عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الربيع القاسي!

الربيع القاسي!

بقلم : د. طه جزاع

في تقرير صادم نشره مؤخرا المنتدى الاستراتيجي العربي تحت عنوان ( تكلفة الربيع العربي ) جاء فيه ان الدول العربية تكبدت خسائر فادحة نتيجة ( ثورات الربيع العربي ) تقدر بأكثر من 833 مليار دولار أميركي ، فضلا عن مليون و 34 ألف قتيل وجريح نتيجة للحروب والعمليات الارهابية وأحداث تلك الثورات التي اندلعت مابين عامي 2010 و 2014 .  وتمثل الخسائر المالية تكلفة اعادة البنية التحتية المدمرة وخسائر الناتج المحلي والسياحة وخسائر أسواق الأسهم والاستثمارات والعمالة وتكلفة ايواء اللاجئين ، اذ تسبب الربيع العربي– وفق التقرير – الى تشريد أكثر من 14 مليون لاجيء بلغت تكلفتهم مايزيد على 48  مليار دولار !



هذه الأرقام المخيفة ، هي أرقام ليست وهمية أو مبالغ فيها ، لأنها استندت على معلومات صادرة عن البنك الدولي ، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، ومؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية ، ومكتب تنسيق الشؤون الانسانية ، والمركز التجاري العالمي التابع لمنظمة التجارة العالمية وغيرها من الجهات الدولية المعنية الموثوقة ، كما انها ليست نهائية ، فالأفق لازال مفتوحا في عدد من البلدان العربية للمزيد من شلالات الدماء ، وللمزيد من التدمير الذي طال مدنا عربية كبرى لم يبق فيها حجر على حجر ، وللمزيد من القتل والتهجير والنزوح الذي نتجت عنه ان مدنا كانت ذات يوم مزدحمة بالسكان ومتدفقة بالحياة ، باتت اليوم مجرد خرائب تسكنها الأشباح والكلاب السائبة والقطط الجائعة والفئران المذعورة بعد ان قتل الكثير من أبنائها ، أو سلم من له بقية حظ في الخروج منها قبل فوات الأوان مشردا هائما في الصحارى والفيافي حالما بالحصول على ( خيمة ) تأوي اسرته وأطفاله في مخيم للاجئين بانتظار المساعدات الدولية ومعوناث الاغاثة الانسانية التي لم تكن اي من البلدان العربية  بحاجة اليها قبل ان تحل عليها بركات ثورات الربيع !

تقرير ( تكلفة الربيع العربي ) صدر لمناسبة انطلاق أعمال الدورة الثامنة للمنتدى الاستراتيجي العربي في دبي بمشاركة نخبة من الخبراء وقادة الرأي من كل أنحاء العالم لرصد واستشراف مستقبل المنطقة العربية والعالم ، ومما قاله رئيس المنتدى محمد عبد الله القرقاوي ( سواء اتفقنا مع الربيع العربي أو اختلفنا معه كشعوب عربية ، لكن من المهم النظر للربيع العربي في سياق حضاري وتاريخي أدى الى تراجع تنموي حاد في المنطقة ، وتسبب في ضياع فرص اقتصادية وتنموية هائلة خلال السنوات السابقة ، ودمر بنى تحتية استثمرت فيها الشعوب عقودا وقرونا طويلة لبنائها ) .

لا أحد يمكنه أن يتنكر لدماء الشباب التي سالت على مذبح الحرية للتخلص من سطوة الدكتاتوريات العربية وتسلطها على مقدرات البلاد والعباد ، ابتداء من بائع البسطية التونسي محمد بوعزيزي الذي أشعل النار في جسده فألهب نار الثورة التي امتدت الى عدد من البلدان العربية وأطاحت برؤساء وغيرت أنظمة ، لكن لم يكن في الحسبان أبدا أن يتم استغلالها من قوى خارجية وداخلية ظالمة لتتحول نتائج هذه الثورات الى مثل هذه الكوارث التي لحقت بالعرب منذ ذلك الحدث ولحد الان ، وما زالت الفاتورة مستمرة ، دماء ومالا وبناء وانسانا وحاضرا ومستقبلا .

فاتورة الربيع العربي قاسية جدا .. جدا .. والأقسى ان ( الربيع ) مازال مستمرا !

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز