية اقتصادية ، وذراع إرهابي يتم استخدامه كأداة لتنفيذ مصالح ومخططات صهيوأمريكية ، وحروب بالوكالة ، وجيل رابع من الحروب غير التقليدية ، ولا أبلغ من تفسير ما نمر به إلا الآية الكريمة " ظًلماتُُ بعضُها فوقَ بعض ، إذا أخرجَ يَدهُ لم يكد يراها " .. لا تستطيع التنبؤ بما سيحدث خلال الساعة القادمة ، والأمر يتطلب رجال وعقول تمتلك صفات استثنائية لقيادة المرحلة والتعامل مع مقتضياتها  !

وهنا يبقى السؤال الأهم لمدخل المقارنات ، والذي يفرض نفسه علينا جميعاً " ماذا فعلنا في الفترة الباردة التي مضت " ؟!

إذا كنا تحت كل هذه الضوضاء والضغوط والمتغيرات والتحديات اليومية والحرب على الإرهاب والعمل على تحييد المؤامرات الخارجية و الحد من مظاهر الحراك الثوري وما يحمله من خيانة داخلية لأطراف عديدة تخدم مصالح وأجندات مختلفة " إخوانية أو غيرها " في ظل هذه الصراعات التي جعلت الحالة المصرية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً " تضرب تقلب " استطعنا أن نلتمس النور ونتحسس الطريق الصحيح حتى وضعنا أقدامنا على عتبات المستقبل بالرغم من السواد الحالك الذي نُسج من حولنا بفعل فاعل  !

أعود و أسأل " ماذا فعلنا في الفترة الباردة " ؟!

أكثر من ثلاثة عقود من الرخاء السياسي والأمني عاشها الرئيس الأسبق وأنظمته المُتهالكة على مدار ثلاثون عاماً ، لم يجُل بخاطره أن يتحرك خطوة واحدة إلى المستقبل ! كل برامجه وسياساته كانت تقف انتباه لتخدم فقط " البقاء الآمن " في السلطة ، سياسات اقتصادية لا تتعدى المعنى الحقيقي للجملة الشهيرة " الشيء لزوم الشيء وفقط " ! .. وإذا لم تستطع سياساته إنقاذ ذلك " الشيء " ووقعت أي كارثة ، خرج علينا بالجملة التي لم تُفارق حديثه طيلة فترة بقاءه " إنتوا كتير " ! نظرية جديدة في عالم السلطة " الشعب الذي يُعاني منه الرئيس " " شعب بيعكنن على الرئيس "

ماهي المشاريع الكبرى التي أدرَّت على موارد مصر شيئاً يُذكر طيلة ثلاثة عقود ؟! لا تتحدث عن قطاع السياحة أيها القارئ ، هذا ليس مشروعاً ، والعائد من هذا القطاع لا يرتقي أبداً بمقام دولة تمتلك آثاراً من بينها أحد عجائب الدنيا السبعة وغيرها ! ماهو سعر صرف الجنيه المصري في العام 1980م مقابل العملات الأجنبية والعربية ؟! وما هو الوضع عند تخليه عن منصب الرئيس في 2011م ؟! ماهي التحالفات الاستراتيجية السياسية والعسكرية والدبلوماسية التي تمت وخدمت التوجهات المصرية في ثلاث عقود ؟! هذا بالإضافة إلى أن مصر خرجت من حرب الخليج في أول التسعينات " بلا مديونية خارجية " .. " صفر ديون خارجية " ناهيك عن حالة الرضا السياسية العالمية التي حازت عليها مصر لقاء مشاركتها في حرب التحرير ، فماذا فعلنا بهذه الجائزة ؟!

الكثير والكثير من الأمثلة التي تُتيح الفرصة لإثبات قناعاتي بمدى الجهد المبذول من الإدارة والنظام الحالي الذي تولى أمرنا في أحلك الفترات التي تمر بمصر ، والمنطقة العربية ، والعالم أجمع ! مقابل فترة باردة وطويلة كنا نستطيع خلالها القفز إلى مصاف الدول المتقدمة .

ما الذي منع النظام الأسبق من حفر قناة السويس الجديدة طيلة ثلاثون عاماً من الفترة الباردة ؟! وكيف استطاع النظام الحالي تحقيق هذا الحلم في ظل هذه الفترة شديدة السواد ؟! لم تكن الحدود مُشتعلة ، لم تكن سوريا والعراق وليبيا في خبر كان ! لم تكن هناك حرباً شرسة تضرب سيناء ضد الإرهاب وتستنزف جهداً ووقتاً ومالاً من ميزانية الدولة والمؤسسة العسكرية ! ومع ذلك فإن مشاركة هذه المؤسسة العظيمة في الحياة المدنية أصبحت درعاً اقتصادياً واقياً يحمي بقدر استطاعته حياة الشعب المصري واحتياجاته اليومية ، لم يقتصر دورها على أمن الحدود أو الأمن الداخلي القومي ، بل امتد أثره إلى المساهمة في كَبح جِماح المُستغلين والفاسدين من تُجار القوت اليومي للسلع الاستراتيجية ! فمن أين تأتي هذه العزيمة ؟! ولماذا كانت غائبة ومُستكينة طيلة الفترة الباردة ؟!

ما الذي منع النظام الأسبق من البحث عن سياسات اقتصادية تؤدي بالضرورة إلى الاكتفاء الذاتي من القمح على سبيل المثال ؟! لماذا نرى الآن مشاريع الصوامع والغلال التي جاءت لتكون أحد أهم أدوات الاكتفاء الذاتي من لقمة العيش ؟! وكيف استطاع النظام الحالي في هذه الفترة الوجيزة والمُلتهبة والمزدحمة بالملفات الخطيرة أن يضع أولوياته في شتى مناحي الأمن القومي !بل إننا حققنا اكتفاءً ذاتياً من القمح ، ونعاني مع ذلك من الفساد التي حاك بتلك المنظومة ، فما بالك إذا كانت بغير فساد؟

كيف لهذا النظام الحالي أن يُعالج مصر من فيروس الوباء الكبدي الذي عانت منه الملايين طوال عقدين كاملين في عام واحد ؟ والخطة هي انتهاء ذلك المرض وأثره بحلول 2018

كيف لهذا النظام أن ينتهي من الأنفاق المؤدية بمياه نهر النيل إلى سيناء مباشرةً لبدء رحلة التعمير الحقيقي ؟! وكيف له أن ينتهي من أنفاق الطرق البرية لمد جسور الصلة بين سيناء الحبيبة ومدينة السويس ومدن الجمهورية بالتبعيَّة ! ضربة مزدوجة للتعمير وللقضاء على الإرهاب بعد تحويل الصحراء الجرداء التي ظلت هكذا منذ تحريرها مرتعاً للمخربين وفئران الإرهاب وعصابات التهريب ومخططات حماس !

كيف لهذا النظام أن يُعيد العلاقات الخارجية مع روسيا والصين وتلك القارة الواعدة حتى يصل بتلك العلاقة إلى دعوته لحضور أكبر قمة اقتصادية لم تحضرها مصر منذ نشأة تلك المجموعة في العام 1999م ؟ قمة العشرين G20 في هذا العام ستكون بحضور مصر كدولة واعدة تحتل مرتبة رفيعة من حيث الفرص الاستثمارية وحضور البنيَّة الأساسية بقوة عبر شبكة الطرق الحديثة ، وتغطية الطاقة الكهربائية لكافة احتياجات المستثمرين في شتى القطاعات ! كيف استطعنا التغلب على مشكلة الطاقة ؟ كيف قمنا بتنفيذ شبكة الطرق التي لا ينكرها إلا جاحد وكاره في ظل هذه الظروف الطاحنة ؟! ألا يُبرر ذلك بعض المعاناة التي يتعرض لها الشعب من غلاء أسعار أو تخفيض بعض الدعم ؟! لكن الكثيرين من هذا الشعب يحمدون الله أن معاناتهم الآن تأتي في إطار البناء لمستقبل جديد ، فهو شعب عانى طيلة عقود من تحمُل الأعباء " على فاشوش " ومصيره أن يُعاني ذلك التحمُل مرة أخرى " ولكن على هدىً و نور " ! فهل يتذكر القارئ وقت آخر زيارة قام بها الرئيس الأسبق لروسيا والصين ؟! أو بالأحرى وحتى لا نذهب للتاريخ البعيد ، هل يتذكر القارئ جولات الرئيس السيسي الخارجية خلال عامين فقط؟! إذا ذكرناها جميعُها أعتقد سنرسم أطلس العالم في رحلات لا يستع المقام والمقال لذكرها !

الكثير من المقارنات الفاضحة لا يتسع المقام لذكرها ، لكنها مقارنات لا تقتصر على الفارق بين النظامين على الإطلاق ! وإلا سيكون المقال مجرد " بكاء على اللبن المسكوب ".

هذه المقارنات تأتي رداً على جهات متعددة أعماها قلبها في أن تُبصر وتتحسس ما يقوم به النظام الحالي وما يحمله على أكتافه من صراعات وتحديات قرر أن يخوضها حباً في مصر وشعبها ، هذه المقارنات تأتي لترد على أبناء مبارك تارة ، ثم على جهل الإعلام الفضائي والمقروء تارة ، ثم على الفصيل الهائج الثوري تارة أخرى ! تلك المقارنات هي الاستفتاء الحقيقي الذي ينبغي أن يوضع أمام الناس لتأكيد استحقاق هذا الرجل لولاية مصر لفترة ثانية ! وليس على غرار ما يقدمه أحمد موسى وأمثاله من سطحية وفراغ عقلي وفضائي دونما أن يقترب من مقارنات الماضي بالحاضر حتى لا يُزعج فصيل المُرجفين في الأرض من أمثاله حاملي لواء الدفاع عن الرئيس الأسبق ! هذا الرجل قرر أن يشتري المستقبل لشعب مصر ، لا أن يشتري سكوت شعب مصر بالمستقبل . والله من وراء القصد .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز