عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ماذا فعل الكوريون؟؟

ماذا فعل الكوريون؟؟

بقلم : غادة نوارة

هل يصدق الناس أن كوريا الجنوبية التي يعتبر اقتصادها الخامس عشر عالمياً من حيث الناتج المحلي تعرضت لكارثة من أسوأ الكوارث الاقتصادية التي كادت أن تعصف باقتصادها وباقي اقتصاديات النمور الآسيوية؟ 



ففي 1997 تعرضت دول جنوب شرق آسيا ( النمور الآسيوية ) لأزمة اقتصادية غير مسبوقة أدت لانهيار العملات وأسواق الأسهم وأسعار المنقولات الأمر الذي أدى إلى كارثة مالية كبيرة في آسيا ومع انهيار الأعمال التجارية فقد ملايين الأفراد وظائفهم، ولم تخرج هذه الدول من هذه الأزمة إلا بمساعدة صندوق النقد الدولي حيث أطلق برنامج كلفته 125 بليون دولار أمريكي لدعم اقتصاديات إندونيسيا وتايلاند وكوريا الجنوبية بصفة خاصة لأنها كانت أكثر الدول تأثراً بالأزمة بالإضافة لباقي الدول التي تضررت بشكل أقل. 

كانت بداية الأزمة في تايلاندلإنها تعتبر أضعف الحلقاتحيث تراجعت قيمة عملتها –باهت – على نحو غير متوقعنتيجة لأسباب عدة، منها المضاربة على العملة ونمو الواردات بشكل فاق نمو الصادرات لسنوات عدة محدثاً عجزاً متزايداً في الحساب الجاري في ميزان مدفوعات الدولة، كما أن تدفق رؤوس الأموال الأجنبية والتي تأتي في صورة – مودعات قصيرة الأجل - وطبع كميات كبيرة من النقد لتمويل الاحتياجات المالية .. كل هذه الأسباب أدت لانهيار قيمة العملة التايلاندية (باهت) ونتيجة للعلاقات التجارية الوثيقة التي تربط بين الدول الآسيوية انتقلت العدوىمن تايلاند إلى ماليزيا وكوريا الجنوبية وإندونيسيا وانتشرالهلع الذي امتد للدول المجاورة؛ وكما تتساقط قطع الدومينو تراجعت عملات كل من إندونيسيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا والفلبين وتايوان .. وفي اليابان توقفت الشركات المالية الكبرى وانهارت أكبر عشرة بنوك،وهاجم رؤساء هذه الدول التجارة والمضاربة بالعملة،وأعلن مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا أن تجارة العملة تجارة غير أخلاقية ويجب توقفها .. وغرقت أسواق الأسهم بشكل عام في كل هذه الدول، وحدث عجز مالي وهربت رؤوس الأموال الأجنبية مما كان له تأثير مدمر وواسع المدى على اقتصاديات العديد من دول المنطقة وانهارت الأسواق المالية لهذه الدول ما أدى لأكبر اضطراب مالي في المنطقة. 

ولذلك كان صندوق النقد الدولي (والذي تعتبر أمريكا المساهم الأكبر فيه وبالتالي المتحكم والمهيمن عليه) بمثابة اللاعب الأساسي في تنسيق الدعم النقدي لاقتصاديات الدولالآسيوية وانتشالها من هذه الكارثة، حيث ساعد ذلك في تجميع قواها مع اتخاذها إجراءات صارمة لخفض العجز في ميزان المدفوعات،وقامت باصلاحات اقتصادية وإعادة البناء وتجاوزت الأزمة بنجاح، وبات اقتصادها أكثر استقرار بل وفي حالة نمو هائل ومستمر وتطور كبير، فاقتصادات عدة منها أصبحت من أقوى الاقتصاديات في العالم.

حدثت هذه الأزمات في تلك الدول ولم تكن هذه الدول تمر بظروف سياسية واقتصادية واجتماعية استثنائية وصعبة؛فلم تقم فيها ثورات أتت على الأخضر واليابس وأدت لهروب رؤوس الأموال وتوقف السياحة وتوقف التصدير ولم تكن خزينتها خاوية على عروشها، ولم تشهد اضطرابات سياسية ولا اضربات عمالية ولا إرهاب يعيث في الأرض فساداً، ولا جماعة إرهابية تعمل بكل ما أوتيت من قوة لإنهاك وإضعاف وإرباك واستنزاف قدرات الدولة المصرية ومحاولة إحداث شلل في مؤسساتها، ولم تكن هذه الدول تعاني من فساد انتشر فيها كما تنتشر النار في الهشيم، ولم تكن على أبوابها زلازل ما يسمى بالربيع العربي والتي تتربص بها والذي أدى لتدمير الدول من حولها .. وكانت القوة العظمى تساعد هذه الدول لتخرج من كبوتها؛ لتقف قوية أمام عدوها اللدود القديم الشيوعي روسيا(ومعه حليفه كوريا الشمالية)ومنافسها الاقتصادي القوي الصين، والحيلولة دون تحول هذه الأزمة لأزمة عالمية وانتقالها إليها. 

وما تمر به مصر من أزمة اقتصادية ذكرت الكثير من أسبابها فيما سبق بالإضافة لنفس السبب الذي أدى لحدوث أزمة مالية ضخمة في تايلاند أثرت على اقتصادات الدول المجاورة وكادت أن تعصف بها (بالرغم من النمو الاقتصادي الهائل الذي حققته النمور الآسيوية) وهو المضاربة على العملة في تايلاند حيث كانت من أهم الأسباب التي أدت لهذه الأزمة وهو ما حدث ويحدث في مصر حتى الآن حيث يتكالب المصريون على شراء الدولار سواء في حاجة له أو في غير حاجة هذا بخلاف انخفاض تحويلات المصريين العاملين في الخارج نتيجة ظهور سماسرة الاخوان. 

وفي كوريا الجنوبية انتشرت الحملات الشعبية الضخمة في أنحاء البلاد للمساعدة في تخطي هذه الأزمة الاقتصادية وقام الكوريون بالتبرع بالذهبلانتشال بلدهم من عثرتها، ولم يكن هؤلاء الكوريون سفهاء ولا جهلاء ولا عبيد بيادة عندما وقفوا في صفوف طويلة لساعات للتبرع بمجوهراتهم لدعم اقتصاد بلدهم .. وكان شعار الحملة " جمع الذهب في حب الوطن " واستطاعوا تجميع 227 طن من الذهب في غضون بضعة أشهر .. وبعض الإجراءات الاقتصاديةالصارمة التي اتخذتها الحكومة الكورية وقبل مرور ثلاث سنوات استطاعوا سداد قرض الصندوق والنهوض من عثرتهم مرة أخرى. 

وإذا عرفنا أن المصريين ينفقون أموالاً طائلة في أشياء ليست ضرورية ندرك أننا نستطيع فعل الكثير؛ فحجمإنفاقنا السنوي على السجائر تتراوح بين 30 – 40 مليار جنيه والكلام في الموبيل 33 مليار جنيه وحجم انفاقنا على السياحة الخارجية 23 مليار جنيه .. ونستورد ملابس ب 3 مليار دولار .. بالإضافة لثمن المدربين الأجانب وسعر اللاعبين وانتقالهم من نادي لآخر والذي يساوي ملايين الجنيهات، هذا بخلاف التبذير الحكومي الذي يحتاج مقالاً خاصاً، نستطيع جميعاً كل المصريين القادرين والفنانين والإعلاميين ورجال الأعمال لنكون القدوة في تقديم بعض التضحية والدعم لتتجاوز بلدنا الصعاب وتخطو للأمام.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز