.. والحكومة حريصة علي إيه !

بقلم : محمد يوسف العزيزى

عندما يتحدث رئيس الوزراء أو أي وزير في الوزارة ويقول .. الدولة حريصة علي كذا وكذا فهو بهذا التصريح يلقي بالكرة في ملعب الجميع ، فتشيع المسئولية ويتفرق دمها بين كل مؤسسات الدولة ويصبح من الصعب تحديد المسئولية عند التقصير أو الخطأ !

وحيث أن تعريف الدولة هو إقليم ( أرض ) وشعب وسلطة فإن الخلط بين مفهوم الدولة والسلطة باعتبارهما شيء واحد يصبح خطأ متعمدا ، صحيح الدولة بكل أركانها ومؤسساتها يجب أن تكون حريصة علي كل ما يهم الشعب بحكم وظيفتها الأساسية وإلا تعرضت للسقوط والفشل وتحولت إلي شيء آخر .. لذلك عندما يتحدث الوزير أو رئيس الوزراء عن قضية ما أو شأن ما له علاقة بالشعب يجب أن يقول الحكومة حريصة علي كذا و كذا بحكم مسئوليته الدستورية طالما نتحدث عن دولة مؤسسات .

ربما لم يكن هناك ضرورة لكل هذه المقدمة للدخول في موضوع عمل الحكومة وأدائها المتراجع في أماكن كثيرة .. لكن مثل هذه التصريحات تثير اللغط وتخلط الأوراق وتشيع المسئولية كما أسلفت

فعندما يقول رئيس الوزراء : الدولة حريصة علي سرعة إصدار مشروع قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس ، ويحدث كل هذا التأخير بحجة تعديلات علي القانون ، ثم تعديلات علي التعديلات ، ثم ينتج من ذلك حالة عدم رضا أو قلق ويصدر بيان من الكنيسة يعترض وينبه إلي خطورة الأمر وانعكاسه علي الوحدة الوطنية والأمن القومي ، فإن الحكومة بهذا المعني تلقي كرة اللهب في حجر الجميع وتنطلق الشائعات والاجتهادات والأباطيل .. البرلمان يعطل المشروع .. الرئيس غير مهتم بالقضية .. المسلمون متشددون في السماح للمسيحيين ببناء وترميم الكنائس .. وهكذا يصبح الرأي العام نهبا لها ، وبدلا من جسر الهوة بين المصريين يتسع الرتق علي الراتق ونظل ندور في الدائرة الجهنمية .. !

نموذج آخر لعضو في الحكومة وزير السياحة يحيي راشد يتحدث عن الأزمة التي تعاني منها السياحة في الفترة الأخيرة فيصف الراحل ممدوح البلتاجي بالمتميز الذي استطاع وضع السياحة المصرية علي الخريطة العالمية ، مؤكدا أنه لا يملك عصا سحرية لحل مشكلات السياحة  .. إذا كان هذا رأيك في ممدوح البلتاجي وفي تجربته .. ماذا استفدت منها وهي تجربة ماثلة أمامك بتفاصيلها.. ثم إذا كنت لا تملك عصا سحرية بالمعني المجازي.. لماذا قبلت مسئولية هذه الوزارة وأنت لا تملك المؤهلات التي كانت لدي البلتاجي من خلفية إعلامية وطرق عبقرية في الترويج كما تقول ؟

الوزير يستعد لإطلاق حملة مجتمعية لإيضاح الممارسات التي تضر بالسياحة مع القنوات الفضائية تنفق عليها الوزارة ملايين الجنيهات ثم تتوقف كما حدث في مبادرة السياحة الداخلية التي صرفت الوزارة عليها ما يقرب من 90 مليون جنيه ثم توقفت لدراسة النتائج.. طبعا هي السياحة كده في نظر المسئول عنها !

وزير آخر في الحكومة الدكتور جلال السعيد وزير النقل يقول الدولة حريصة علي محدودي الدخل .. ثم يصرح في أحد الفضائيات مؤكدا أن سعر تذكرة المترو بعد الزيادة لن يصل إلى 5 جنيهات، مشيرًا إلى أن الشعب المصري يجب عليه أن يحافظ على المترو لكي يستمر.. ! هل أدرك الوزير خطورة التصريح المفتوح عن زيادة سعر التذكرة ؟ من 10 قروش إلي 5 جنيهات والوزير لا يعرف تحديدا كم تكون الزيادة ؟ تصريح الوزير يطير بسرعة البرق إلي الرئيس .. الرئيس رفع سعر التذكرة إلي 5 جنيهات .. وهات يا هري !

هل أمسك الوزراء في الحكومة ألسنتهم أو فكروا قليلا قبل التصريحات المتعجلة ؟ هل أدركت الحكومة كم المشاكل التي تصدرها للرأي العام نتيجة قلة الخبرة في مخاطبة الناس ؟ هل يدرك أعضاء الحكومة أن كل ما يقولونه يتحمله الرئيس مباشرة أمام الرأي العام ؟

يا حكومة إذا كنت حريصة علي الغلابة ومحدودي الدخل .. ارمي بياضك .. أو قولي سعادتك حريصة علي إيه بالضبط  !