عاجل
الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الضاحكة الحزينة

الضاحكة الحزينة

بقلم : هويدا عطا

من بعيد تبدو كالسحر الراقص عبر الأضواء النافذة الى قلب البحر المسكون بالغموض  والعتمة ،تلفنى موسيقاها الرائعة فتملأنى من أولى الى أخرى بالرغبة ثانية فى الحياة ،كلما صعدت الدرج التى تجلس على رأسها ...لايفوتنى أبدا  الالتفات الى وجهها الضاحك الحزين ،رغم مايبدو عليه من قسمات مكتنزة ،تعرف جيدا كيف تخبئ الأحزان والالام عن الاخرين بمهارة فائقة ،ربما دفعتنى تلك القسمات الى هذا التساؤل الحائر والدائم عن ماهية الارتباط بين السمنة والموسيقى ،فلطالما ارتبطت بمخيلتى هذه الصورة الراسخة عن الموسيقيين النحفاء ...وكأنما الموسيقى فعلت فعلها بهم وأذابتهم فى هواها ،أرغمتهم على الوجد والسهر والعشق الدرامى الذى ينقص أوازنهم
مرات عديدة أحاوال أن أطل من خجلى ...وأرنو الى الى ذات الاسم المجهول لأشكرها على ماتبعثه من سعادة وفرح كبيرين فى نفسى وقلبى الواهنين ،كلما سرت فى أذنى أنسيابية تلك القوالب الموسيقية المتقنة بعناية ،وحينما أقتربت منها فى المرة الأولى ...لم أصدق ما قدمته لى من مفاجأة موسيقية سعيدة ،وكأنها كانت تفهم  ماتحدثنى به نفسى دائما (آه  لو كانت تلك العازفة الأجنبية تعرف أو تجيد عزف بعض المقطوعات الموسيقية العربية الشهيرة )وقد كان لى ما أردت .
حليم ...فريد ...عبد الوهاب ...أم كلثوم ...وفيروز،أحتفالية فنية رائعة كانت فى أنتظارى  بمجرد أن لمحت فى عينى تلك الرغبة القديمة ...وهى حقا تتقن عزف موسيقاها بمهارة وأحساس راقيين ،لم أصدق ما سمعته  وماتركه فى نفسى من أثر جعلنى أقفز اليها مسرعة قبل كل شئ ،كلما دعتنى الحاجة الى الذهاب للمجمع الثقافى
وليمة من الذكريات تتخم  رأسى وتزحمه ،وأنا أحث السير اليها والى موسيقاها التى تصدح فى المكان كله،وتخرج من كل الجدران والأبواب المغلقة والردهات العتيقة المنطوية على غموض الوقت .الذى يظل صامدا ونحن نتبدل حوله فى بلاهة عجيبة
راحة الحياة ...وراحتها الرحبة أستشعرها هناك على أطراف أناملها المتعبة...ولطالما تخيلت هذا وقلت لنفسى هى تمنحنا السعادة والزاد الروحانى لمحبة المكان والزمان ...ربما هى لاتشعر بهذا ...ربما تئن من وجع هذه الأنامل الناعمة والنغمة الحالمة ...ربما تمنت ان تمتهن ولو يوما واحد ا حرفة أخرى تغترف منها رحيق  العيش ...وتقاوم بها رغبات النفس المجنونة الشاطحة حتى الجهل بحقيقة الخلود...لطالما أصيبت بخيبة الرجاء والهزيمة النكراء ،كلما تجادلت مع من يظنون انهم يملكون الحقيقة
كلما أرتقيت سلالم هذا البناء العتيق...تصاعدت أفكارى وأحلام يقظتى ...وعلا صوت الموسيقى أكثر وأكثرحتى بلغ كل الأرجاء ...لكن هذا لم يعقنى أبدا عن الامساك بتلك الترانيم الموسيقية  التى تعزفها جوليا الروسية ..الأحب الى نفسى،فأنهل منها ،وأستزيد من نهرها ..زادا أصبر به على عتمات ماتبقى من الوقت الواهم
هنيئا أيتها القيثارة البشرية ..حينما تبتسمين فى وجهى كلما لمحتك من بعيد..مرحبة ببعض الكلمات العربية ذات اللكنة الروسية المتكسرة اللذيذة..لتصنعى وليمة من التألف الانسانى الراقى رغم ماتخبئينه وراء ستائرك الحانية من أشواك والام لمستها عن قرب ،حينما جمعتنى بك رقصة البيانو الأخيرة



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز